ضمن نشاطاته الثقافية المتعددة، استضاف النادي الثقافي/طرعان يوم أمس الثلاثاء الموافق 19/04/2016 كلاً من الأديب محمد نفاع ومدير معهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية-حيفا عصام مخول، في لقاء ثقافي نوعي ومميز، حضره لفيف من أعضاء النادي وأصدقائه. ومن الجدير ذكره، أن هذا النشاط يتم بدعم ورعاية المجلس المحلي طرعان.

افتتح اللقاء وأداره د. محمد خليل مرحبًا بالحضور، وبالضيفين العزيزين في بلدهما الثاني طرعان، ثم تطرق، في مقدمة موجزة، إلى مسيرة حياة كل منهما الحافلة بالنشاط والعطاء. فكلاهما غنيٌّ عن التعريف، وكلٌّ في مجاله. محمد نفاع، أديب من الرعيل الأول، صاحب تجربة غنية في مجال الأدب والثقافة، وله باع طويل أيضًا في المجال السياسي، وهو إذا ما عدَّ الأدباء، في مشهد حركتنا الأدبية والثقافية، فإنه يقف في الصف الأول، لافتًا إلى ضرورة أن تبقى السياسة في خدمة الأدب وليس العكس. وعن آخر إصداراته رواية "فاطمة" قال: قرأت فاطمة وتمتعت بها جدًا. "فاطمة" اسم عربي أصيل، جذوره عريقة موغلة في عمق التاريخ. تنتمي "فاطمة" إلى "الرواية" الفلسطينية المكتوبة في مواجهة "الرواية" الأخرى! هي رواية الأرض بامتياز لأن الصراع أيضًا على التاريخ والذاكرة! يتمحور المتن الحكائي بـ "فاطمة" حول المرأة ودورها الحاسم في صنع الحدث بالمجتمع!

عصام مخول، رئيس معهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في حيفا، ينشط في مجال الدراسات الفكرية والثقافية والسياسية الفلسطينية والإسرائيلية بالأساس. كان له دور بارز في تأسيس وقيادة الحركة الطلابية العربية في الجامعات الإسرائيلية، وبرز دوره المنهجي في العمل البرلماني حيث خدم في الدورتين الـ-15 والـ-16 للكنيست، وارتبط اسمه بإجبار الكنيست على إدراج موضوع السياسة النووية الإسرائيلية على جدول أعمالها لأول مرة في تاريخها، وطرح موضوع الخطر النووي الإسرائيلي محليا وإقليميا وعالميا.

بعدها استمع الحضور إلى نبذة عن النادي الثقافي/طرعان وعن أهدافه والظروف التي أوجبت تأسيسه قبل خمس سنوات تقريبًا، وعن مجمل النشاطات التي يقوم بها النادي، وختم بالقول: بما أننا محكومون بالأمل دائمًا، كما يقول طيب الذكر سعد الله ونُّوس، فسنبقى محكومين بالأمل وبالعمل معًا. من خلال تلك النشاطات، نعمل على تطوير أنفسنا ومجتمعنا، في مختلف مجالات الحياة: الأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية الخ..

ثم كانت الكلمة للأديب محمد نفاع، فاستهل كلمته بالقول: إنه كان محظوظا بأن تتلمذ على يد ابن طرعان الأستاذ المربي لطيف سلامة مُدَّ في عمره، وأن شغفه باللغة العربية قد تأسس على يد معلمه ومدير مدرسته الأول في بيت جن المربي والأديب الراحل حنا فارس مخول ، ومن ثَمَّ على يد المربي والشاعر طيب الذكر شكيب جهشان. ثم استعرض واقع الحركة الأدبية المحلية منذ نكبة عام 1948، منوِّهًا إلى أنها اليوم محظوظة بوجود مجموعة لا بأس بها من المبدعات والمبدعين في مختلف الأجناس الأدبية. كما دعا إلى صقل المواهب الأدبية وشحذ الأقلام الناشئة، وعدم التسرع بالإصدار والنشر قبل اختمار الخبرة واكتمال التجربة، وذلك عن طريق اكتساب المزيد من القراءة والثقافة والمطالعة. كذلك، حث على المزيد من النقد الأدبي الموضوعي والجريء في مشهد الحركة الأدبية، باعتباره ضرورة لا غنى عنها لأجل تطور الأدب ورفع مستواه بكافة ألوانه.

بعد ذلك قدم رئيس معهد إميل توما عصام مخول محاضرة قيِّمة وشاملة استعرض من خلالها الواقع السياسي اليوم وقضايا الساعة، محليًا وإقليميًا، مشيرًا إلى أبعاد ومخاطر سياسة الصلف والعربدة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية اليمينية ورئيسها المتطرف بنيامين نتنياهو، والملامح الفاشية لسياسة حكومته على المستويين الداخلي والخارجي. مشيرا إلى أن الاستفزاز الإسرائيلي الذي رافق عقد مجلس الوزراء جلسة في الأراضي السورية المحتلة، واعتبار الجولان أراض إسرائيلية إلى الأبد، يشكل تحديا استفزازيا سافرًا للعالم بأسره، ولا يقيم أي وزن أو اعتبار للمواثيق والقوانين الدولية بما فيها الأمم المتحدة وقراراتها. كذلك، شرح مخول أسباب ودوافع تلك السياسة المدعومة من الرجعية العربية وخيانتها العظمى، المتمثلة بالسعودية وقطر ومن على شاكلتهما، وقال: إن عمق الصلف العدواني الإسرائيلي كعمق التواطؤ الرجعي العربي مع إسرائيل والتحالف السافر معها في خدمة المشروع الامبريالي في المنطقة. كما توقف عند الواقع العربي الراهن بما في ذلك حرب الإرهاب الكونية ضد سوريا منذ خمس سنوات، مؤكدا على أن التحالف الصهيوني الوهابي لن يهدأ له بال ، أمام هزيمة العدوان الإرهابي على سوريا لتفكيكها وتفتيت شعبها، ولن يرضى بفرض الاستقرار في سوريا، وأكد أن حكومة الرفض والتطرف الإسرائيلية تعد العدة لعدوان جديد على لبنان والمقاومة اللبنانية لخلط الأوراق من جديد في المنطقة ومنع أي حل سياسي في سوريا.

في ختام اللقاء شكر الحضور الضيفين ثم فتح المجال أمام المداخلات وتقديم الأسئلة، مما أثرى النقاش، على أمل استمرار مثل تلك اللقاءات الحيوية مستقبلاً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]