دفع ارتفاع أسعار الأسماك الطازجة، المُصّطادة بالواجهة البحرية لقطاع غزة المواطن محمد خليل إلى شراء الأسماك المجمدة، من أحد المحال التي تبيع اللحوم والأسماك المجمدة، والتي باتت منتشرة بكثرة في القطاع.

واشترى خليل (47 عامًا) من المحل سمك "سُلّطان إبراهيم" وبلغ سعر الكيلو الواحد عليه 20 شيكل (الدولار الأميركيّ يساوي 3.8 شواكل إسرائيليّة)، في حين أنه يُباع في سوق الأسماك الطازجة بسعر مُضاعف.

ويعاني قطاع غزة من نقص شديد في الموارد السمكية، رُغم وقوع القطاع على ساحل البحر، والاستغلال الأمثل له متوقف بسبب الإجراءات الإسرائيلية.

ويسّتعجب المواطن من أن غزة تعيش على شاطئ البحر؛ إلا أن سكانها لا يتمتعون بالأسماك التي تعيشُ فيه، ويستدرك بقوله: "الاحتلال هو سبب مأساتنا في الطعام والشراب والتعليم.. وكافة مرافق الحياة".

وأضاف: أنه كان يأمل أن توفر زيادة مساحة الصيد الجديدة والممنوحة للصيادين، كميات أكبر من الأسماك وتخفض من سعره، إلا أن ذلك بعيد المنال.

ضعف الصيد

وعن حجم الإقبال على الأسماك المجمدة، يوضح مسؤول إحدى شركات المجمدات بغزة محمود لبد أن هناك إقبالًا كبيرًا على الأسماك المجمدة لدى المواطنين بغزة، مُرّجعًا ذلك إلى ضعف صيد الأسماك ببحر غزة، الإضافة إلى ارتفاع أسعار الدجاج.

ويبين لبد لوكالة "صفا" أن المحل الذي يشرف عليه يحتوي على العديد من الأصناف المجمدة؛ إلا أن الإقبال الأكبر للزبائن على قسم مجمدات الأسماك، ويلفت إلى أنهم لم يتأثروا مطلقًا بزيادة مساحة الصيد.

وسمح الاحتلال بداية أبريل الجاري بزيادة مساحة الصيد لتسعة أميال جنوب وادي غزة و6 أميال شماله.

ويقول نقيب الصيادين نزار عياش إن: "زيادة مساحة الصيد كانت مخيّبة للتوقعات من حيث الكميات المصطادة"، لافتًا إلى أن عملية الصيد كانت "ضعيفة جدًا".

حاجة السوق

ويشير عياش لوكالة "صفا" إلى أن كمية الصيد لا تغطي حاجة السوق المحلي، مشيرًا إلى أن الصيادين بحاجة لمساحة صيد لا تقل عن 12 ميل، والتي من الممكن أن يتوفر بها أسماك بكثرة، وذلك بسبب توافر مناطق صخرية بها.

وتنص اتفاقية أوسلو وما تبعها من بروتوكولات اقتصادية، على حق صيادي قطاع غزة بالإبحار لمسافة 20 ميلاً، بهدف صيد الأسماك، إلا أن ذلك لم ينفذ منذ 15 عامًا.

ويضيف نقيب الصيادين أن صيادي المراكب لا يتمتعون بحريتهم في المناطق المتاحة الآن، ويتعرضون يوميًا للمضايقات من البحرية الإسرائيلية، ويُطلق عليهم النار، وتُضخ المياه داخل مراكبهم.

مساحة قليلة

الصياد عرفات الركن والذي خرج بحثًا عن رزقه مع أول يوم لزيادة مساحة الصيد، يوضح أن تلك الزيادة غير كافية، ولا يتوفر بها أسماك؛ لأنها مناطق رملية، ويلفت إلى أن الاحتلال خدعهم بزيادة مساحة الصيد.

ويعرب الركن لوكالة "صفا" عن صدمته جراء رحلة الصيد الأخيرة التي قطعها بعد زيادة مساحة الصيد، ويأسف من أن هذه الرحلة لم تُدرّ عليه سوى 50 شيكل فقط، في حين أن كُلّفة الرحلة قاربت 2500 شيكل.

وبحسب نقابة الصيادين فإن هناك نحو 4 آلاف صياد يعملون بشكل شبه يومي على صيد الأسماك؛ ويعيلون أكثر من 50 ألف فرد.

المقياس العالمي

وتُقدّر الكميات المصطادة من قبل صيادي قطاع غزة، العام الماضي بـ 3050 طنًا، وفق بيانات الإحصاء السمكي للإدارة العامة للثروة السمكية بوزارة الزراعة بغزة.

ويوضح في هذا الشأن، مدير دائرة الخدمات بالإدارة العامة للثروة السمكية جهاد صلاح أن غزة بحاجة إلى 12000 طن سنويًا لتغطية احتياجات سكان القطاع من الثروة السمكية.

ويلفت صلاح لوكالة "صفا" إلى متوسط استهلاك الفرد في قطاع غزة من الإنتاج المحلي والاستيراد حسب الدراسات هو 5 كغم للفرد، في حين أن المقياس العالمي يتراوح بين 10-11 كغم.

ويوضح أنه في حال إتاحة الوصول إلى مساحة 12 ميل فإن الإنتاج المحلي قد يفوق 5000 طن، في حين أن أفضل حالات الإنتاج التي وصل إليها صيادو غزة كانت 4000 طن عام 1997م، مرجعًا ذلك إلى تطور معدات الصيد لدى الصيادين.

وفي محاولة للتغلب الوزارة للتغلب على قلة الأسماك بالقطاع، يلفت صلاح إلى أن وزارة الزراعة تعمل على زيادة الإنتاج من خلال الاستزراع السمكي، كي تقلص الفجوة الجارية.

ولفت إلى أن الاستزراع السمكي نما في السنوات الأربع الأخيرة، ووصل إنتاجه إلى 230 طن عام 2015م، متوقعًا أن تصل إلى ما يقارب 750 طن العام الجاري.

وتعد الفترة من (1967-1978م)، العصر الذهبي لمهنة صيد الأسماك بغزة، ويعود ذلك إلى مساحة الصيد المتاحة، والتي وصلت إلى 110 ميل، ووصلت الكميات المُصطاد في تلك الفترة إلى 60 طناً يوميًا، إلا أن قوات الاحتلال حاصرت الصيد وقصلت مساحته تباعًا.

الغالبية

ويكشف الوكيل المساعد السابق بوزارة الاقتصاد بغزة عماد الباز أن قطاع غزة يستورد سنويًا ما مقداره 1500 طن من الأسماك المجمدة، مرّجعًا ذلك إلى محدودية الكميات المُصطادة.

ويبين الباز لوكالة "صفا" أن غالبية سكان قطاع غزة يتّجهون إلى الأسماك المجمدة لأنها تباع بسعر معقول نسبيًا وفي متناول الجميع، مقارنةً بأسعار الأسماك الطازجة التي تصطاد ببحر غزة والمعهود عليها أنها مرتفعة الثمن.

ويلفت إلى أن ما يتم استيراده من خارج فلسطين هي أسماك تتوافر في بحر غزة، إلا أن منع الاحتلال للصيادين من الدخول لأميال أعمق هو ما يقلل من الكميات المصطادة، ويأمل أن يضغط المجتمع الدولي على الاحتلال من أجل توسيع مساحة الصيد.

ومن أهم أنواع السمك المُصّطادة في بحر القطاع السّردينة، طرخوّنة، ملّيطة، وسفّرنة، سُلطان إبراهيم، مرّميرّ، سكمُبلا، غُبّس، حَباري، جَمبري، كنّعن.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]