نجحت لجنة الأوقاف بمدينة عكا بتسجيل خان العمدان بالطابو في قسم الأراضي بوزارة القضاء الاسرائيلية كملكية خاصة لوقف جامع الجزار الذي يتبع له الخان، وبذلك يكون الخان قد انتُزع من سلطات الاحتلال التي استولت عليه منذ النكبة عام 1948.

ولم يأت قرار إعادة الخان لملكية الأوقاف الإسلامية من فراغ أو بمبادرة من المحكمة، وإنما بعد جهود قانونية وشبابية ورسمية فلسطينية مضنية استمرت على مدار 7 أعوام.

وخان العمدان بناه الحاكم أحمد باشا الجزار سنة 1785 خلال فترة الحكم العثماني، ويقع في البلدة القديمة لمدينة عكا، وهو مبنى مربع الشكل من طابقين، يرتكز على أعمدة من الجرانيت جلبها الجزار من قيسارية.

ويعتبر خان العمدان من أجمل المعالم العربية والإسلامية المتبقية في أرضينا المحتلة عام الـ48، وأشهرها في فلسطين، وفي عام 1948 قام الاحتلال بتطهير البلدة عرقياً بالكامل، والاستيلاء على أوقافها ومن بينها الخان.

انجاز تاريخي

ويقول نائب رئيس لجنة الأوقاف بعكا الطيب خلايلة لوكالة "صفا"، إن الخان سيعود لوقفه الإسلامي رسميًا الأحد المقبل، وذلك بعد الانتهاء من بعض الإجراءات التقنية تتبع انجاز تسجيله في الطابو.

ويعتبر بكل قوة أن عودة الخان لوقفه الإسلامي وانتزاعه من سلطات الاحتلال، يشكل إنجازًا تاريخيًا لأول مرة منذ احتلال أملاك الوقف الإسلامي عام 1948.

وتحاول ما تسمى بشركة "تطوير عكا" التي تستولي على معظم أوقاف وأملاك الغائبين بالمدينة، فرض شروط تعجيزية على الأوقاف مقابل استعادتها.

وبدأت الشركة المذكورة باستخدام الخان للتأجير عام 1962 بعد تركه أعوامًا منذ النكبة، وفي الأعوام السبعة الأخيرة تكاثفت الجهود الفلسطينية لإيجاد منفذ قانوني لاستعادته، سيما وأن الاحتلال لا يفتأ بمخططات تهويده.

‏ولكن خلايلة يؤكد أن قرار استعادة الخان لم يأت بأي مقابل، وإنما بفضل جهود الفريق المتطوع في اللجنة للعمل على استعادة الأوقاف، الذي لطالما استفادت المؤسسة الإسرائيلية من تأجيره ونهب أرباحه لصالحها وحرمان أهل المدينة منه.

ويقول "هذه الشركة في أساس مسماها وتأسيسها تعمل لهدف واحد وهو تطيير أهل عكا، وقد استولت على مدار السنوات الماضية على 90% من الأوقاف في المدينة، وتؤجرها رغمًا عنا لجهات يهودية وتستثمر الأموال لها".

ويضيف "اليوم استطعنا انتزاع باب العمدان من احتلال هذه الشركة، والتي تقايضنا في مسيرة استعادة مباني الوقف بمقابل، وهو إن دل فإنما يدلل على أنها شركة احتلال وأوقافنا إسلامية بحتة".

وسعت "تطوير عكا" الإسرائيلية قبل صدور قرار تسجيل الخان بملكية خاصة للأوقاف، لتقديم عطاء لتأجير خان العمدان من أجل بناء فندق يهودي.

وتستخدم "اسرائيل" ما يسمى بـ "قانون أملاك الغائبين" الذي أقره الكنيست عام 1950، للاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا عنها إلى مناطق ‏أخرى نتيجة احتلال فلسطين 1948، ويسمح بموجبه بوضع ممتلكاتهم تحت ‏تصرف "القيّم على أموال الغائبين".

استثماره لأهل عكا

وسبق أن أعلنت ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" ووزارة السياحة الإسرائيلية عن مناقصة لبيع الخان عام 2013، وتحويله إلى فندق يضم 200 غرفة، وهو ما قوبل بردة فعل غاضبة وسط أهالي المدينة.

ونظراً لكثرة أعمدة الخان أطلق عليه اسم خان العمدان، ويعني "فندق الأعمدة"، وهو مدرج ضمن قائمة الإرث العالمي في منظمة "يونسكو".

ويؤكد نائب رئيس لجنة الأوقاف أنه سيتم استثمار مبنى الخان وتأجيره بحيث يخدم سكان البلدة القديمة بعكا، والذين دافعوا عن الخان وتصدوا لمؤامرات بيعه لليهود طوال الأعوام الماضية.

ويفيد أن الخان يحتوي على غرف تصلح بأن تكون محالًا تجارية على الطابق الأرضي، فيما يمكن استغلال الطابق الثاني كفندق مميز بحكم موقع الخان المطل على البحر.

وبحكم قرب موقعه من الميناء كان يستخدم للتجارة الدولية وتفريغ واستلام البضائع خاصة الحبوب، حيث كانت تصل عكا على مدار الموسم آلاف الجمال المحملة بالحبوب لشحنها عبر البحر، وكان التجار والزوار ينزلون في خانات المدينة وأشهرها خان العمدان وخان الفرنج وخان الشواردة.

وبعد هذا الإنجاز، لن تتوقف مسيرة لجنة الأوقاف في العمل على تسجيل كافة أملاك الخان كملكية خاصة، لمنع تهويد سلطات الاحتلال لها مستقبلًا.

وفي هذا الشأن، تدعو اللجنة أهالي عكا لسرعة تسجيل أملاكهم في الطابو بأسرع وقت، لمنع أي تزوير أو مصادرة فيها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]