أجرت لجنة مكانة المرأة والمساواة الجندرية، برئاسة النائبة عايدة توما-سليمان (الجبهة – القائمة المشتركة)، يوم الثلاثاء الأخير (16.02.16) نقاشًا مشتركًا مع لجنة التربية، الثقافة والرياضة بموضوع "برامج وزارة التربية والتعليم للمساواة الجندرية والتربية الجنسية". هذا وشارك في الجلسة مندوبون عن وزارة التربية والتعليم، مرشدات ومرشدين في هذه البرامج، عشرات الناشطات، الباحثات والباحثين في مجال التربية والجنسانية والمساواة الجندرية، إضافة إلى طلاب وطالبات ممثلين عن المدارس التي تمرر فيها بعض هذه البرامج والذين تحدثوا عن تجاربهم والتغيير في المفاهيم لديهم بعد الانكشاف على هذه المضامين والمشاريع التربوية.

افتتحت توما-سليمان الجلسة بقولها أنه "كلّما يطرح موضوع التربية للمساواة الجندرية في هذه اللجنة يجيبونني أن هذه المضامين موجودة في إطار مشروع التدريب على "قدرات للحياة"، كذلك الأمر بالنسبة لمضامين التربية الجنسانية وجملة من المواضيع التي نوقشت في هذه اللجنة وبشكل عام". واستطردت أن جلسة اليوم "ستناقش ماهية المضامين التي تندرج ضمن هذه البرامج والمشاريع، هل هذه المضامين شاملة ووافية وهل يتم تنفيذ البرامج المكتوبة فعليًا وعلى أرض الواقع؟" كما وأكّدت على الاختلاف الواضح في نوعية المضامين، عناوين البرامج وتطبيقها بين العرب واليهود؛ وأكملت أنه "على سبيل المثال، الفتيات العربيات يتلقين "تثقيف للحياة الزوجية" وليس للمساواة الجندرية، حيث يظهر للعيان التوجه المغلوط أساسًا في التعامل مع موضوع المساواة الجندرية خاصة في المجتمع العربي والتي أوضّح هنا إن لم يكن واضحًا أن المساواة الجندرية هي مضامين علينا ترسيخها لدى جميع الشرائح".

مشاريع لا تفي بالمطلوب

استعرضت ممثلات وزارة التربية المشاريع التي تطبقها الوزارة في المدارس بعنوان "التربية الجنسانية ومنع الاعتداءات الجنسية" والتي تصل إلى عدد متواضع من الطالبات سنويًا – الأمر الذي يستثني مئات آلاف الطلاب والطالبات من هذه البرامج الهامة. وأكّدت هنا رئيسة اللجنة أن "المسؤولية تقع على وزارة التربية في ترسيخ قيم المساواة الجندرية، حيث لا تصل هذه المضامين إلى جميع الطلاب بشكل متساو ولا يتم تدريب عدد كاف من المرشدات والمرشدين المؤهلين لتمرير هذا المضامين. كذلك، لا يتم تدعيم المعلمين والمعلمات بالأدوات الكافية لكيفية تمرير هذه المضامين لطلابهم في حال لم تتوفر في مدارسهم مشاريع مماثلة ويتم الاتكال في غالب الأحيان على القدرات الفردية والدوافع الشخصية لكل معلم/ة في مضامين التربية الجندرية في حصص التربية الأسبوعية – الأمر الذي يعد غير مهني وغير تربوي. زد على ذلك أن الجمعيات الفاعلة في المجتمع العربي واليهودي لمشاريع التربية الجندرية على اختلاف عناوينها تنجح اليوم في الوصول لعدد طلاب وطالبات أكبر بكثير من ذاك الذي تنجح الوزارة في الوصول إليه – وهو أمر مؤسف بحق".

وبعد الاطلاع على العديد من هذه البرامج، سألت رئيسة اللجنة توما-سليمان أنه "كيف يعقل أن تستطيع معلمة واحدة، مربية صف، أن تمتلك جميع القدرات لتمرير جميع هذه المضامين؟" حيث أجابت ممثلة الوزارة أنه "إن توفرت ميزانيات أكبر سيتم تأهيل عدد أكبر من المرشدين مما سيمكننا من الوصول لعدد أكبر من المدارس والطلاب".

الجمعيات تعمل أكثر من الوزارة

كما وتساءلت السيدة سوسن توما-شقحة من "نساء ضد العنف" حول المواقع التي تمرر فيها برامج وزارة التربية، وقالت أن جمعية نساء ضد العنف وحدها مررت منذ بداية العام أكثر من 300 ورشة في المدارس التي تستقبلهم بترحاب، كون المستشارات التربويات بالكاد يستطعن إنجاز المهام الملقاة على عاتقهن – لذا فيتوجهن لمؤسسات المجتمع المدني لتمرير هذه المضامين".

كما ووصفت ممثلات عن جمعيات تعمل في مجال التربية الجنسانية في المدارس اليهودية عن الصعوبات أمام المعلمات في تناول بعض المضامين وتمريرها لطلابهن مثل الانكشاف – خاصة بين الفتيان- على المضامين الإباحية ودور هذه المضامين في تشكيل الوعي المغلوط لديهم في كل ما يتعلق بالعلاقات الجنسية التي قد تؤدي بالتالي إلى عنف جنسي في المستقبل وعلاقات تشكل خطر على الطرفين، كما وأكّدن على وجود نقص كبير بل تعطّش للتربية والتثقيف في هذا المضمار".

أما النائبة ميراف بن- آري (كولانو)، العضوة في اللجنتين والتي نابت عن رئيس لجنة التربية، الثقافة والرياضة في إدارة هذه الجلسة: "أود تقديم الشكر والعرفان لجميع من حضر هنا لعرض البرامج التي تمرر في المجتمع العربي واليهودي. صحيح أن هذه البرامج محكومة بقيود عديدة إنما علينا أيضًا أن نتذكر أنه في الماضي لم يتعامل أحد مع هذه المضامين واليوم هناك نشاطات عديدة في المجال التي علينا دعمها وتوسيع انتشارها – وهذا ما أريد أن يخرج من هذه الجلسة – الدعوة للتكثيف من الموارد المخصصة لهذه البرامج وأن اللجنتان ستتابعان تطبيق هذه التوصيات أمام وزارات الحكومة المعنية".

كما وأكّدت توما-سليمان أن هذه البرامج معدة "لتطوير المساواة الجندرية التي ترتكز على المساواة بين البشر والاحترام المتبادل وسأقوم بفحص الاختلافات التي أسمع عنها هنا بين المضامين التي تمرر للطلاب اليهود مقابل العرب. كمَن عملت لسنوات طويلة في إحداث تغييرات في مجتمعي أوافق على ضرورة ملاءمة المضامين أحيانًا لأبناء المجتمعات المختلفة لكن ليس على حساب قيم المساواة الجندرية والاعتبارات التقليدية لما هو قد يكون مسموح وممنوع في المجتمع العربي على تنوعه".

في تلخيصها، قالت رئيسة اللجنة توما-سليمان: "إن قضية المساواة الجندرية ضرورية للعمل على صقل وجه المجتمع مستقبلا في هذه البلاد – وهي قضية للأسف غير موجودة على سلم أولويات وزارة التربية. لا يتم توفير الآليات والموارد اللازمة والتي تتيح الوصول لجميع المدارس في جميع البلدات وتغطية المواضيع اللازمة. بالرغم من النقد الموجود حول هذه المضامين – فمن المؤكد أنه علينا جسر الفجوات بين المضامين التي تمرر في الناحية اليهودية لتلك التي تمرر في الناحية العربية". كما وأكدت أنها ستتابع قضايا مراجعة تخصيص الميزانيات لهذه البرامج وضرورة بناء جهاز رقابة على تمرير هذه البرامج في المدارس كما وأن اللجنتان ستتوجهان لوزارة التربية بطلب إدراج موضوع التربية الجندرية كجزء من برامج تأهيل المعلمين والمعلمات. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]