" صار للمفتاح معنى آخر في حياتي..
علّمني مفتاحه ان ليلتي ويومي في سجن الجلمة كانت المفتاح الى عالم من المواجهة ليس فيه تنازل ولا مساومة ولا التفاف على الحق.
"سنلتقي في حيفا"، قلت لأبي سلمى.
بعد شهرين رحل تاركاً المفتاح.. وقد أشبعت قصائده الضائعة بملح البحر... "
رحل عنا اليوم، الكاتب ابن جبل الكرمل، سلمان ناطور، بشكل مفاجئ، ترك صدمة في قلوب محبيه الذين لم يصدقوا النبأ، فنعوه ببالغ الحزن والأسى خبر وفاته، ودعوا معه 35 عاما في العمل على تدوين الذاكرة الفلسطينية ونشر رواية النكبة الشفوية.
سلمان ناطور، ودع محبيه على غفلة، ورحل اليوم، " 15.2.2016"، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا وثقافيًا، وصداقة لن تزول، وحياة مهنية عريقة، ماذا قال محبوه، وكيف ودعوه؟
جعفر فرح: كان لي الشرف العمل إلى جانبه
كانت الغصة والحزن، مرافقان لصوت مدير مركز مساواة- جعفر فرح، عند الحديث معه، لرثاء الراحل سلمان ناطور، الذي عمل الى جانب الكاتب الفلسطيني الكبير في السنوات الأخيرة، فقال فرح: " عرفته منذ شبابي وقرأت كتبه ومقالاته في الاتحاد والجديد، وكان لي الشرف ان اعمل الى جانبه خلال السنوات الاخيرة وتحولت العلاقة الى علاقة عائلية وشخصية، حيث احب كل من عمل الى جانبه وناقش معنا القيم التي اعتمدناها في عملنا، وكان لنا الشرف ان أصدر كتاب "هي انا والخريف" خلال عمله معنا واحتفلنا في إصدار الكتاب في ساحة مركز الكرمل بحيفا التي أحبها. واحتفلنا معا في تكريمه من قبل مجلس دالية الكرمل والتي أعطته حقه بعد سنوات طويلة من التغريد خارج السرب".
وعن علاقة سلمان بزوجته ندى قال: " سلمان ناطور رافق ندى زوجته في كافة مراحل علاجها الصحية ورافق بناته واولاده واحفاده، الى جانب مرافقته للكتاب الشباب وللمسرحيين والمثقفين في الوطن والشتات"
كما وتحدث فرح عن مرافقته له أثناء تكريمه في عدة بلدات بين رام الله والنقب والمثلث.
وأختتم فرح حديثه: " ناطور كان في السنوات الاخيرة كلمتنا في العالم حيث شارك في عشرات المؤتمرات في باريس وايطاليا وجنوب امريكا والولايات المتحدة. ما كتبه وما ساهم في نشره هو ما يبقيه هذا الانسان الرائع والمحب للبشرية ونحن فخورين بعملنا الى جانبه خلال السنوات الاخيرة وسنعمل على تخليد ذكراه من خلال نشره أدبه".
أمل مرقس: اراجع شريط الذكريات مع سلمان، أرى فيه هدوءه، ودماثة أخلاقه، لطافته، وفكره العميق
أما الفنانة أمل مرقس فرثته بمزيد من الحزن والأسى والدموع، التي كانت تخنق صوتها، حين تواصلنا معها، فقالت: " مصدومة"... وتابعت: " هناك أشخاص حين نقترب منهم، يصبحون أكثر من مجرد أصدقاء، وتتوسع علاقتنا، لتشمل الزوجة وأفراد العائلة. خلال العشر سنوات الأخيرة، بحكم عملي الإعلامي استضفته في برنامجي الإذاعي " رفع الستار" وفي " سهر أمل".
وتابعت: " كان دائمًا بيننا، محادثات مهمة متعلقة بالمشهد الثقافي والفني، قرأت أدبه وأنا صغيرة، وقرأته وأنا كبيرة. كنت دائمًا مطلعة على أدبه وثقافته، حيث توجه لها من أجل مشاركته في أمسياته وأعماله، " ذاكرة"، " كي لا ننسى"، و" سفر على سفر"، حيث طلب مني المشاركة بأغنياتي التي كان يرى فيها امتدادًا للشعب الفلسطيني، والمأخوذة من الأدب المقاوم ومن التراث.
واستمرت في حديثها، كان دائمًا بيننا تقديرًا ودعمًا متبادلاً، وحتى مع زوجته " ندى"، كنت أحب علاقتهما مع بعضهما البعض، وقد رحل عنا في عيد الحُب... أنا حزينة بدرجات عالية، أكدت مجددًا، ومصدومة من سماعي لخبر الوفاة، في هذه اللحظات اراجع شريط الذكريات مع سلمان، أرى فيه هدوءه، ودماثة أخلاقه، لطافته، وفكره العميق، وعطاؤه الكبير للمشهد الثقافي العربي وتحديدًا الفلسطيني، الذي كشفه للوسط اليهودي، وعن مدى اهتمامه أن يتشابك مع المجتمع اليهودي بكرامة وطنية عالية، ويتشابك بالمفهوم الإيجابي، حيث تمت ترجمة كتبه إلى اللغة العبرية وصل أدبه إلى درجة إقناع الطرف الآخر".
كما وتحدثت أمل عن مرافقته له بداية شبابها، لزيارة أدباء وكتاب فلسطينيين أمثال اميل حبيبي وغيره، وكانت لقاءات أدبية وثقافية، تهدف لكشف القضية الفلسطينية من خلال الأدب والفن.
واختتمت حديثها، وصوتها يجهش بالبكاء: " أتمنى، من الجيل الصغير أن يقرأ كتبه وأدبه ويتذكروه بابتسامة، ويقدروا، هذا الكاتب الذي ينتمي إلى بني معروف، كان أمميًا ويعرف كيف يمزج بين الحياة وبين انتمائه الوطني الفلسطيني بجرأة، وبين انتمائه للإنسانية، لقد ربى أولادًا وأحفادًا جميلين، ذكرهم في كتبه، ومن هنا أقدم تعازيي الحارة لعائلته".
محمد علي طه: الراحل كان ناشطًا في الحركة الثقافية وفي العلاقات مع الكتاب العبريين
أما زميله في الاتحاد ورفيقه بالأدب والشعر، الكاتب محمد علي طه، فقد رثاه بهذه الكلمات: "لقد خسرت الحركة الأدبية الفلسطينية كاتبًا كبيرًا، ساهم طيلة 4 عقود في إثرائها، بقصصه ورواياته ومسرحياته، وقد أبدع سلمان في تسجيل رواية المهجرين وأهل القرى المهجرة في عام 48، حيث كتب عنهم أكثر من كتاب وقد امتاز سلمان بمقالاته الساخرة وكان أحد كتابها الساخرين المعروفين.
وتابع طه، لقد كان الراحل سلمان ناطور ناشطًا في الحركة الثقافية وفي العلاقات مع الكتاب العبريين، وسلمان، هو كاتب وطني حارب الطائفية وعمل على ترسيخ الهوية العربية عند أبناء الطائفة المعروفية وعلى ترسيخ الهوية الفلسطينية عن أبناء شعبنا جميعًا.
وعن صداقته به ومعرفته، قال: " عرفت سلمان ناطور منذ بداياته الأدبية، كما عرفته عندما كان يعمل في صحيفة الاتحاد، ثم عمل سكرتيرًا لتحرير مجلة الجديد، وكنت أنا يومئذٍ المحرر الثقافي للاتحاد، كما كنت محررًا لمحرر الجديد فيما بعد، وفي هذه الفترة كنت التقي به يوميًا تقريبًا، وعندما أسسنا اتحاد الكتاب العرب عام 87، كان أحد أعضاء هذا الاتحاد، ثم أصبح في اللجنة التنفيذية للاتحاد أيضًا، وقد شارك في عدة ندوات أدبية في البلاد، وفي الخارج، ومرة أخرى رحيله هو خسارة للحركة الثقافية والأدبية".
المحامي علي حيدر: نبكيك يا ابو أياس وستبقى ذكراك محفورة على قلوب ابناء شعبك
أما المحامي علي حيدر فرثاه بهذه الكلمات الصادقة والتي عبر فيها عن حزنه: " لقد فقدت الساحة الثقافية والادبية العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص هامة ادبية وفكرية كبيرة ورفيعة المستوى وعميقة الرؤية ودقيقة العبارة ألا وهي الأخ والصديق العزيز سلمان ناطور رحمه الله واسكنه فسيح جنانه.
وتابع: "لقد ربطتني بأبو إياس علاقة وثيقة وطيبة في العقد والنصف السابقين. فقد جمعتنا اللقاءات الفكرية والسياسية والثقافية سواءً في الداخل الفلسطيني ورام الله سواءً خارج البلاد.
لقد كان سلمان شخصية طيبة وصادقة مع نفسها ومع الاخرين. كان حاملا وموثقا للذاكرة الفلسطينية وكان ناشطا في الحيز العام حتى الايام الاخيرة من حياته.
لقد لاحظت عن قرب، قدرة سلمان على التواصل والاصغاء وتكوين وصياغة الموقف الوطني والانساني والتعبير عنه بجدية تفرض على الاخرين الاصغاء له.
لقد كان سلمان روائيا وقاصا وممثلا وكاتبا مسرحيا وملقي للشعر وباحث للحالة السياسية والفكرية ومترجما دقيقا ومبدعا.
لقد كان سلمان شخصية متواضعة وبشوشة ذات أريحية. لم يخف سلمان ان يسير بعكس التيار وان يغرد خارج السرب ولم تقيده الانتماءات المذهبية والايدولوجية والقومية بل كان منحازا الى الضعفاء والمظلومين.
لقد كان سلمان انسانا انيقا يحب الجمال ورحوما شفوقا حساسا وخجولا.
لي ذكريات كثيرة مع سلمان..........نبكيك يا ابو أياس وستبقى ذكراك محفورة على قلوب ابناء شعبك وكل من احب الانسانية.
نتقدم بأصدق التعازي لأم اياس وابناء الفقيد بأصدق وابناء عائلته وبلدته وشعبه بأصدق التعازي متمنين لهم طول العمر والصبر والسلوان.
محمد بركة: أبو اياس مثالا للمثقف متعدد الاهتمامات ومتعدد المواهب
وبدوره، نعى رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة، الأديب والشخصية الوطنية سلمان ناطور، الذي رحل عنا مفاجئا وهو في أوج العطاء، وبعد أيام من، من وقوفه على منصة مؤتمر الوحدة الوطنية، في يوم الدعم العالمي لحقوق جماهيرنا العربية، إذ القى كلاما من الصميم، واليوم نقول، إنه ذلك الفرح الذي كان باديا عليه، وكأنه يلقي وصيته الوطنية على ذلك المنبر الوحدوي والتي سنحفظها في مكانة تليق بهذه الشخصية التي أحبها شعبها.
وقال بركة، لقد ربطتني بفقيدنا، أبو إياس، سلمان ناطور، علاقة خاصة التقينا في الدرب الواحد على مدى سنين طويلة، وعرفته كما عرفه الجميع، صاحب الحس الوطني، والابداع الأدبي المميز، فسلمان ناطور يرحل عنا تاركا بصمات بارزة على الأدب الوطني الفلسطيني، واصداراته من كتب ومقالات ومنشورات، هي شاهد على هذا الابداع.
لقد كان أبو اياس مثالا للمثقف متعدد الاهتمامات ومتعدد المواهب فهو الذي كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والأبحاث وتوثيق الرواية والكتابة السياسية والصحفية وتميز بأسلوبه الساخر وكان مطلّا فاعلا على المشهد المحلي وعلى المشهدين الفلسطيني والعربي.
سلمان ناطور نشأ وكبر في جريدة "الاتحاد" وكان محررها الثقافي وفي مجلة " الجديد" وكان رئيس تحريره وكان نشيطا منذ بداياته في النضال ضد التجنيد الاجباري المفروض على أبناء العشيرة المعروفية.
وختم بركة قائلا، إن الرحيل المبكر والمفاجئ لفقيدنا أبو إياس، يترك في نفوسنا حزنا على فراق صديق، وعلى هذه الخسارة لشخصية ترحل وهي في أوج عطائها، فمن المؤكد أن سلمان ناطور رحل وفي جعبته قصة أو أدبا لم يكتمل.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
رحمك اللة ايها الاخ والصديق الوفي فجعنا بفقدانك نطلب من اللة ان يعوضنا خيرا باولادك ويطول بعمر ام اياس .امين يا رب..