لم تكن عملية الهدم التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أسبوع في مدينة الطيبة بالداخل الفلسطيني، سوى نقطة في بحر، من خطة خطيرة أقرتها إسرائيل، لتهجير 500 ألف فلسطيني من منازلهم بأراضي الـ48.
وكشف مخطِط المدن في الداخل المحتل البروفيسور يوسف جبارين، عن خطة أقرتها الحكومة الإسرائيلية ممثلة بوزارة القضاء الإسرائيلي قبل أسابيع، تقضي بهدم 50 ألف منزل.
ويؤكد جبارين في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن الخطة المقرّة تعني وبشكل واضح ونصي طرد وتهجير نصف مليون فلسطيني من منزله، وتفصيلًا 500 ألف مواطن ليس أقل.
ويقول "إن الحكومة ممثلة بالوزارات ذات الشأن وعلى رأسها القضاء، اتخذت قرارًا بتسريع تنفيذ هذه الخطة، بعد الأحداث الأخيرة الذي شهدتها أراضي الـ48 مع بدء الانتفاضة".
ويضيف "الخطة أقر تسريع تنفيذها، لهدف أساسي في الفترة الراهنة، وهو تربية فلسطينيي الداخل وتخويفهم، بالمصطلح الإسرائيلي".
مبـيتة
ويحذر مخطط المدن من أن المشروع التفصيلي لهذه الخطة الخطيرة، والذي ظهرت ملامحه في عملية الهدم الجنونية في مدينة الطيبة، والتي استهدفت هدم منزلين من أصل 10 منازل بمنطقة واحدة.
وكما يقول "العملية كانت مبيتة لهدم 10 منازل بشكل فوري ومرة واحدة، ولكن تدخلات بعض الجهات من نواب، وبالإضافة إلى المواجهة التي حدثت في المكان وغضب الأهالي، أعطت المحكمة العليا قرارًا بوقف عملية الهدم".
ويذهب جبارين للتأكيد على أن الأمر الصادر عن المحكمة، ليس إلا تجميدًا مؤقتًا للهدم، سيتحرك في أيام قادمة.
وهدمت اسرائيل خلال عام 2014 أكثر من ألف منزل فلسطيني في النقب وحده، هدمت ما يقارب هذا العدد أيضًا عام 2015 الجاري، وعشرات المنازل في يافا والرملة واللد.
أما في بلدات الداخل الأخرى بعام 2015، فقد هدمت منازل فلسطينية في قلنسوة والرملة والتي ليس أخرها في المنطقة الغربية بطيبة مطلع الأسبوع الجاري.
البلدات المستهدفة
ويفصّل المخطط جبارين الخطة الإسرائيلية، التي تعتمد على ما سمى بالبناء غير المرخص في عدد المنازل المنوي هدمها.
ويقول "إن فيها 7 ألاف منزل غير مرخص في بلدة الدالية وعسوفيا، و700 منزل في طمرة، وفي أم الفحم 10 ألاف منزل، وفي الطيبة وكفر قاسم ألاف المنازل".
ويحذر من أن تنفيذ هذه الخطة، سيكون درسًا لفلسطينيي الداخل الذين شاركوا في الانتفاضة والمواجهة الأخيرة بسبب جرائم "اسرائيل" ومستوطنيها.
ويضيف "نحن أمام حكومة عنصرية يمينية متطرفة، لن يكون أمامها أي خط أحمر لتهجير المدن التي ذكرتها بكاملها".
ومن وجهة نظره، فإن الحكومة ستتفهم فقط صعوبة الأمر-أي صعوبة هدم هذا الكم من المنازل، وبالتالي فإنها ستتجه لمسلك الهدم بمناطق معينة خلال عام 2016 الجاري.
ويوضح جبارين، أن الهدم سيكون للمنازل الواقعة في مناطق استراتيجية، وتلك الواقعة على أطراف ومشارف البلدات الفلسطينية، وبالتالي من السهولة السيطرة عليها وتنفيذ الهدم بسرعة.
وأيضًا، سيكون التركيز على الهدم في الفترة المقبلة على المنازل الواقعة في الشوارع الأمنية، والتي تشكل خط أمني لدى الحكومة، لأنها تخشى من التوسع الجغرافي للبلدات الواقعة فيها.
ويفيد أيضًا أن الخطة تشمل هدم 40 ألف منزل غير مرخص شرق مدينة القدس المحتلة، ما يعني تهجير هذا الجانب من المدينة.
وعينت إسرائيل في فبراير 2015 طاقمًا أسمته "لجنة الهدم"، وهو برئاسة القائم بأعمال مستشار الحكومة المحامي إيرز كمينيتش.
وصادق المستشار الأحد على توصيات اللجنة، وهي أولًا: إنشاء لجنة تنفيذ دائمة، بالتعاون مع شرطة "إسرائيل" وأذرع تطبيق القانون المختلفة، لمسح كافة أوامر الهدم الهامة للتنفيذ، وما يتم اختياره من أوامر هدم، يُدرج ضمن برنامج عمل لألوية الشرطة لضمان تنفيذها.
ثانيًا: إدخال تطبيق إداري يتلخص برفع الغرامة المالية طالما ظل التجاوز القانوني قائماً.
وقررت طواقم اللجنة وجوب رفع قضية تطبيق أوامر الهدم والغرامات وتنفيذ القانون لأعلى مستوى سياسي.
ردة الفعل والوتيرة
وبهذه المعطيات، سيكون الداخل الفلسطيني أمام مرحلة جديدة صعبة، وتحديدًا مع تعيين المستشار القضائي للحكومة الجديد، الذي باشر تطبيق صلاحياته لتنفيذ أوامر الهدم العالقة علی حد قوله.
ويؤكد جبارين، أن ما يهم حكومة الاحتلال من هذه الخطة هو منع تطور البلدات الفلسطينية الطبيعي والجغرافي، وتلقين الفلسطينيين درسًا نتيجة أحداث "العنف" بالداخل.
ولذلك فستزيد عمليات الهدم 2016 أضعافًا كبيرة عما شهدته الأعوام الماضية، بل إنه لن يكون هناك مقارنة بينها، وفق ما ذهب جبارين.
ويؤكد أن شيئًا لن يؤثر في تسريع أو بطئ عمليات الهدم المنتظرة إلا ردة الفعل لدى المستوى السياسي والجماهيري لفلسطينيي الـ48.
وحسبه، فإن قوة ردة فعل الجماهير ستُراجع من عمليات الهدم، أما إذا اقتصر الأمر على الاحتجاجات الجماهيرية بالتظاهر فقط، فإن وتيرة الهدم ستكون أسرع.
[email protected]
أضف تعليق