يعامل تنظيم "داعش" الصحافيين التابعين له معاملة الأمراء باعتبارهم كوادر الحرب الإعلامية و"الجنود المجهولين" الذين يسهرون للترويج لنشاطات التنظيم اليومية ولتلميع صفحته لاستقطاب مقاتلين جدد.
وليس من باب الصدفة، إيلاء الإهتمام بـ"الجبهة الإعلامية"، فهو التنظيم الوحيد تقريباً الذي نقل الحرب إلى الفضاء الإفتراضي، حيث تأقلم بشكل كبير مع تطور وسائل التواصل والتكنولوجيا وهذا ما جعله يخلق لنفسه وزناً على الساحة بشكل جعل تنظيم "القاعدة" يبدو أمامه هزيلاً وضعيفاً، كما يعتقد بعض خبراء الإرهاب.
لهذا السبب فإن "داعش" يعتبر الصحافيين كوادر مهمة، بل الركن الأساس لحسن سير الأعمال والترويج لنشاطاته اليومية كافة، وفق ما جاء في تقرير أعدّه صحفي يعمل في منظمة "مراسلون بلا حدود" ونشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، الذي اعتبر أن التنظيم يعامل الصحافيين المنضوين تحت رايته، معاملة الأمراء لضمان بقائهم من جهة وولائهم اللامتناهي من جهة أخرى.
في البدء، جاء في التقرير أن التنظيم يتبّع آلية خاصة للترويج عن نفسه يومياً على شبكات التواصل الإجتماعية، فالصحافيون يتكتلون في "ألوية إعلامية"، تجمع المصورين والمراسلين والكتاب والمخرجين وخبراء المونتاج، ولدى معظمهم خبرات سابقة، نقلاً عن جمعية الدفاع عن حقوق الصحافيين.
إمتيازات خاصة لـ"الجنود المجهولين"
ولعل الأهم أن التنظيم يقوم بتدريب الصحافيين على استعمال الأسلحة قبل التفرغ لعملهم الصحفي تحت راية التنظيم، ولكنهم لا يعدوا عناصر مقاتلة عادية، بل يتمتعون بامتيازات معنوية ومالية كثيرة لدرجة أن البعض منهم يتقاضون أجورا تبلغ 7 أضعاف الحد الأدنى للرواتب التي يوزعها داعش على مقاتليه، كما يخصص لهم سيارات للعمل وهواتف ذكية وتجهيزات معلوماتية حديثة تستجيب لآخر صرعات التكنولوجيا.
كما أن صحافيي "داعش" معفيون من دفع الضرائب، حتى أن التنظيم يضع في تصرف عائلات صحافييه الأكثر استحقاقاً وتميزاً، "فيلات" فخمة، كونهم في مقام كبار ضباط "داعش"، أو كما يقال عنهم "الأمراء"، نظراً لتمرسهم وخبراتهم العميقة في المجال الإعلامي.
وهناك قنوات تلفزيونية للتنظيم ومحطة إذاعية تتفرغ كلها لبث الفيديوهات المصورة. وهناك أيضا مجلة تصدر بلغات عدّة لاستقطاب الجمهور الغربي، وهي تنقل الحياة اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش"، إذ تظهر المتشددين وهم يديرون شؤون المدن، وينظمون حركة المرور، أو يتناولون العشاء في المطاعم.
في المقابل لا تشكل أفلام الفيديو التي تركز على الأجواء الإرهابية، سوى 2.13% من مجموع الأشرطة، وهي بمثابة رأس الحربة التي يعتمدها "داعش" لبث الرعب في نفوس الغربيين من جهة، وجذب العنصر الشبابي للالتحاق في صفوف التنظيم، من جهة أخرى.
"داعش" جيش إعلامي حقيقي
فتنظيم "داعش" يطور أفكاره المرعبة والوحشية باستمرار، من جز رؤوس وإبادات جماعية وحرق في الأقفاص وخنق تحت الماء و"فسخ" الأجساد، فكأنها ضرب من نسج خيال مخرجي هوليود، لكنها في الواقع صور حقيقية تهز ضمير العالم أجمع وتزيد من سخطه تجاه هؤولاء "الوحوش الآدميين".
وفي حديث إلى صحيفة "واشنطن بوست"، وصف مصور فيديو نجح في الفرار وعمل سابقاً لصالح التنظيم، بأنهم "جيش إعلامي حقيقي".
كما أن المصوّرون الفوتوغرافيون ومصوّرو الفيديو عند ذهابهم للقيام بالواجب لا يستلمون عادة سوى ورقة عليها ختم "داعش"، لا يذكر فيها سوى المكان الذي يتوجب عليهم الذهاب إليه قصد التصوير، وهم يجهلون ما سيصوّرون، وللتأكد من ولاءهم الأعمى وتنفيذهم الأوامر بحذافيرها وبلا عصيان، يردد على مسامعهم باستمرار عبارات التهديد مثل: تعلمون أنه يمكن أن تحلوا مكان المنكل بهم الذين تصورون مراحل عذابهم.
وعندما ينفذ المصورون مهمّاتهم، يستأثر المخرجون بمحتوى الكاميرات وبعد وضع اللمسات الأخيرة على فيلم الفيديو تحت إشراف قادة التنظيم وصياغة النص المرافق، يحدد تاريخ بثه ونشره.
وذكر التقرير أيضاً أن صحافيي "داعش" هم أهداف مباشرة يبحث عنهم التحالف الدولي للقضاء عليهم، ولقد نجح في تصفية عدد منهم خلال غارات استهدفتهم مباشرة.
المصدر: النهار
[email protected]
أضف تعليق