النظر الى السواد والعتمة يبدو مُخيف، والسير فيهما هو سير نحو المجهول، لكن دائما يبدد النور والضوء عتمة الخوف ويعطي الأمل المرجو، ولعل الجمع بينهما، اللون الأسود والأبيض يدلل على المفاصلة والتمايز بينهما ، بين الظلم والعدل ، بين الحزن والفرح ، بيت الخوف والإطمئنان ، بين الحق والباطل ، بين الألم والأمل ، فللألوان دلالات كما يقول أهل الفن والرسم.
هنا في خيمة مناهضة حظر الحركة الإسلامية التي ما زالت تقيمها منذ أكثر من شهر لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية ، على احدى ربوات مدينة ام الفحم ، ينظم معرض رسومات دائم هو نتاج لمهرجان فني تضامني ضد قرار حظر الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح ، الذي أصدره وزير جيش حكومة نتنياهو ، تنفيذا لقرار الكابينيت الوزاري .
في هذا المعرض الذي يطمع أن يستقطب الجمهور والمتابعين ، رسومات ولوحات فنية معبرة وتحمل رسائل واضحة ومباشرة ، وهناك رسومات مركبة بحاجة الى طول نظر وتدقيق وتحليل تحمل معان عدة وعميقة يصعب اكتشافها من النظرة الأولى، اللون الأسود والأبيض غالب ، لون العلم الفلسطيني بارز ، اللون الأحمر الصاخب والأصفر الفاقع متكرر، الوجه والعين الدامعة أو الشاحبة ، تضمنتها العديد من الرسومات ، الورد والصبر والطفولة والمعذبة تلفت انتباهك في أكثر من رسمة ، مشاعر متوقدة كانت هي الموجهة ليد عدد من الرسامين الحرفيين المبتدئين من الداخل شاركوا في ورشة رسم فني مؤخراً نتج عنه هذا المعرض ، الذي يستحق الزيارة .
تعبير عن ألم وصراع وصمود وصبر متجذر في وجه الظلم
يقول الفنان حمزة ( كريم) أبو شقرة ، أحد المشاركين في فعالية الرسم ، أن هذه الفعالية جاءت من فنانين في الداخل الفلسطيني أحبوا أن يتضامنوا مع الحركة الإسلامية على طريقتهم، وعبر وسيلة وهبهم الله إياها ، ورسوماتهم شكلت تعبير عن معاناة شعب ، معاناة شخص ، هؤلاء الفنانين ، عبر تجسيدهم الفني ، عبروا عن وقفة مع الحركة الإسلامية ، وضد وحظرها ، فنان تخيل وشعر في الحظر ، وركب هذا الشعور من خلال الشكل واللون ، ومن خلال الألوان والأشكال يرسم لوحة .
ويضيف أنه ملاحظ على ما يبدو في اللاوعي كل لوحات الرسامين الفنانين تصب في مصب واحد تقريباً، تعبير مشترك، لون، شكل مضمون، اللوحات تجسد مثلا معاناة ، صراع ، صرخة من كل فنان لقرار حظر الحركة الإسلامية ، في أغلب اللوحات يجمع اللون الأسود والأبيض ، وهناك اللون الأحمر الصاخب ، والذي يسشير الى الصراع الداخلي ، شعور شخص متوجع ، محاصر مشحون ، يريد أن يفرغ طاقته” .
أما عن الرسمة التي رسمها يقول وهو يقف أمامها: “هذه الرسمة رسمتها يوم مهرجان فني للتضامن مع الحركة الإسلامية، بسبب حظرها ،
وإغلاق مؤسسات أهلية خيرية، رسمت هذه اللوحة في نصفها قبة الصخرة ونصفها الآخر المكمل هو وجه الشيخ رائد صلاح ، الشيخ رائد صلاح طبعاً اذا ذكرت المسجد الأقصى وقبة الصخرة تلقائياً تذكر شخصية الشيخ رائد صلاح ، مع رأس الخيل ، حسب رأيي الفني يمثل الخيل العربي الأصيل ، الذي يرمز للقوة والصبر ، وإيمانه ووفائه لصاحبه ، وعلاقته المترابطة والوثيقه معه ، مع طيرين من الحمام، بشكل عام الطيور ترمز الى الطمأنينة والسلام ، عن الهدوء ، وزيادة على كل هذا ، رسمت هذه الطيور للجمع بين مسرى الرسول – صلى الله عليه وسلم – وربطها قصة الرسول مع الأقصى وقصة هجرة النبي الى المدينة المنورة ، هذه صورة مركبة ، من خلال هذه الرسمة/اللوحة ، المشاهد بعطيه صورة من شعور فنان اتجاه هذا الشخص ،الذي هو رئيس الحركة الإسلامية .
قبضة اليد تمثل التجذر والعزيمة القوية
أمام صورة تحمل صور قبضة اليد واسم الحركة الإسلامية وقف يحيى سوطري من مدينة الناصرة، يقول: “الذي جذبني في هذه الرسمة القبضة ، والعنوان ، يدلل ان الحركة الإسلامية التي تربينا على تعاليمها ، وهي وتعاليم الإسلام ،كما تدلل على التجذر والصمود والعزيمة القوية ، كما تدلل على للحركة الإسلامية في قلبنا مكان كبير، نحن الذين نتربى في حضن الحركة الإسلامية ، ولعل اللون الأسود والأبيض ، يدلل على الحق والباطل ، فالحق لا يغطى بعباءة ، والحق غلاب .
سيبيد الضوء عتمة الظلم والظلام
شخص يحمل لافتة كتب عليها “الحرية ” وسط مصباح في وسط الظلمة ، صورة الضور وسط العتمة تمثل بحسب محمود أحمد جبارين الذي أعجب بهذه اللوحة والرسمة الفنية ، بأنه رغم الظلام ورغم الظلم ،فهناك بقعة ضوء تظهر وسط العتمة ، وهي التي تمثل الحرية للمظلومين والمقهورين ، وهذه نقطة الضوء ستنعكس على الظلام وتبيد هذا الظلام ،وسيشع الضوء ويتلأأ رغم العتمة والألم .
الحظر قرار أسود ولكن هذا لن يغطي شمس الإسلام
شمس الحرية ساطعة ، ولن يعيق نورها أي شيء ، وكذلك الحال شمس الإسلام ساطعة ، هكذا يقول مصطفى جميل عن نفس الصورة السابقة ، لكنه أيضا معجب بصورة الشجرة التي كتب فوقها كلمة لا وسط شمس ساطعة ، الوردة او الشجرة التي يميل لونها الى السواد ، دلالة على أن قر ار الحظر قرار أسود، ولكن هذا لن يغطي شمس الإسلام ولا شمس العطاء والخدمة لمجتمعنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني ، مهما حاولوا ، الإسلام جذوره في الأرض وفروعه في السماء.
أما عن اللون الأسود والأبيض فيرجح أنه طبيعي عند الرسامين ، إذ أنهم يقصدون محاكاة وتجسيد الواقع عبر رسوماتهم ، الواقع أن قرار الحظر هو قرار أسود ، قرار ظالم قرار تعسفي ، فاللون الذي يليق بهذا الحدث ، هو الأسود ، لكن في كل الصور في المعرض بحسب جميل فيها أمل ، من ضمن ومن قلب السواد يخرج النور ، ويخرج الأمل ، وهذا دلالة أن قرار الحظر سيتم تجاوزه ، ولو حظروا ، لن يعيق مسيرة مشوار مبادئها وأفكارها .
ويضيف أن هذا المعرض فيه صور جميلة ، ومعبرة ودلالتها قوية ، وحقيقة أهل الفن يتذوقوا هذه الأمور ، ويعتنوا بها ، فالرسم أداة للتعبير عن مشاعرك، عن آلامك ، عن آمالك ، هذه الرسومات تحمل الألم وتحمل الأمل ، في كثير من الرسومات فيها أمل قوي ، أدعو بكل قوة الى زيارة هذا المعرض الجميل المعبر والمؤثر في آن واحد .
[email protected]
أضف تعليق