أصبحت الأزمة السورية مع مرور الأيام هي أصعب أزمات العالم الحالية، فهذه الشعب الجميل الوطني الحُر والنشيط، الذي كان يستقبل كل المنكوبين العرب من كافة الدول، كان يستقبلهم ويحتضنهم وكأنهم في بيتهم، أصبح جزء كبير منه اليوم يبحث عن من يستقبله، يناجي من يعطيه الحياة، لا الحياة الكريمة ولا حقوق الإنسان، بل الحياة فقط، وذلك اثر الأحداث التي تشهدها سورية منذ عام 2011 وانتشار الإرهاب فيها بشكل لم تشهد مثله دول العالم قط.
الحياة.. فقط
يبحث اللاجئ السوري عن أي مكان يأويه، ومن الشمال السوري حيث يتفشى تنظيم "داعش" الإرهابي يهرب الأهالي إلى تركيا ومن هناك إلى أوروبا، إما عبر تركيا أو عبر البحر إلى اليونان ثم مقدونيا ثم أوروبا أو عبر طرق أخرى، وفي الجزر اليونانية يصل من يحالفه الحظ ولا يغرق إلى الضفاف بحالة سيئة جدًا، وهنالك تستقبله جماعات المتطوعين، فيقدمون له العلاجات والطعام ويسهلون له طريقه إلى أوروبا، ومن بين المتطوعين هنالك مجموعات وأفراد من الداخل الفلسطيني.
نادر بدارنة، فاتن شفيق كبها ويوسف أبو بكر سافروا منذ أيام إلى اليونان بمبادرة شخصية كعمل تطوعي وبدأوا فور وصولهم بأعمال المساعدة، ليشاهدوا أبشع ما تخيلوا أن يشاهدوه في حياتهم، أو حتى ما لم تستطع مخيلتهم تصويره، ليشاهدوا الذل والهوان الذي يعيشه أبناء سورية التي لطالما كانت حاضنة للمقاومة وللعروبة.
15-20 قاربًا يوميًا
يقول الناشط نادر بدارنة لـ"بـُكرا": خرجنا بمبادرة شخصية كعمل تطوعي ومع وصولنا انضممنا لمجموعة تدعى "تيم هيومنتي" تأسست سابقًا على يد شابين فلسطيني وعراقي، وهي أكبر مؤسسة هنا.
وتابع: وضع السوريين هنا سيء جدًا، يعبرون نحو 20 كيلومتر بالبحر، خفر السواحل التركي يحاول دائما اعتراضهم وايذائهم، يوميًا يصل ما يقارب 15 إلى 20 قارب، قبل يومين وصل نحو 30 قارب، دائمًا نحن على تواصل مع أشخاص على الحدود التركية ويرسلون لنا معلومات عن تواجدهم، ونحن بدورنا نخرج بقوارب إلى المياه الدولية حيث نساعدهم للوصول نحو الشاطئ، هنالك العديد من المتطوعين من مختلف دول العالم بينهم فلسطينيين من الداخل قدموا مثلنا، بمبادرات شخصية.
مأساة كبيرة
وحول العمل التطوعي الذي يقومون به قالأ: نستقبل اللاجئين، نمكنهم ونساعدهم بتغيير ملابسهم، نقدم لهم الطعام والتدفئة وننقلهم للمخيم عن طريق منظمة الأونروا، ينامون ليلة واحدة ثم يقدون لهم شهادة مكان الهوية ثم يسافرون بالباخرة إلى العاصمة اليونانية أثينا ثم إلى مقدونيا فدول أوروبا الاخرى، لا شيء يمكن أن يوصف الحال هنا، لا الإعلام ولا الصور، مأساة كبيرة وكارثية يعيشها أخوتنا السوريين.
وأضاف: منظمة الـ"تيم هيومنتي" هي أكبر المنظمات هنا وتساعد الجميع واعضائها كثر وتقدم كافة المساعدات الممكنة لكل لاجئ.
1800 دولار تذكرة الصعود للقارب المهرب!
وقال بدارنة أيضًا: هنالك عمليات تهريب لاجئين تخرج من تركيا، يدفع اللاجئ نحو 1000-1800 دولار وكل قارب معد ليحمل 15-20 شخص يحملونه الأتراك بـ40-60 شخص، إجرام بمعنى الكلمة، استغلال رهيب وتجارة بالبشر لا مثيل لها.
[email protected]
أضف تعليق