اختُتم، قبل قليل، اليوم الدراسي الذي دعا إليه "كيان – تنظيم نسوي" بالتعاون مع بلدية شفاعمرو ومجموعة نساء القلعة، تحت عنوان "دور المشغلين/ات العرب في تطوير مكانة النساء العربيات في سوق العمل والذي يتناول موضوع الإجحاف والتمييز الذي تعاني منه النساء العاملات عامة والعاملات لدى مشغلين/ات عرب خاصة، حيث تطرق لعدة جوانب، منها المتعلقة بمسؤولية مجتمعنا وقياداته، مسؤولية الدولة ومؤسساتها، دور الشغلين/ات ودور النساء انفسهن، كما وتم عرض معطيات واحصائيات حول الموضوع والتي اظهرت شدة وعمق التمييز.هذا وقد شارك في اليوم الدراسي اكثر من 200 شخص، منهم: نساء من شفامرو والمنطقة، رئيس بلدية شفاعمرو امين عنبتاوي، رئيس لجنة مكانة المراة في بلدية شفاعمرو مراد حداد، عضوة الكنيست حنين زعبي، اضافة للمتحدثين/ت في الندوات وعدد من المشغلين.
افتتحت أعمال اليوم الدراسي، هناء حمدان- عضوة إدارة في جمعية كيان، مرحبةً بالمشاركين/ات ومؤكدة على أهمية وضع قضية النساء العاملات على الاجندة العامة واثنت على الدور الريادي الذي تقوم به كيان من خلال عملها، الجماهيري والقانوني، المتواصل في الحقل من أجل العيش في مجتمع متنوّع، آمن، عادل وخالٍ من التمييز الجندري، وتحظى النساء العربيات الفلسطينيات، من خلال هذا المجتمع، على تكافؤ في الفرص، بهدف تحقيق الذات وأخذ دور فعال ومؤثر في المجتمع في كافة مرافق الحياة.
وشدّدت حمدان، على أنّ جمعية كيان تؤمن بضرورة العمل المشترك والتشبيك مع كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة، ولهذا كانت محاولة تطوير شراكة وتعاون مع المشغلين العرب رغم صعوبة الموضوع وعدم تعاون الأغلب حتى الان. وتطرقت أيضًا لأهمية أخذ احتياجات النساء من قبل السلطات المحلية وإشراكهن في العمل المحلي، وفي هذا الباب تحدثت عن المشروع المشترك بين البلدية وكيان والذي يهدف الى تطوير قيادات نسائيّة في العمل الجماهيري، مِن نتاجه حتى الآن بناء وبلورة مجموعة نسائيّة، "مجموعة نساء القلعة"، والتي مرّت بمسار تمكين ذاتي وجماهيري وقامت بعدة حلقات بيتية نسائيّة بهدف الاطلاع على احتياجات النساء في البلد وهي في صدد بناء برنامج عمل طويل الأمد.
تلى هناء حمدان، رئيس بلدية شفاعمرو أمين عنبتاوي، الذي رحب بالمشاركين/ات وتحدث عن أهمية ما تقوم به جمعية كيان وأثنى على المبادرة بتنظيم هذا اليوم وطرح موضوع عمل النساء العربيات، وقال في كلمته: "إنّ تطوير مكانة المرأة اقتصاديًا يجب ان يكون مطلب شعبي جماهيري، ويجب أن تتكاثف الجهود في السلطات المحلية بالتعاون مع جميع الأطر والجمعيات المسؤولة بهدف المُساهَمة بتطوير وتحسين ظروف المرأة".
وثمّن رئيس بلدية شفاعمرو على ما اعتبره نقطة انطلاق لبرنامج طويل الأمد، وأضاف أنّ المشاركة والاهتمام يثلج الصدر. ودعا عنبتاوي المشغلين إلى المشاركة في مثل هذه البرامج مِن أجل رِفعة المرأة، وأضاف: "كرئيس بلدية وكفرد من أفراد المجتمع، سأعمل ما بوسعي لفتح المجال أمام المرأة وضرورة دعمها في تحصيل فرص عمل، والهدف من ذلك كما قال رئيس بلدية شفاعمرو، لا يقتصر على التطوير الاقتصادي او تطوير الأسرة ماديًا واقتصاديًا انما هو أيضًا تطوير فكري وبيئي وثقافي وفني، وفقط من خلال تطوير النساء في مجالات العمل، يمكن الرُقي بمجتمعنا إلى أعلى المراتب".
تأثير تشغيل المرأة على الاقتصاد المجتمع الفلسطيني في الداخل
في الندوة الاولى للمؤتمر، كان محور الحديث عن "ظروف تشغيل المرأة العربية وأثره على اقتصاد المجتمع الفلسطيني في الداخل"، وفي هذا السياق تطرقت راوية حندقلو، محامية في كيان: إلى وضعية النساء العربيات وظروف تشغيلها، فقالت: "إنّ ظروف التشغيل المجحفة التي تعاني منها النساء العربيات في سوق العمل مسؤولية جميع المشغلين، والقيادات ومؤسسات الدولة". وأضافت: لقد حان الوقت لطرح أهمية دور المشغلين عامة والمشغلين العرب خاصة في تغيير واقع العاملات العربيات وتحويلهم لشركاء في هذا النضال، فلا يُعقل ان تحصل امراة عاملة لدى مشغل عربي على 10 ش"ج مقابل الساعة مثلا وألا تحظى، غالبا، على الحقوق الأساسية التي يمليها القانون".
وتابعت حندلقو: من جهة اخرى نحن على علم ودراية بالتحديات الاقتصادية التي يواجهها المشغلون العرب من تمييز مؤسساتي ومجتمعي، لكنّ هذا لا يشرعن طرق التشغيل غير قانونية والمجحفة بحق النساء والمجتمع، وعلى المشغلين تذويت أهمية التشغيل العادل والفائدة الاقتصادية والمجتمعية التي تعود عليهم نتيجة التشغيل القانوني والعادل مع التأكيد على ضرورة تشغيل النساء، وأنّ انتهاك حقوقها هو ليس الحل للربح وتطوير المصالح، فعلى المشغلين العرب طرح صعوباتهم على قياداتنا المحليّة والمؤسسات المسؤولة وايجاد الحلول المناسبة لهم".
إياد سنونو يتحدث عن اقتصاد المجتمع العربي وتأثيره على اقتصاد الدولة
وفي مداخلته الهامّة، تطرّق الاقتصادي إيا سنونو إلى الاقتصاد في المجتمع العربي وتاثيره على اقتصاد الدولة، وأكد أنّ الأبحاث تشير أنّ استثمار الدولة بتطوير سوق العمل للنساء العربيات، سيعود بمردود يوازي زيادة في الناتج القومي تقدّر ما بين %3.5 الى 7.3%. ويبرهن سوق العمل الإسرائيلي على أنّ الاستثمار المُجدي هو يتم من خلال تطوير سوق العمل لدى المواطنين العرب وبالذات الشباب والنساء، إذ إنّ نسبة مشاركة الرجل تكاد تساوي مشاركة اليهودي في سوق العمل طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ طبيعة العمل لدى المجتمع العربي هي ذات منتوجية اقل من المواطنين اليهود.
خصوصيات المرأة العربية العاملة والتحديات التي تواجهها
تحدثت حنين زعبي، عضوة الكنيست عن خصوصيات المراة العربية العاملة والتحديات التي تواجهها قائلةً: " أصعب ما في الامر وأكثره مدعاة للغضب والألم والقلق معًا، هو خوف العاملات الفلسطينيات من محاسبة أرباب عملهن على واقع الانتهاك اليومي لحقوقهن. فمعطيات بحث كيان تفيد إلى وجود حالة من "الاستباحة"، بدل أن تُقلق المشغلين أنفسهم، جراء تعريضهم للمحاسبات والعقاب القانوني والاجتماعي، تنتج حالة استرخاء وراحة لمشغلين، كون الانتهاكات تتحول إلى قاعدة عامّة، وليس إلى استثناءات. والمحاسبات القانونية هي ليست الوحيدة التي عليها أن تُقلق أرباب العمل، بل أيضا محاسبة المجتمع الذي يساهم هؤلاء في إفقاره، وعليها ألا تكون واهنة. علمًا أنّنا نعيش في مجتمع أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر، وتلك المعطيات تعني أننا كمجتمع نساهم بشكل مباشر في إنتاج أكثر من 30% من فقرنا، وهذا دون أن نحسب السوء الإداري والفساد الإداري لسلطاتنا المحلية التي تساهم هي أيضاً في واقع الفقر. مما يعني أيضا وبمكاشفات صريحة أننا نشارك وبشكل جماعي وكبير، السياسات الإسرائيلية في قمعها! على الأقل فيما يتعلّق بواقعنا الاقتصادي والذي هو عماد حياتنا، وأحد ركائز تشكيل وعينا وتحديدنا لمطالبنا من أنفسنا ومن السلطة".
الاستثمار بالمرأة في سوق العمل هو رافعة للمجتمع
وفي الندوة الثانية، التي أدارتها المحامية روان اغبارية، من كيان، جرى الحديث عن أهمية التشغيل المتساوي والعادل للنساء، وتحدث غسان صالح عن شبكة كينج ستور المشهداوي، قائلا ً: "إنّ كل شيكل يُدفع للعاملة هو استثمار يعود بالفائدة على المشغّل والعامل والمجتمع معًا. وكلما ازداد وارتفع هذا المبلغ، فإنه يحرّك ويحفّز القدرات والمهارات الكامنة عند العامل وبالطبع عند خروج هذه الطاقات فإنّ المشروع يُساهِم بتوفير كوادر تطمح للارتقاء بالمشروع والمشغّل والعامل والمجتمع. كما أنّ دور المشغّل في تطوير مهارة المرأة العربية يعود بفوائد اقتصاديّة واجتماعيّة أيضًا، فالمرأة لم تعُد تُدخِل دخلاً إضافيًا للبيت للكماليات، وإنما في كثير من الأحيان أصبح دخلها أساسي لتتمة مسيرة الحياة بشكلٍ مُرضٍ وكريم".
وفي مداخلة لمريم كبها- من مفوّضية تكافؤ الفرص في العمل في لواء حيفا والشمال، قالت: "نحن في مفوضية تكافؤ الفرص في العمل نرى بالمشغلين والمشغلات كشركاء في مساعينا لتحقيق المساواة في العمل بين الجنسين بشكل خاص وبين جميع العمّال من مختلف الخلفيّات بشكل عام. ومن المهم أن يدرك المشغّل/ة أنّ تطبيق مبدأ المساواة في العمل هو ضروريّ ليس فقط لتجنب الملاحقة القضائيّة التي تعتبر احدى المسارات التي تنتهجها المفوضيّة، وانّما لكونه يعود بالفائدة الفورية والمباشرة عليه وعلى مكان العمل. ومن المهم أن يدرك العامل/ة، في نفس الوقت، أنّ المُطالبة بحقوقه/ا وعدم التنازل عنها هي واجب وأنّ مفوضيّة تكافؤ الفرص في العمل هي عنوانه/ا المركزيّ في كل ما يتعلق بقضايا التمييز في العمل".
مُبادرات اقتصادية تُساهِم بتحسين ظروف المرأة العربية
وتحدث محمد قسوم- من مركز "معوف" الناصرة، عن المحفزات الاقتصادية للمشغّل العربي وأضاف: نحنُ نعمل على مستويين الأول العمل قبالة أصحاب المصالح، من خلال دعم وتطوير هذه المصالح لتنجيع عملها والمساهمة في رُقي المجتمع، وأضاف: لدينا عدة خدمات، بينها: استشارات اقتصادية في شتى المجالات، وهي مهمة جدًا في بناء وطوير المصالح، استشارات أساسية في طريقة إدارة المصلحة، استشارة في مجال التسويق، استيراد جهاز الانتاج، تقديم مستشارين مرافقين وتوفير حلول اقتصادية من قبل وزارة الاقتصاد.
وتطرق قسوم أيضًا إلى توفير مصادر التمويل بشروطٍ مريحة، وتطوير مصالح جديدة، اساسية في طريقة ادارة المصلحة، استشارة في مجال التسويق، استيراد كل جهاز الانتاج لدينا طاقم كبير من المستشارين ونوفر حلول اقتصادية من قبل وزارة الاقتصاد، مستشارين يعملون في المصلحة، يعمل المستشار ويعطيه ساعات حسب عدد العمال الموجودين في المصلحة، وفي نهاية الأمر هنالك مراقبة، بهدف تطوير إدارة المصالح، وزيادة أرباحنا، والقدرة على استيعاب قوى عاملة سواء من النساء أو الرجال.
الأمر الثاني الذي تطرّق له مدير معوف"، محمد قسوم، هو مسألة القروض من صناديق لدعم المصالح الصغيرة والمتوسطة، وقد خصصت الدولة مبلغ 4 ونصف مليارد شيكل لتوفير مصادر التمويل للمصالح بشروطٍ مريحة، وقد تحققت نجاحات بفضل توفير هذه القروض بحقوق، وهناك صناديق تُعنى بحقوق النساء العربيات، وتمكينهن من خلال عقد دورات وورشات عمل لتطوير القدرات الاقتصادية وإدارة المصالح بصورة أنجع لضمان استمراريتها.
يُشار الى أنّ جمعية كيان تعالج القضايا المتعلّقة بتطوير مكانة المرأة العربية في البلاد عامة والمراة العاملة خاصة، ولطالما سعت مِن أجل إحداث تغيير مجتمعي في الداخل الفلسطيني، وارتكز في عملها على تحصيل الحقوق للنساء، والعدالة الاجتماعية والمساواة الجندريّة، والحد من جميع أشكال التمييز ضدهن. وكانت جمعية كيان قد أجرت بحثًا أوليًا وفريدًا من نوعه، والذي هدفَ إلى فحص ظروف تشغيل النساء العربيات العاملات عند مشغلين عرب بالأساس.
وفي تعقيب لعضو بلدية شفاعمرو ورئيس لجنة المراة، مراد حداد، قال: "إنّ هناك اهمية كبيرة لوجود لجنة تعنى بشؤون المراة في بلدية شفاعمرو وهو امر يجب ان تحذو حذوه جميع السلطات المحلي، فهي تساهم في توسيع وتعزيز نشاط النساء في حيز المدينة، وهو أمرٌ هام ويتيح للمراة التحرك بشكل حر وان تتاح امامها فرص عمل في المراكز الحيوية بالبلدة وتكون هي جزء اساسي في مواقع اتخاذ القرار ودوائر التاثير، وتقدّر لجنة المراة عمل كيان وضرورة التعاون معها والعمل المشترك وهو امر حتمي من اجل تغيير واقع النساء.
وفي نهاية اليوم الدراسي تم التأكيد على اعتبار اليوم الدراسي انطلاقة لبداية عمل ممنهج ومشترك مع المشغلين العرب من أجل تطوير مكانة النساء العربيات في سوق العمل والتعامل معهن وفق ما يمليه القانون كأدنى حد، وتمّ التأكيد على أنّ الهدف ليس محاربة المشغلين العرب إنما حثهم على التعاون ليكونوا شركاء حقيقيين مع كيان ومع المؤسسات ذات الصلة. وسيواصل كيان العمل على جميع المسارات وسيتم التركيز في العمل مع ومقابل المشغلين وأنّ هذا التعاون لا يعني الصمت أمام أي مشغّل ينتهك حقوق المرأة العاملة لديه وسيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونيّة اللازمة للحد من الانتهاك. وسيتابع كيان عمله مع النساء، من خلال برامج رفع الوعي لحقوقهن العمالية ومن خلال تقديم الاستشارات القانونيّة والتمثيل القضائي.
[email protected]
أضف تعليق