انطلق اليوم ( الأربعاء) منتدى " أبناؤنا " لسلامة الأطفال العرب وحمايتهم من الحوادث، والتي بادرت إلى إطلاقها الإعلامية غادة زعبي، مؤسسة موقع " بُـكرا"، سوية مع شخصيات وهيئات ناشطة مهنيًا واجتماعيًا في هذا المجال، ومن الغيورين والمهتمين بسلامة وكيان المجتمع العربي.

وأعلن عن إطلاق المنتدى في معهد غفعات حبيبة الذي استضاف المبادرين، بمشاركة مؤسسات حكومية وصناديق وجمعيات خيرية ومؤسسات المجتمع المدني، ورجال أعمال وباحثين ومختصين وناشطين اجتماعيين.

وفي مستهل انطلاق المنتدى عرضت معطيات وإحصائيات وأشرطة مصورة تتناول الخطورة الهائلة لحجم ظاهرة الحوادث الدامية التي توقع ضحايا وإصابات في صفوف الأطفال العرب، والفوارق والفجوات بين المجتمعين العربي واليهودي من حيث انتشار هذه الآفة وعدد الضحايا والميزانيات والموارد المخصصة للمكافحة والتوعية.

وافتتحت النقاش في المنتدى، صاحبة الفكرة والمبادرة إلى إطلاقها- الناشطة غادة زعبي، فرحبت بالحضور وشكرتهم على استجابتهم للدعوة وتفاعلهم مع الفكرة، مع توجيه شكر خاص لمعهد غفعات حبيبة الذي احتضن لقاء الإعلان عن المنتدى. وقدمت شرحًا وافيًا عن الفكرة وخلفياتها وأهدافها، واستنادًا إلى المعطيات التي عرضت، ما يؤكد خطورة المأزق الذي يواجهه مجتمعنا في هذا المجال، وشددت على قدرة المشاركين في المنتدى على النهوض بالمهمات والمشاريع والأهداف من جهة التوعية وتطوير الفكرة، الحكومية المعنية والسلطات المحلية وأذرعها، وقيادات المجتمع- السياسية والروحية والمعطيات التي عرضت، ما يؤكد خطورة المأزق الذي يواجهه مجتمعنا في هذا المجال، وشددت على قدرة المشاركين في المنتدى على النهوض بالمهمات والمشاريع والأهداف من جهة التوعية وتطوير الفكرة، مع التأكيد على أهمية التنسيق والشراكة مع الدوائر الحكومية المعنية والسلطات المحلية وأذرعها، وقيادات المجتمع، السياسة والروحية المهنية، بحيث تتلاءم مع احتياجات أفراد المجتمع كافة.

أين القطرية والمشتركة ورجال الدين؟


وفي حديث لاحق، أعربت الناشطة غادة زعبي عن استيائها واستهجانها لعدم مشاركة أي مندوب عن القائمة المشتركة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ووزارة المعارف والجمعيات المعنية بالحكم المحلي ورجال الدين وسلطة الأمان على الطرقات، فقالت أن الدعوة قد وجهت إلى هذه الجهات، انطلاقًا من كون سلامة أطفالنا ومجتمعنا مسألة مصيرية، لا تقل أهمية عن العمل والتعليم والاقتصاد والسياسات العليا، وأي جانب من جوانب حياتنا. وأضاف أنه كان بمقدور كل من تعذر عليه الحضور أن يرسل مندوبًا عنه، لأهمية الموضوع حتى من وجهة نظر المتغيبين.

وتلاها مدير معهد غفعات حبيبة، يانيف ساغي، فرحب بالضيوف والفكرة، وشدد على أهميتها من جهة الحفاظ على حياة وسلامة الأطفال والمجتمع، لافتًا إلى واجبات الحكومة في هذا المضمار، وكذلك أركان وفعاليات المجتمع، ومؤسسات المجتمع المدني.

نسيم عاصي: " حتى لا تبقى بيوتنا مصيدة موت لأطفالنا"

وقبل إفساح المجال للنقاش، قدم الناشط نسيم عاصي، وهو أحد المبادرين لفكرة المنتدى، شرحًا وافيًا عن خلفياتها وأهدافها، استنادًا إلى خبرته الغنية وتجربته المتراكمة في تركيز فعاليات الأمان ومكافحة الحوادث البيتية. وفي إشارة إلى المعطيات والأشرطة التي عرضت، أكد أنها تشكل حافزًا أقوى للأنشطة الهادفة إلى مكافحة الحوادث وتوفير احتياطات الأمان، مشيرًا إلى الإهمال والتجاهل والإجحاف بحق المجتمع العربي من قبل الحكومة وأذرعها، فبقي هذا المجتمع ضحية لآفة الحوادث بنسب تفوق المجتمع اليهودي إضعافًا مضاعفة " فأصبح منزل الأسرة العربية مصيدة موت لأطفالها"- كما قال.

وخلف نسيم عاصي إلى القول: " لن اكتفي بتوجيه الاتهام إلى الأسرة العربية، فهذا سهل، لكنه لا يحل المشكلة، بل يجب على المنتدى صياغة استراتيجيات وإيجاد حلول على كافة المستويات بالشراكة مع الهيئات المهنية وفعاليات المجتمع، من خلال تجنيد وتوفير موارد ابتكار الوسائل والآليات لأحداث التغيير المنشود وتعديل سلم أولويات المجتمع وزيادة الوعي وحث صناع القرار على المساهمة في الجهد، دون إغفال واجب الحكومة وأذرعها.

وفي مقابلة خاصة مع " بُـكرا" شدد نسيم عاصي على أهمية تكريس سلم أولويات المجتمع العربي لمصلحة سلامة ومستقبل الأطفال، فيما تساهم قيادات المجتمع وفعالياته والأهالي في تحديد هذا السلم من منطلق الخروج من دائرة اللامبالاة. وفيما يتعلق بسبل وآليات عمل المنتدى قال أن هنالك حاجة لأن تُضع إستراتيجية وتصورات تحدد وجهة العمل والمهمات، وتحث الحكومة على القيام بواجباتها ومسؤولياتها من جهة الميزانيات.

وردًا على سؤال حول تجربته في إطار جمعية " بطيرم" التي تُعنى هي الأخرى بسلامة الأولاد ومكافحة الحوادث البيتية- قال نسيم عاصي أن ميزانياتها كانت ناقصة ومنقوصة، ولا تكفي ولا تفي باحتياجات المجتمع العربي " لكنني أشدد على ضرورة وأهمية التنسيق والتعاون مع جمعية " بطيرم" ذات الخبرة والدراية بالمشاريع والمخططات التي تخدم سلامة الأولاد والمجتمع " كما قال، مشددًا على أن إقامة منتدى " أبناؤنا" لا تعني وجود أية نزعة انفصالية أو انفرادية أو انعزالية لدى المبادرين، فأذهاننا وأبوابنا مفتوحة لأي شكل من التعاون والتنسيق.

" إعقل وتوكل"!

ثم جرى نقاش مستفيض ومتشعب أثرى المشاركون فيه فكرة المنتدى، وطرحوا أفكارهم واقتراحاتهم وتصوراتهم، جمعية على حيويتها وأهميتها، وعلى ضرورة تشكيل نواة أو هيئة مصغرة، لمزيد من المتابعة وصياغة إستراتيجية وتصورات لتطوير الفكرة وترسيخها واستمرارها.

وفي هذا السياق، شدد فضيلة القاضي البروفيسور أحمد ناطور ( المحاضر بالجامعة العبرية) على أن وقوع معظم الحوادث ليس "قضاء وقدرًا" لأن الشريعة تؤكد على "الأخذ بالأسباب" أي أخذ الحيطة والتحسب للأخطار، كما شدد على ضرورة تحكيم العقل في السلوك والتصرف لافتًا إلى المسؤوليات القانونية والشرعية للأسرة تجاه ابنائها.

وتحدثت سارة أبو صيام، الناشطة من راهط في مجال الصحة العامة وسلامة الأولاد- بألم، عن سوء التصرف بميزانيات " بطيرم" على حساب مصلحة وسلامة الأولاد العرب.

وأعرب رجل الأعمال كوبي رختر، صاحب المبادرات في مجال التكنولوجيا المتطورة، عن صدمته من المعطيات التي سمعها، وحدّد سلم الأولويات الذي يراه ناجعًا لمكافحة آفة الحوادث، بدءًا بالبنى التحتية ومرورًا بالتوعية والتقنيات، وقال أنه كان من واجب سلطة الأمان على الطرقات إرسال مندوب عنها للمنتدى، لفهم أهمية الميزانيات اللازمة للمجتمع العربي لمقتضيات التوعية وتطوير البنى التحتية.

وأعلن رختر عن تعهده بالمساهمة في أي جهد يُطلب منه ويستطيع القيام به في هذا المضمار، وخاصة من جهة التكنولوجيا والتقنيات التي له فيها خبرة واسعة.

ومن جانبه قال المسؤول عن ملف المساواة والشراكة المجتمعية في غفعات حبيبة- محمد دراوشة، أن تشخيص القضايا ومعاينتها أمر هام، لكن الأمر الأهم هو العمل والمشاريع وتوفير الحلول ووضع الإستراتيجيات دون إغفال دور وواجبات الحكومة، وتوفير الموارد اللازمة وتحديد المهمات.

وفي ختام النقاش تواعد المشاركون على تشكيل هيئة مصغرة منبثقة عن المنتدى تعمل على استمرار الاتصال والتواصل بين المؤسسين لمتابعة الفكرة وتطويرها من خلال إستراتيجية محددة، ومشاركة أوسع وأنجع من قبل كافة الجهات القادرة على المساهمة في هذا الجهد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]