ينتظر اللاجئون بقلق بالغ حسم مصير العام الدراسي في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في ظل التهديد بتأجيله بسبب تفاقم أزمتها المالية.

ويهدد مثل هذا الإجراء غير المسبوق في تاريخ أونروا بإغلاق 700 مدرس في وجه أكثر من نصف مليون طالب من أبناء اللاجئين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب مخيمات لبنان وسوريا والأردن.

كما ينتظم 9 آلاف طالب في سبعة معاهد دراسية وجامعتين تشرف عليها الوكالة الدولية.

تضاؤل الفرص

تعزو أونروا تهديداتها بإمكانية تأجيل العام الدراسي إلى عجز مالي في موازنتها بمبلغ 101 مليون دولار، وقد وجهت عدة مناشدات للدول المانحة لتغطيته دون تلقيها استجابة حتى الآن.

وسبق أن أعلن مسئولو أونروا أنهم سيحددون الموقف من تأجيل العام الدراسي من عدمه منتصف هذا الشهر، لكن الناطق باسم الوكالة سامي مشعشع يقول إن الفرص "تتضاءل" أمام تفادي اتخاذ قرار سلبي بذلك.

ويوضح مشعشع لوكالة "صفا" أن الوكالة تحتاج قرابة 100 مليون دولار بشكل عاجل لسداد عجزها والقدرة على القيام بالتزاماتها تجاه العملية التعليمية للاجئين.

ويشير إلى أن الوكالة لم تتخذ القرار النهائي بشأن تأجيل العام الدراسي من عدمه، وما تزال تركز على القيام بجهودها لجسر الهوة المالية وتوفير الأموال من الدول المانحة.

ويصف الناطق باسم أونروا اتخاذ قرار بتأجيل العام الدراسي بالأمر الصعب، لافتا إلى أن الوكالة تحث الخطى في ضمان تفادي مثل هذا القرار من خلال التواصل مع الدول المانحة لتوفير الأموال اللازمة لذلك.

مخاطر هائلة

بحسب البيانات الصادرة عن دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير فإن 42044 طالب وطالبة في مخيمات الضفة الغربية، و143569 طالب وطالبة في مخيمات قطاع غزة سيكونون خارج العملية التعليمية لهذا العام حال تأجيل الوكالة العام الدراسي.

ويؤكد رئيس اتحاد العاملين في الوكالة شاكر الرشق أن هكذا قرار سيحمل مخاطر هائلة على طلاب المدارس وبالذات الصف الأول الابتدائي "الذين سيجدون أنفسهم في الشوارع بدل انتظامهم في صفوف التعليم مع بداية مشوارهم التعليمي".

ويوضح الرشق لوكالة "صفا"، أن العملية التعليمية تشكل 80% من عمليات "أونروا" ما يعني أن جوهر أعمال الوكالة وخدماتها ستتأثر بشكل خطير ومتدحرج.

ويحذر الرشق من الكارثة التي ستصيب الطلاب من الصف الثاني إلى الصف التاسع وأن كل يوم تعطل فيه الدراسة هو تجهيل عام لهم.

وعن معاهد "أونروا" يؤكد بأن ما يزيد على 25% من الطلاب ستفقدهم تلك المعاهد إذا تم تأجيل العام الدراسي، مشيرا إلى أن التأثيرات السلبية ستبقى قائمة حتى لو تم حل الأزمة المالية لاحقا.

تصفية قضية اللاجئين

وإلى جانب مخاطر عدم التحاق أبناء اللاجئين بمدارس أونروا، فإن القلق يسيطر على موظفي الوكالة الدولية خشية اتخاذ إجراءات تعسفية تطيح بهم من عملهم.

وسبق أن أعلنت أونروا هذا الشهر عن تعديل في قوانينها بما يتيح لمفوضها العام منح الموظفين في الوكالة إجازات من دون رواتب لأي فترة يراها مناسبة.

واعتبرت الاتحادات واللجان الشعبية الإجراء المذكور بأنه مؤشر خطير يهدد الأمن الوظيفي لأكثر من 29 ألف موظف يعملون لدى الوكالة الدولية حتى لو تم حل العجز المالي الحالي.

ويقول مدير عام شؤون المخيمات في دائرة اللاجئين بمنظمة التحرير ياسر أبو كشك إن قرار تأجيل العام الدراسي واتخاذ إجراءات تعسفية بحق الموظفين ينذر بتفجر الأوضاع في المخيمات المتفجرة أصلا.

ويؤكد أبو كشك لوكالة "صفا"، أن المدارس الحكومية غير قادرة على استيعاب عشرات آلاف الطلبة حال إغلاق مدارس أونروا، عدا عن آلاف الطلبة الجدد الذين سجلوا للصف الأول.

ويؤكد بأن هذا الإجراء يشكل سابقة خطيرة في عمل أونروا في الأراضي الفلسطينية، وبمثابة الخطوة النهائية لتصفية قضية اللاجئين والانفكاك عن المطالبة بحق العودة.

ويشدد أبو كشك على أن قضية اللاجئين تتعرض لهّزة لم تشهدها من قبل، ما يشكل مؤامرة على قضيتهم في وقف أعمال وكالة الغوث والذي يمثل التعليم الجزء الأكبر من عملها.

وبحسب أبو كشك، فإن الخطر الأكبر في تأجيل الدراسة سيقع على كاهل قطاع غزة، سيما وأن ما يزيد على 70% من طلاب القطاع يتلقون تعليمهم في مدارس الوكالة.

ويلفت إلى تخوفات في مخيمات الضفة الغربية من هذا القرار، الأمر الذي استدعى تشكيل خلية أزمة من اللجان الشعبية واتحاد العاملين والمؤسسات العاملة في المخيمات، لتدارك الوضع وعقد اجتماعات يومية للقيام بفعاليات وخلق رأي عام شعبي محلي لمواجهة ما قد يحصل.

ويدعو أبو كشك الكل الفلسطيني إلى الوقوف وتحمل المسؤولية في وجه ما يحاك للقضية الفلسطينية ولاجئيها، مؤكدا بأن هذا الأمر سيكون له تداعيات خطيرة على السلطة الفلسطينية نفسها واستمرار عملها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]