يُصادف اليوم، 25.6، اليوم العالمي للتضامن مع مرضى البهاق، حيث يُعتبر البهاق (Vitiligo) من الأمراض الجلدية الشائعة التي تنتج عن فقدان الصبغة في الجلد مما يؤدي إلى ظهور بقع بيضاء، وفي أحيانٍ كثيرة يؤدي المرض إلى ضغط نفسي كبير جدًا لدى الشخص المُصاب، وخاصةً من نظرة الناس إليه، للأسف.

تجدر الإشارة بداية الأمر إلى أن مادة الـ ميلانين (Melanin) هي الصبغة التي تحدد لون الجلد وشعر وعيني الإنسان، ويتم إنتاج الميلانين في خلايا تعرف بالخلايا الصبغية، فإذا ماتت هذه الخلايا أو عجزت عن إنتاج الميلانين فإن الجلد سيصبح أفتح و يتحول لونه تمامًا إلى اللون الأبيض، مما يحدث البهاق.

والبهاق بالعادة يظهر على شكل بقع بيضاء متفاوتة البياض، ولا يظهر في أماكن محددة في الجسم، فكل الجسم معرض للإصابة بالمرض، لكن يمكن القول بأن أكثر الأماكن شيوعًا هي الوجه؛ الشفاه؛ اليدين؛ الذراعين؛ الساقين؛ و المناطق التناسلية.

وتشير المُعطيات على أن نسبة المصابين العرب في المرض مطابقة للمعطيات العالمية ولنسبة المصابين اليهود، وهي تتراوح من 0.3%-0.5%. وهنالك انطباع أن عدد المصابين العرب أكثر، وهذا خاطئ، ويعود ذلك للون البشرة، فمعظم المصابين اليهود لديهم بشرة فاتحة، وفي هذه الحالة يصعب ملاحظة المرض، فيما يلاحظ المرض لدى العرب أكثر للون بشرتهم الداكنة.

رامي ابو سالم: الفترة التي اكره نفسي بها هي فترة الصيف لانني لم اعد اشعر بانني ذلك الطبيعيّ!

الشاب النصراوي رامي ابو سالم، ابن الـ30 عامًا، هاجمه المرض في سن الـ24، وعن المرض حدّث "بكرا" قائلا: في البداية خفت كثيرًا ولم افهم ما الذي يحدث لي، فبدأت بالبحث عن المرض وعن كيفية العلاج. انتظرت مدة اسبوع بعدها توجهت الى طبيب جلد قام باعطائي مرهم للمواظبة عليه ثلاثة مرات يوميًا، علما انني بعد فترة اكتشفت بانها خدعة وان هذه المراهم لا تفيد.

وتابع ابو سالم بالسرد لـ"بكرا": بعدها توجهت الى طبيب العائلة والذي بدوره اكد لي ان المرض ليس له علاج، وقد سمعت كثيرًا من عدة اطباء واشخاص عاديين ايضا ان المرض ليس له علاج لذلك قررت التعايش معه وعدم التفكير به.

وعن مراحل ظهور البقع لديه ومدى تقبله لها قال: في السنتنين الاوائل من اصابتي بالمرض بدأت البقع تظهر وتزداد بشكل تدريجي، علمًا انه بعد ذلك لم تظهر بقع اضافية الا ان البقع السابقة ما زالت موجودة. الفترة التي اكره نفسي بها هي فترة الصيف، لانني لم اعد اشعر بانني ذلك الانسان الجميل والطبيعي، خاصة بعد ان تصبح بشرتي سمراء اللون في الصيف فان بقع البهاق تظهر بوضوع امام العيان، علما ان الامر لم يعد يضايقني كثيرًا واعيش حتى افرح ولا افكر ابدًا بالامر.

كما اشار ابو سالم لـ"بكرا" بانه لا يحبذ اطلاق تسمية مرض على "البهاق"، كما انه يكره ان يُعرّف كانسان مريض، لان هناك امراض اخطر واصعب من "البهاق" يجب ان يطلق عليها تسمية مرض- على حد تعبيره.

حالة خوف وذعر تحوّلت إلى بقع بيضاء 

وتابع ابو سالم لـ"بكرا" عن اسباب ظهور المرض عنده قائلا: في عائلتي هناك اشخاص يعانون من البهاق، هنالك احتمال بنسبة 80% ان يكون المرض وراثيًا، من ناحية اخرى اكد لي طبيب في الطب البديل بان السبب اصابتي في البهاق هو انني مررت بحالة ذعر او رعب شديد عندما كنت في سن المراهقة، وبالفعل اذكر انني عندما كنت في الـ17 من عمري مررت بحالة صعبة جدًا لم اتقبلها نفسيا وخفت كثيرًا، وبالتالي فان هذا الرعب يظهر حاليا بصورة بهاق.

واختتم قائلا: اريد ان اعيش حياتي واخرج واتنزه خاصة الى البحر مثل غيري، وان اعرض نفسي لاشعة الشمس دون ان اشعر بالحرج او ان اتضايق.

"ر" (الأسم محفوظ في ملف التحرير): نحن بحاجة الى مؤسسات تدعم نفسيًا ومعنويًا وليس جسديًا

اما الشابة "ر" (الاسم محفوظ في ملف التحرير) فحدثتنا عن تجربتها مع البهاق قائلة: المرض ليس خطيرًا، لكنه يؤثر نفسيًا على الشخص وعلى نظرته لنفسه، نحن بحاجة الى مؤسسات تدعم نفسيًا ومعنويًا وليس جسديًا، اضافة الى مجموعات دعم من الاشخاص الذين مروا بالمرض لاشخاص يواجهون اعراض المرض، حيث عليهم ان يشاركوا بعضهم ما يمرون به.

وتابعت: بشكل عام لا يوجد تركيز بحثيّ على "البهاق"، لانه لا يعتبر مرضًا خطيرًا ناهيك على أنه غير معدي، وعادة الابحاث تذهب للامراض الخطيرة والمعدية والمعقدة. اساس المرض هو ان الخلايا لا تنتج لون للجسم والامر يتفاوت من شخص لاخر كما ان طريقة الانتشار وسرعته مختلفة من مريض الى اخر، ولا يمكن معرفة ما سيحصل في الجسم مستقبلا.

وعن العلاج الذي تحصل عليه قالت "ر": الطب يعالج "البهاق" بواسطة مراهم او التعرض للاشعة الفوق بنفسجية علما ان العلاجات الطبية لم تثبت نجاحها حتى اليوم. يدور اليوم الحديث عن التوجه لمسار اخر لعلاج "البهاق"، وهو مسار الطب البديل، والذي اتبعه منذ فترة بعد ان يأست من مراهم الاطباء، حيث غيرت نمط حياتي وتوجهت للتغذية السليمة واتخاذ الفيتامينات التي يحتاجها الجسد والتي تعمل على دعم خلايا اللون. العلاج يحتاج الى سنة عالاقل حتى يبدأ المريض بالتماثل للشفاء، علما انه لا يستطيع كل شخص ان يصبر ويتحمل كل هذه الفترة.

ونوهت "ر" في حديثها لـ"بكرا" الى ان الاطباء لا يبثون املا، بينما في تغيير نمط الحياة هناك امل بان يتحسن الوضع، و- "انا شخصيا اؤمن بالمجهود الذاتي للشخص، وعدم الاعتماد على الطب فقط"- اوضحت.

واستمرت بالسرد لـ"بكرا" عن اصابتها بالمرض: منذ جيل 24 عامًا هاجمني "البهاق" لأسباب أفضل عدم الخوض فيها. بشكل عام ظهور المرض بفترة المراهقة او الشباب يزيد من صعوبة تقبله لدى الشخص لانها فترات "قمة الحياة" والانسان يرغب ان يكون بكامل صحته وجماله في هذه الفترات. اليوم اتقبل البهاق ولا اشعر بانه مرض، كما انني اعمل على الشفاء منه واتبع نظام حياة جسدي ونفسي صحي، وفكرة انني لن استسلم تعطيني شعور جميل وامل متجدد.

الطبيب انور جمال: حتى اليوم لا يوجد اي مركز طبي كان قد اعلن عن وجود حل للبهاق او علاج يضمن الشفاء التام

اخصائي امراض الجلد الطبيب انور جمّال قال لـ"بكرا": الجهتان لديهم الحق في الادعاءات التي يقولونها، الاطباء والمرضى، فمن ناحية هناك بوادر مشجعة لعلاج "البهاق" كما أظهرت بعض الأبحاث ومن جهة أخرى مراحل علاج المطروحة حاليًا لمرض الـ "بهاق" تحتاج الى صبر طويل، علمًا انه حتى اليوم لا يوجد اي مركز طبي كان قد اعلن عن وجود حل للبهاق او علاج يضمن الشفاء التام.

وعن المرض فصّل وقال: الحديث يدور حول اشكالية معينة تصيب جهاز المناعة مع خلفية وراثية، وهو يعتبر مرض مزمن. يختلف المرض بانتشاره من شخص الى اخر، وافضل فترات العلاج هو العلاج في فصل الشتاء بأشعة فوق بنفسجية، لانه في فصل الصيف يظهر المرض بشكل اكبر على الجلد.

وردًا على ادعاء "ر"، قال د. جمّال: لا انصح بالطب البديل، فهو يحتاج الى مبالغ طائلة، وفي النهاية كلها امور تمويهية وغير حقيقية.

واختتم: هناك ابحاث ومحاولات لايجاد العلاج، الا ان سبب المرض غير محدد بعد مما يعيق التقدم في الحلول، فالجسم يهاجم نفسه والخلايا التي تقوم باللون والسبب في ذلك غير معروف حتى اليوم، لا اريد أن ابدو متشائمًا لكن شهدنا حالات أنتشر فيها "البهاق" بشكل كبير وبعد عدة علاجات وصل المريض إلى مرحلة شفاء عاليّة. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]