تقيم في بلدة إبطن، في محيطٍ تملؤه الأشجار والمناظر الطبيعية، وفي قلبِ البيتِ تشكيلة من أروع المجسّمات والصور والأعمال الفنيّة التشكيلية، ألوانٌ ساحرة، وصدىً جميل في البيت، حيثُ تلتقي الحياة العملية بالحياة الفنية في بيتٍ هادئٍ تتوزع فيه "نمنمات على الزجاج".
"تعلمتُ الفن والأشغال اليدوية، من أمي، منذ كنتُ في السادسة من عمري، نحنُ ثلاث شقيقات وشقيقٌ (توأمي)، جميعنا تعلمنا الأشغال اليدوية، بمن فيهم أخي كمال، في صغره، أرادت أمي أن تغرس فينا حُبَّ الفن، وقضاء الوقت في التعليم أو القراءة أو في ممارسة الهواية المُحببة بدلاً من إضاعة الوقت في مسائل لا طائل منها، وأمي كانت تجيد التطريز والحياكة بكافة أشكالها، وملأت البيت باللوحات وأعمال "الجوبلين"، ونحنُ تعلمنا مِنها حُب الفن"- تقول عبلة طوبي قرمان في حديثها إلى "بكرا".
وتضيف: "تعلمتُ حياكة الأقراص، الذي كان يأخذ مني وقتًا، لكنه يخرج بأجمل صورة، تعلمتُ أنواع التطريز على اختلافها (السنسال)، (التيج) ونماذج أخرى، تصميم ملابس من الصوف وغيرها الكثير، لكنّ التطور التكنولوجي، حوّل هذه الأعمال إلى صناعة ماكنات، وصارتتُباع بأسعارٍ زهيدة، ما يعني أنني لم أعد أستطيع إضاعة الوقت، بسعر 10 شيكل".
"في مرحلةٍ لاحقة اتجهتُ لفنٍ مختلف، بعد أن جربت كل شيء تقريبًا في عالم الفن التشكيلي، اخترتُ الزخرفات والنقوش على الزجاج، بطريقة مختلفة".
"نقلتُ هذا الفن إلى بيتي فأحبه زوجي مؤيد وأبنائي، ورأوا في هذا الفن، لمسة فنيّة تضيف روعةً في المكان".
وتقول عبلة طوبي –قرمان متحدثة عن فن آخر: "تعلمت الرسم على الخشب، وعملتُ فيه لفترةٍ معيّنة، لكنني اخترتُ مساحة أوسع للبيت، تضيءُ فيه التحف الفنيّة الزجاجية المكان، وتزيده لمعانًا، اخترتُ الألوان الذهبية المتدرّجة، وأستعمل ألوان الإكليريك، والحبر (نوعية طلاء خاص) برأسٍ رفيعة، أستمتع بمزج الأشكال والتفاصيل الصغيرة للتحفة التي أعرضها لاحقًا كجزءٍ مهم في المكان".
تقول عبلة: "أشتري المواد في العادة من الخليل، ومثل هذه التحف قد نجدها في عسفيا، أقتني التحف الزجاجية "السادة"، أي الخالية من الأشكال، أعود بِها إلى مشغلي في البيت، وأزخرفها كما يحلو ليه".
عن معارضها تقول: "أقمتُ أربعة معارض، المعرض الأول في العام 2007، الذي أقيم في المركز الثقافي محمود درويش في الناصرة، والثاني في مركز مساواة في حيفا، والثالث في الناصرة في مطعم وجاليري، لم أكن أرغب ببيع التحف، كنت متعلقة بها، وأحبها وأخشى من فقدانها، لكن مع الوقت ولكثرة الأعمال الفنيّة التي ملأت البيت، صرتُ أفضل البيع، افتتحتُ موقعًا للبيع تشمل الأسعار عبر الإنترنت".
وتنوي الفنانة عبلة طوبي إقامة معرض في الأشهر القريبة، قبل انتهاء العام 2015، بهدف تعريف الجمهور على نوعية هذا الفن "نمنمات على الزجاج"، وفي الوقت نفسه، أموّل عملي، وأشعر بالرضى لأنّ أعمالي موجودة في بيوت الأهل وفي كل مكان".
عن مجال عملها تقول عبلة: "أنهيت شهادة البجروت، ثم عملت لدى طبيب أسنان، ولاحقًا عملت مع أخي (في مجال الأوبتيكا)، تزوجت من مؤيد قرمان – صيدلي، وأساعده في المرحلة الحالية".
نمنمات عبر اللوحات
تعرّفت الفنانة عبلة طوبي على الفنان سعيد النهري، من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، وأعجبت بأعماله، خاصةً حين رأت أنه مبدع في كتابة الخط العربي، الذي بدأ يعود إلى الحياة والتميّز من جديد، حتى صارت الكتابات جزءًا من التصاميم على الملابس، بشكلٍ إبداعي.
وبعد تعرفها عن قرب على النهري، اقترح عليها العمل معه من خلال تجربة الرسم على الورق أو الكارتون، بإضافة النمنمات على اللوحات، "العمل ليس سهلاً، بدأنا بلوحتين للخط العربي الممزوج بالزخرفات، وكان التعامل رائعًا، علمًا أنّ الفنان سعيد النهري يستعد لزيارة تونس وعرض هذه الأعمال في معرضٍ هناك".
تقول الفنانة إنّها اكتشفت مؤخرًا أنّ هذه الأعمال الفنيّة يمكن خبزها في درجة حرارة معيّنة، لتتثبت على الأواني الزجاجية، وهي فكرة رائعة، تضمن الحفاظ على الجهود الكبيرة التي تضعها في سبيل إخراج أعمال كهذه.
بعد افتتاحها لمتجرها عبر الإنترنت تلقت بعض الطلبات، رغم أنّ هناك آلاف اللايكات، لكن هذه اللايكات تبقى كبسة زر، لا تطوّر أعمالي الفنيّة.
إضافة إلى الجوانب السابقة، فإنّ الفنانة انشغلت في الماضي بالتطريز الفلسطيني المميّز، لكنها في مرحلة لاحقة رأت أن الأمر يتطلب جهدًا، تريد أن تستثمره في فنونٍ أخرى، وانتقدت سرقة المهن الفنية، ونقل القالب الفني الذي يعمل فيه الفنانين ليحوّل إلى نموذج يحمل إسم شخص، لم يبتكر الفكرة، وإنما جمّع التفاصيل ونسبها إلى نفسه.
وبدأت عبلة بالتوجه أيضًا، إلى عالم الإكسسوارات، حيثُ تقوم بإضافة النمنمات على الإكسسوارات على اختلافها، وهو جهدٌ رائع، تأمل أن يتكلل بالنجاح، ويصل إلى العالم العربي والعالم، ولا يبقى محصورًا فقط في بقعةٍ صغيرة، تصارِع على سرعة الوصول إلى محبي الفن.
[email protected]
أضف تعليق