غصّت قاعة مسرح الميدان يوم الجمعة الماضي، ٢٢.٥.٢٠١٥، بمشاركة المئات من المجتمع العربي في حيفا والجليل والنقب من قيادات وطنية ومجتمعية وأدباء وشعراء وباحثين وفنانين ومربّين وطلاب ورفاق درب، في حفل تأبين مهيب مودّعين مربّي الأجيال والشخصية الوطنية الاجتماعية، الأستاذ عيد سويطات.
وتحدّث في حفل التأبين كل من الأديب والكاتب محمد علي طه والأديب والشاعر حنا أبو حنا والكاتب فراس مخول والمربّية شريفة عمري والشيخ رشاد أبو الهيجاء والنائب أيمن عودة ومخطط المدن عروة سويطات، وبرقيات من الأسير أمير مخول، والكاتب والأديب ناجي فرح وصديق المرحوم د.توفيق الصلح المتواجدين في المهجر. وتولّى عرافة الحفل نائب رئيس البلدية، د. سهيل أسعد.
وتخلل حفل التأبين فقرة فنية بعزف الفنان بلال بدارنة وتلو قصيدة بكلمات الشاب محمود نعامنة كتبها خصيصًا على روح المرحوم، إضافة إلى عرض فيلم مميز ومؤثر يلخص سيرة حياة الراحل المربّي الفاضل عيد سويطات، ومسيرته التربوية والنضالية المجتمعية الوطنية.
وتم توزيع صورة عن لوحة رسمها الفنان الأستاذ كميل ضو، لجملة مقتبسة عن المرحوم "الدفاع عن الحق بوصلة الاخلاق والاخلاق جوهر الايمان والايمان بطيب الاعمال وهذا ما يبقى من الانسان"، كما وزعت أشتال من الزيتون على الحضور لغرسها على روح الفقيد لتبقى ذكراه حية وطيبة.
د. سهيل أسعد :"رحل عنا فقيدنا الغالي تاركا وراءه بصماته على المجتمع الحيفاوي"
وافتتح عريف حفل التأبين صديق العائلة، د. سهيل أسعد، نائب رئيس بلدية حيفا، مرحبا بالحضور، قائلا ":نجتمع اليوم في حفل تأبين فقيدنا الغالي المربّي الفاضل عيد سويطات، والذي رحل عنا تاركًا وراءه، بصماته على المجتمع الحيفاوي، على عشرات الأجيال خادما ومحبا لها.. نتذكره معا في هذه الأمسية، غائبًا بجسده وحاضرًا بروحه، ونشتاق إليه".
الكاتب والأديب محمد علي طه "في قلبك تنبض العروبة صمودا وتحديا"
وثم تحدّث الكاتب والأديب، صديق العمر، محمد علي طه قائلا "غادرتنا تاركا فينا محبة، غارسا فينا ابتسامة لا تهرب ابدا من على سمرة وجهك العروبي، ورحلت عنا بعد أن أودعت فينا صداقة ووفاء مزمّرين بوثاق من حرير.. كنت صديقا صدوقا في زمن نحا الأناس الصداقة جانبا ودفعوا المصلحة للطليعة وكنت مدرسا مربيا مخلصا ترى في التدريس رسالة وطنية وتغمر طالباتك وطلابك بمطر المحبة في زمن صار التدريس فيه عند الكثيرين مصدر رزق لا غير وأكل خبز. في قلبك كانت تنبض العروبة صمودا وتحديا وفي صدرك كانت تعشش البداوة وفاء، وعلى لسانك طهارة ونظافة. اسرعت في رحيلك ففاجأتنا واحزنتنا، وتركت ورائك إرثا عريضا، وصداقات لا تَنسى ولا تُنسى".
الشاعر والأديب حنا أبو حنا "انت صاحب الرؤية الانسانية والوطنية الثاقبة"
وثم تحدث الشاعر والأديب حنا أبو حنا، الذي رافق الأستاذ عيد سويطات عندما كانا مديرين ومربيّين في ذات الفترة، الأول في الكلية العربية الأرثذكسية والثاني في مدرسة ماريوحنا، وقال "نقف عند ذكرى حياة عامرة بالعطاء، حافلة بإحكام نسيج المحبة والاخاء وفتح العيون والاذهان على المعرفة والعلم. الاستاذ عيد سويطات الانسان الانسان، عطّر أفقنا بعطر الأخوة الانسانية فالصلة الوطنية هي التي تربط ابناء شعبنا. أذكر ذاك الظرف الذي احتاجت فيه مدرسة ماريوحنا إلى مدير وكان الجدير بالمنصب الاستاذ عيد سويطات، الذي عرفت ادارة المدرسة وطلابها الاستاذ عيد وكان الاجماع عليه لهذا المنصب، لم يكن سؤال عن الانتماء الديني فنحن ابناء الشعب الواحد.. الى ذكراك معذرة فانت صاحب الرؤية الانسانية الوطنية الثاقبة وانت كما عرفناك صاحب الرسالة الوطنية".
امير مخول: الانسان الكريم والاخ العزيز وصديق وفي"
وثم تحدث الكاتب الأستاذ فراس حنا مخول صديق طفولة للأستاذ عيد سويطات، والذي افتتح حديثه بقراءة رسالة تعزية من أخيه الأسير أمير مخول من سجن الجلبوع وجاء فيها: "عروة الغالي.. ابعث اليكم بأحرّ التعازي ومشاعر المواساة بوفاة والدك عيد سويطات، الانسان الكريم والاخ العزيز وصديق وفيّ. أشارككم الحزن والألم ويعزّ عليّ أن لا أكون معكم في وداعه وفي محنتكم بفقدانه ولكن قلبي معكم ومع هموم العائلة الكريمة.."
الكاتب والأستاذ فراس حنا مخول "رجل المواقف والمبادئ ومؤمنا بخياراته ومحاربا دونها"
واستمرّ الكاتب فراس مخول في كلمته قائلا،"كان عيد الفتى الهادئ الرّصين، كان الشّاب اليافع الجاد الدمث المستقيم، الّذي –وإن لم تبادر أنت إلى احترامه- فرض احترامه عليك فرضًا. احترمته طواعيةً، وأكبرته عن قناعة، وأنزلته من نفسي منزلة الأقرَبين. فتآخينا، ووطَّدت فيما بيننا مودَّة صافية صادقة، دامت على الأيّام. كان عيد الراحل عنّا، الباقي فينا ومعنا رجل المواقف ورجل المبادئ، مؤمنا بخياراته، متمسِّكًا بها، محاربًا دونها، صامدَا أمام التّحدّيات ومحاولات كسر الشَّوكة، تاركًا البصمات النّاصعات في أكثر من مجال، وفي غير ميدان..”
المربّية شريفة عمري “كان مدرسة في درب الحق والاعتزاز العروبيّ”
وثم تحدّثت المربّية الفاضلة شريفة عمري، والتي رافقت الأستاذ عيد في التربية والتعليم في مدرسة ماريوحنا الإنجيليّ، في مسيرة عطاء استمرّت على مدار ثلاثة عقود وأكثر، صامدين مع المدرسة في وجه ضغوطات السلطة بفصلهما والتحديات الناتجة عن ذلك. قائلة :"الأستاذ عيد كان أستاذا في درب الحقّ والاعتزاز العروبيّ وفي الانتماء والهويّة والكبرياء الوطنيّ والوجدان، طمح إلى بناء مجتمع أفضل من خلال بناء الإنسان، لم يكن حياديّا في القضايا التي تخصّ شعبه. هو رجل المواقف وصاحب المبادئ، يرفض النّفاق ويمقت الظّلم ويعشق العمل، العمل البنّاء القائم على الأمانة والإخلاص. وكان النّموذج الحيّ النّادر لرجل التّربية والتّعليم والعامل المتفاني في عمله والعطاء الصادق دون انتظار الجزاء ودون تقاعس وعشوائية فعلّمني أنّ قمّة الفضائل محبّة الطلّاب ، بذلك نكسبهم ونزيدهم ثباتا وصلابة، علّمني أنّ النّزاهة هي طريق السّعادة، وأنّ أبناءنا طلّابنا هم رأسمالنا الغالي وعمادنا وثروتنا. انت القائل أن العلم بوصلة ومفتاح نهضة الشعوب والطريق نحو الحرية في الفكر، كان العين اليقظة السّهرانة على مصلحة طلّابه ومستقبلهم يقدّم مصلحتهم على راحته باعتبارهم مرآة وانعكاسا لنا”.
الكاتب والأديب ناجي فرح :”مثالا يحتذى به في سيرته واخلاصه”
وأبرق الكاتب والأديب ناجي فرح، صديق وزميل الاستاذ عيد سويطات في مدرسة ماريوحنا، كلمته التأبينية من المهجر في كندا ، وجاء فيها "علاقتي معه تجاوزت الزمالة الروتينية، وأضحت علاقة الصديق بالصديق والأخ بالأخ. التحق بالتعليم في هذه المدرسة، لأنه رأى أنّ لهذه المدرسة بالذات دورًا وطنيًا، ورسالةً تستحق الدعم والاسهام فيها.. كان عيد ليّن العريكة، طيّب المعشر، عزيز النفس، وقد مرّت به ظروفٌ صعبةٌ في بداية حياته المهنية، فتجاوزها بقوة إيمانه بنفسه وبمبادئه، وقد دفع ثمنًا غاليًا في سبيل ذلك.. فأبى أن يحني هامته أمام تلك الوقائع. وكان مثالا يحتذى به في سيرته وخلقه وأدائه وإخلاصه. وكان من رعيل أولئك المعلمين الذين يستحقون أن يقف الناس لهم تبجيلا واحترامًا وإجلالا تقديرًا لعطائه".
د. توفيق الصلح "صاحب رؤية واضحة وعمل النحلة بعيدا عن الاضواء"
وكما أبرق الصديق د. توفيق الصلح كلمة تأبينية من المهجر في بلاد التشيك، قائلا "رحل عنا ونحن بأشدّ الحاجة لرجال يتمتعون بالخلق النبيل، لهم رؤية واضحة يعملون عمل النحلة بعيدين عن الأضواء والمكريفونات. لقد نذر طيب الذكر عيد سويطات نفسه للوطن وشعبه علّم وثقّف وكان قدوة لطلابه ولمحيطه، دأب في تهذيب النفس والسلوك، محترمًا عصاميًا لبقا خلوقا، عادلآ منصفا للمظلوم هكذا تعامل مع الصديق ومع الند فكسب احترام خصومه وجعلهم ان يقيموا لمواقفه اعتبار على اختلاف الآراء.. كنت تكره التحيز والتعصب على جميع انواعه، احببت السلم المجتمعي، وبحثت بفتيل خافت وبسراج ساطع عن كل شعاع امل يقدمنا ولو قيد انملة الى مصاف الحضارة الأنسانية الحقّة..”.
الشيخ رشاد أبو الهيجاء "سنستمرّ على عهدك في الدفاع عن الأوقاف والأرض"
الشيخ رشاد أبو الهيجاء، إمام مسجد الجرينة، رافق عيد سويطات في السنوات الأخيرة في مسيرة الدفاع عن الأوقاف العربية الإسلامية في حيفا من خلال لجنة متولي وقف الاستقلال والجرينة "قدم الاستاذ عيد لنا في حيفا شيء كثير، والاثر الكبير، كان همه كيف يحافظ ويعيد ما دمّر من الاوقاف الاسلامية في حيفا بشكل خاص، رغم محاولات ابعاده... عمل الاستاذ عيد على ترميم واعادة اعمار الوقف والغاء مخطط هدم مسجد الجرينة والغاء مصادرة ارض تابعة لوقف الاستقلال، والتصدي لتصريحات يوليا شطرايم التي نادت بضرورة اسكات الاذان في حيفا، معتبرا القضية قضية وطنية من الدرجة الاولى، وقضية كل انسان حر يريد ان يدافع عن وجوده وكيانه. فعمل مع اخوانه على تشكيل لجنة شعبية للدفاع عن الاوقاف ولجنة شعبية ضد العنصرية موحدّة ومكونة من كافة الانتماءات السياسية لخدمة قضية واحدة وهي قضية العرب".
النائب أيمن عودة "تعلمت على يديه الانتماء والأخلاق والوطنية الصادقة"
وثم تحدث النائب أيمن عودة، والذي كان تلميذًا عند الاستاذ عيد سويطات قائلا "عندما ذهبت الى مدرسة ماريوحنا في اليوم الاول علمني الاستاذ عيد سويطات، كان مدرسة في التربية، فتعلمت على يديه الانتماء والاخلاق والوطنية الصادقة، كان أبا وأخا وصديقا ومربيا صاحب رسالة داعما لطلابه ومحبًا لهم فأثر فينا. وشعبنا كله يسجل لمدارسنا الأهلية وللمربين كمربي الاجيال الاستاذ عيد ، النهضة القومية الاولى بالرغم من هجمة الوزارة البشعة عليها. ونتعهد ان نبذل كل ما في وسعنا للتصدي الى هذه الهجمة ضد تعليمنا وثقافتنا وتطورنا وسننتصر. وهذا ما تعلمته من الاستاذ عيد ونحن على أتم وفاء".
عروة سويطات "نعلن تشكيل لجنة شعبية لتأسيس متحف وأرشيف الأوقاف في حيفا على اسم عيد سويطات"
واختتم حفل التأبين، مخطط المدن والمستشار التنظيمي عروة سويطات، في كلمة رثاء لوالده الراحل، قائلا " إنّنا نراك ماشيًا منتصب القامة في كلِّ زقاقٍ من أزقّة حيفا، ونسمع صوتك الجهور في أرجاء مدرسة "مار يوحنّا"، ونستلهم من خشوعك الصّادق في مسجد "الجرينة".. كأنّك لم تذهب بعد..! نراك في الأجيال الّتي أحبّتك وأحببتها، فاحتضنتها واحتضنتنا معك. أوصيتنا بالدّفاع عن الحقّ مؤكّدًا لنا أنّه بوصلة الأخلاق. أوصيتنا بالتّمسك بعمل الخير والعطاء، بعزّة النّفس والفخر والإبتسامة، أوصيتنا بالاستمرار في مسيرة دفاعك عن الأوقاف وصيانة تاريخها."
وأعلن عروة سويطات وباسم لجنة متولّي الوقف وجمعية التطوير الاجتماعي، وبالتّعاون مع القوى الوطنيّة والمجتمعيّة في حيفا، أنّهم بصدد تشكيل لجنة شعبيّة لتأسيس متحف وأرشيف الأوقاف في حيفا.. على اسم المرحوم عيد سويطات".
[email protected]
أضف تعليق