لليوم الثاني على التوالي تستمر فعاليات "أيام القدس الثقافية" التي تنظمها ثلاث مؤسسات فاعلة في مدينة القدس هي دائرة تنمية الشباب ومؤسسة إيليا للإعلام الشبابي ومركز يبوس الثقافي. افتتحت الجلسة منسقة فعاليات "ايام القدس الثقافية" د.مليحة مسلماني التي قالت أننا نجتمع اليوم لطرح ونقاش قضايا وطنية وثقافية هامة وشائكة ذات علاقة وثيقة بالهوية الفلسطينية وبقلبِها القدس، تلك الهوية التي أعادت مأساةُ النكبة صياغتها وشكلت جوهر خطابها في مسيرة الفلسطينيين نحو الحرية وتحقيق السيادة على الأرض.

وأضافت مسلماني أن النكبة قضية شائكة تاريخية ومعاصرة تحيط بها مسائل مترابطة هي الهوية الوطنية والثقافية والدور الذي لعبته وتلعبه الثقافة في إسناد وتعزيز الوجود الفلسطيني ورسم جوهره ومعالمه، وعلى الجبهة المقابلة تحضر استراتيجيات والمخططات الاسرائيلية المستمرة منذ عام 1948 إلى يومنا هذا والتي تهدف إلى تنفيذ سياسات التهجير والحصار ومصادرة الأراضي والعمل بكل ما يمكن من أجل تحويل حياة الفلسطينيين في كل فلسطين التاريخية الى جحيم على الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والمكانية والديمغرافية أيضًا. مخططات تهدف ليس فقط الى تفريغ الأرض من أصحابها بل تعمل أيضًا على سلب الذات الفلسطينية هويَّتها وحقَّها في الوجود.

الاديب محمود شقي

ثم قدمت مليحة مسلماني ضيف الندوة الأديب محمود شقير الذي تحدث في محاور متعددة ومتشابكة ذات علاقة بالهوية الثقافية الفلسطينية عامة وبمدينة القدس خاصة، مشيرًا إلى استهداف الإحتلال الإسرائيلي للقدس، المدينة اليبوسية الكنعانية العربية الفلسطينية بمسلميها ومسيحييها، ليجعلها رغم حقائق التاريخ والجغرافيا، ورغم طبيعتها المكرسة للحب وللتعددية وللسلام، عاصمة دولة الاحتلال.

وأضاف شقير أن القدس كانت قد بدأت التفتح على الحياة العصرية منذ مطلع القرن الماضي، متخذًا من المربي والأديب والمفكر خليل السكاكيني نموذجًا للحديث عن أبرز شخصيات النخب الفلسطينية في ذلك الوقت.

وقد تطرق شقير إلى أهمية الثقافة باعتبارها ركنًا من أركان الهوية، ورافعة للشعور الوطني وللتوق إلى الحرية والكرامة، وإلى انتشار ثقافة استهلاكية مسطحة قادمة إلينا عبر الفضائيات ومختلف وسائل الإعلام التي تمولها أو تؤثر عليها جهات أجنبية متسلطة متحكمة في الإعلام العالمي متنفّذة فيه.

القدس في الادب الفلسطيني

وتحدث شقير أيضًا عن القدس في الأدب الفلسطيني وعن صورة القدس في الأدب الاسرائيلي الذي يحاول خلق صورة أخرى لتاريخ وحاضر المكان تنفي عنه هويته الفلسطينية، وعن خطر التهويد الذي يتهدد القدس ما يدعونا إلى خلق ثقافة قادرة على استعادة المدينة لدورها الحضاري باعتبارها مصدر إشعاع ثقافي.

وقد عرضت مسلماني صور أعمال تشكيلية فلسطينية استلهمت مواضيعها من مـأساة النكبة، ثم فُتح النقاش مع الحضور الذي شارك بمداخلات ثرية تضمنت أسئلة ورؤى واقتراحات بهدف النهوض بالواقع الثقافي في مدينة القدس وذلك عبر وضع برامج وآليات عمل ذات مرجعيات موحدة ثقافيًا ووطنيًا تهدف إلى خلق تفاعل ثقافي واسع وفعال في أوساط الشباب خاصة والجمهور المقدسي عامة، ففي مقابل محاولات أسرلة المكان والتاريخ والثقافة تتزايد الحاجة إلى خلق جبهة ثقافية قادرة على مواجهة التحديات المحيطة بواقع القدس والهوية الثقافية الفلسطينية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]