67 عاما على النكبة، وما زال الحاج مصطفى يوسف طميش – ابو اسعد – ينتظر لحظة عودته الى بيت عائلته في قرية اللجون، بعد ان هجر منها هو وكافة اهالي القرية على صوت المدفعيات وزخات الرصاص ، ووعود كاذبة كانت قد حملتها الجيوش العربية التي وصلت البلاد "لتخربها وليس لتحميها" – على حد قوله.

يقص لنا الحاج ابو اسعد تفاصيل ما جرى منذ اليوم الاول لتهجيره قائلا:" اتذكر حينها عندما خرجنا من بيوتنا على امل ان نعود، او على الاقل هكذا كان يظن معظم اهالينا، فاغلبهم كانوا مخدوعين بالجيوش العربية التي اتت لتنقذنا من العصابات الصهيونية في حينه، وهي في الحقيقة قد كانت قد عقدت صفقات تمثيلية مع المحتل، فكل ما كنا نراه حينها ما كان الا تمثيلية سخيفة ضحك فيها على عقولنا لنخرج من بيوتنا على امل ان نعود اليها، وما زال اغلبنا ينتظر ان تأتي الجيوش العربي لتعيدنا الى بيوتنا، وكأنهم لم يستيقظوا بعد هذا الحلم، ولعله حتى اصبح من احلام اليقظة".

خرجنا لا نملك قوت يومنا 

اما عن الليلة الاولى من التهجير فقد قال:" خرجنا من بيوتنا على ان نعود في اليوم التالي، فلم نأخذ معنا حتى قوت يومنا، ولا حتى شراب نروي ظمأنا به، فقد اخبرونا اننا سنعود في صباح اليوم لقرانا وبلداتنا ,وما زلنا ننتظر".

واردف قائلا:" ان صورة الليلة الاولى ما زالت محفورة بمذكرتي ولن انساها ما حييت، اذكر كيف افترشت العائلات العراء، والوحيد الذي اوانا في حينها هي شجرة الزيتون، فقد كان تحت كل شجرة زيتون حوالي اربع عائلات دون مأكل او مشرب، وكل مرة كانت تقول لنا الجيوش العربية نفس العبارة : "ماكو امر"، او يأخذون خيرة شبابنا ليحاربوا دون اسلحة، وكل يوم كان يقتل اثنين او ثلاثة من خيرة شباب بلدتنا دون أي نتيجة تذكر".

ويستذكر الحاج ابو اسعد ذكرياته الشبابية والاندفاع الذي كان يملكه قائلا:" لم اتمكن ان ارى اهلي وعائلتي دون مطعم او ملبس، فحين كنت في الخامسة عشر قررت ان ادخل خلسة الى اراضينا، اراضي اللجون تحت زخات الرصاص لاحصد بعض القمح واقطف بعض الثمار، الامر حينها كان جدا خطير ، فالعديد استشهد لقيامه بهذا العمل بعد ان اصيب بعدد من الرصاصات، والعديد من سجن، ولكن كل هذا كان اهون علي من ان ارى عائلتي دون مأوى او طعام".

ما اقرب البارحة باليوم، فما يجري اليوم بسوريا اشبه بالكذبة لتهجير اهلها من بيوتهم

لعل ما مر به الحاج "ابو اسعد" اجبره على عدم الثقة بالرؤساء العرب والقيادة العربية على الاطلاق، فقد عانى التهجير هو وعائلته, ورأى الجوع، ودون سابق انذار فقد كل شيء ، حيث قال:" ان كل ما نراه حتى يومنا هذا من الرؤساء العرب ما هو الا مجرد تمثيلية كبيرة لا اصل لها من الصحة، فقد تهجرنا وطردنا من بيوتنا وبالتالي اتفق على تسليم منطقة المثلث!! ومن فاوض بإسمنا ؟؟ ومن فوضه ليفاوض بإسمنا ؟ سلمونا وضيعوا اراضينا فكيف لنا ان نثق بهم؟ اليس هم انفسهم من قال "ماكو امر"؟ لا اعتقد انه سياتي يوم وسأتمكن من ان اثق بمن سلمنا بعد ان وثقنا به, فهم اوهمونا بأكبر فيلم رأته البشرية".

واختتم قائلا:" انظر اليوم الى حال الدول العربية وبالاخص سوريا، معظم الشعب السوري قد نزح، وهم ما زالوا يتحدثون عن حماية المدنيين، ما اشبه البارحة باليوم!! وكأن التاريخ يعيد نفسه".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]