سقطت مدينة حيفا بيد العصابات الصهيونية بتاريخ 17/04/1948 ،وبعد اقل من شهر سقطت مدينة عكا هي الاخرى.
عائلة بشتاوي كانت تسكن" البلدة التحتى" في مدينة حيفا بالقرب من ساحة الحناطير، وفي ليلة حالكة بدأ الهجوم الاخير والفاصل من قبل اليهود في المدينة على الحي ما دب الرعب والفزع في نفوس العرب واضطروا الى الهروب الى ميناء حيفا ومن هناك الى الشتات في قوارب كانت بانتظارهم..احد هؤلاء المهجرين كان الطفل فخري البشتاوي(11عاماً) انذاك..
كانت القوارب في انتظارنا
وقال بشتاوي (78) لمراسلنا:استمرت المناوشات بين العرب واليهود بين كر وفر حوالي ثلاثة اشهر،وحينها لم يكن العرب منظمين والسلاح الذي كان بحوزتهم سلاح شخصي ومن طراز قديم وببضع رصاصات،حتى ازف اليوم المشؤوم،وفي تلك الليلة شن اليهود هجوما كاسحا على البلدة التحتى بوابل من الرصاص وقنابل مدفعية،الامر الذي دب الذعر في نفوس الاهالي والاطفال،وهرع السكان بحمل خفيف الى ميناء حيفا حيث كانت السفن والقوارب في انتظارنا،وقد وصلنا صباح اليوم التالي مع اهلي الى ميناء عكا.
لاجئون وفارون
وتابع بشتاوي:كانت القوارب تعود من ميناء عكا محملة بسكان من المدينة لتقلهم الى خارج عكا،فما كان نصيب عكا افضل من حيفا،حيث كانت تتوارد الى مسامع اهالي عكا ما يجري من حولهم من مجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية في القرى المجاورة واختاروا لنفسهم الهروب من المدينة قبل ان تقع الواقعة،ولم تمر سوى بضعة ايام على وصولنا الى عكا حتى سقطت هي الاخرى.
خسرت طفولتي
واسهب بشتاوي:كان والدي يعمل فرانا في وادي الصليب في حيفا قبل ان نخرج من حيفا قسرا،وكانت حالتنا الاقتصادية ومعيشتنا في افضل حال،وكنا نعيش في بيت رحب"سداح مداح"،لكن كل ذلك انقلب فجأة لنبدأ مرحلة جديدة من حياتنا في عكا وفي بيت صغير مستأجر،وكنت حينها طفلا،فقد خسرت اصدقائي وزملائي على مقاعد الدراسة في حيفا،وبت ابحث عن اصدقاء وزملاء جدد في مدينة عكا،اه ما اصعبها من طفولة!!
الخميرة
قرر والدي افتتاح فرن في عكا لمواصلة الحياة وهذه كانت مهنته،واعتاد والدي شراء"الخميرة" حين كنا في حيفا من محل في "البلدة التحتا" بشارع الملوك،وهكذا استمر والدي بشراء الخميرة من حيفا حتى بعد ان حط رحالنا في عكا،وفي احد الايام شعر ابي بوعكة صحية فطلبت منه ان اسافر الى حيفا لشراء الخميرة،تردد والدي في البداية لكنه وافق اخيرا مضطرا،وسافرت الى حيفا وقررت في نفسي ان اذهب لأشاهد ما حل ببيتنا هناك،وحين وصلت المكان وقفت متسمرا وعجزت ان ابقى واقفا على قدمي حين شاهدت الأطلال وبيتنا وبيوت الحارة مهدمة......
[email protected]
أضف تعليق