* بينما تتسم سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعنصرية والتمييز القومي، تتسم تجربة المواطنين العرب بالعزيمة والصمود. التمييز والصمود هما كلمتان مركزيتان بالعربية ومن الجدير لكل عضو كنيست حفظهما.
* التطرف العنصري في السنوات الأخيرة ينعكس من خلال التشريعات العنصرية والتعدي على حقوق وحريات المواطنين العرب، بالإضافة إلى تقلّص الهامش الديمقراطي العام
* لا يوجد شريك في الطرف الإسرائيلي للتوصل لاتفاقية سلام وإنهاء الاحتلال، لا بل أن إسرائيل تواصل توسيع المستوطنات وتكريس الاحتلال
* أم الفحم خرجت من الانتخابات قوية أكثر وموحدة أكثر من أي وقت مضى، وكل ما فيها من خير كثير هو بالرغم من سياسات الحكومة وليس بفضلها
في خطابه الأول أمام الهيئة العامة للكنيست طرح النائب د. يوسف جبارين رؤيته المستقبلية من أجل تحقيق المساواة المدنية والقومية للمواطنين العرب بالبلاد. وأشار جبارين في كلمته إلى التحولات الخطيرة التي يمر بها المجتمع في إسرائيل والتحولات الجارية على الخارطة السياسية التي تنحرف نحو اليمين المتطرف وتقود إلى تردي الأوضاع السياسية، والاقتصادية الاجتماعية في البلاد.
وأكد جبارين في كلمته على سياسات التمييز العنصري التي تنتهجها مؤسسات الدولة ضد المواطنين العرب، وعلى إصرار المواطنين على الصمود في وجه هذه السياسات والتصدي لها والنضال من أجل الحفاظ على حقوقهم في وطنهم، واستعرض جبارين مجموعة من المعطيات الرسمية الدامغة التي تعكس وجه السياسات الرسمية العنصرية للحكومة وإلى مجموعة من الحلول المتوفرة التي ترفض الوزارات المسئولة تنفيذها.
وتطرق جبارين إلى تردي الأوضاع السياسية في المنطقة بسبب تعميق مشروع الاستيطان وترسيخه، مما يمنع الوصول لحل سياسي وسلام بين شعبي البلاد. وأكد جبارين في كلمته: "الشعب الفلسطيني ما زال يقبع تحت الاحتلال حتى بعد قبول القيادة الفلسطينية بحل الدولتين الذي يضمن لهم فقط 22% من مجمل مساحة فلسطين التاريخية، هل هذا كثير على الفلسطينيين؟ ولكن في إسرائيل ليس هنالك شريك حقيقي للفلسطينيين من أجل الوصول إلى سلام".
كما وطرح جبارين القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلدات العربية بسبب سياسات التمييز من خلال طرح القضايا التي تعانيها مدينة أم الفحم: "أنا ابن مدينة أم الفحم، وبلدي هي مثال صارخ لما تقدم، مدينة تقع في أدنى درجات السلم الاقتصادي- الاجتماعي، تتبوأ الأماكن الأولى في معدلات الفقر والبطالة والاكتظاظ السكاني ومن نقص خطير في البنى التحتية. مدينتي ومسقط رأسي أم الفحم تعرضت في الآونة الأخيرة لحملة تحريض عنصرية وهجوم ممنهج عبر شعارات عديدة منها "أم الفحم لفلسطين واريئيل لإسرائيل" من وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان، وأفضل رد وجواب لهذا التحريض وقوفي هنا أمامكم من على منبر الكنيست بعد نجاح القائمة المشتركة في تعزيز قوتها وفشل قائمة ليبرمان. رغم التحريض، فان أم الفحم خرجت من الانتخابات قوية أكثر وموحدة أكثر من أي وقت مضى، وكل ما فيها من خير كثير هو بالرغم من سياسات الحكومية وليس بفضلها".
وأضاف جبارين "منذ نعومة أظفاري سافرت يوميا في الباصات ذهابًا وإيابا من مدينتي أم الفحم إلى مدرسة المطران في الناصرة وكانت المسافة الطويلة من السفر تطرح أمامي أسئلة عديدة حول فشل التعليم الرسمي في البلدات العربية، بالإضافة إلى أسباب تطور مدينة العفولة التي يمر منها الباص في حين تعاني بلدي أم الفحم من انعدام البنى التحتية؟ لماذا لا تمر خطوط الباصات من بلدي ولا توجد محطة باصات مركزية داخل البلد؟ لماذا لا يوجد مستشفى في مدينتي؟ ولماذا تغيب المؤسسات والدوائر الحكومية عن بلدي؟ لماذا لا توجد مناطق صناعية ومرافق خدماتية أساسية، بينما تتواجد هذه الخدمات بكثافة في تجمعات سكانية يهودية مجاورة؟ أم الفحم أكبر من العفولة وقائمة قبلها بكثير، فلماذا لا تحصل على حقوقها؟".
وأشار جبارين في خطابه: "إن مبدأ المساواة والسعي من أجل إحقاقه ليس قضية حقوقية وقضائية فقط وليس قضية جماهيرية عامة بل قضية أخلاقية من الدرجة الأولى. يتطلب منا جميعا العمل والسعي من أجل تغيير المنطلقات السياسية في البلاد وطرح بديل ديمقراطي يقع في صلبه الاحترام المتبادل، الاعتراف بخصوصية الآخر والشراكة الحقيقية من أجل إحقاق المساواة الجوهرية التي تضمن توزيعة عادلة للموارد على المستويين الرمزي والمادي."
كما وطرح جبارين في خطابه عشرة مبادئ أساسية في مجالات مختلفة من اجل إحقاق المساواة الكاملة بين المواطنين العرب والمواطنين اليهود وقوننة الحقوق الجماعية: أولًا، الاعتراف بالأقلية العربية كأقلية قومية وبحقوقها الجماعية ومراعاة خصوصيتها الثقافية والدينية كونها مجموعة أصلانية. ثانيًا، الاعتراف بالحقوق القومية إلى جانب الحقوق المدنية. ثالثًا، الاعتراف بالثنائية اللغوية وتحويل الحيز العام إلى حيز ثنائي اللغة تكون فيه العربية إلى جانب العبرية في الممارسة وليس في الجانب التصريحي فقط. رابعًا، ضمان التمثيل الملائم والمؤثر للمواطنين العرب في مواقع اتخاذ القرار وفي المؤسسات الجماهيرية من أجل ضمان تأثيرهم. خامسًا، ضمان الإدارة الذاتية للمواطنين العرب في المجالات التي تعكس خصوصيتهم الجماعية كالتربية والتعليم، الثقافة، المؤسسات الدينية، الإعلام والتخطيط وذلك إلى جانب تثبيت شراكتهم في الحيز العام.
سادسًا، تخصيص عادل للموارد الجماهيرية والمادية بما في ذلك الميزانيات، الأراضي والمسكن، وتوزيع الموارد بحسب مبادئ العدالة التوزيعية والتفضيل المصحح. سابعًا، ضمان التعبير عن الخصوصية الجماعية للأقلية العربية في الموارد الرمزية للدولة، بما في ذلك العلم، الشعار، والنشيد الوطني والتشارك في صياغة الموارد الرمزية. ثامنًا، ضمان حق للمواطنين العرب بالتواصل الحر مع عمقهم الاجتماعي والثقافي ومع عمقهم الوطني والقومي فلسطينيًا وعربيًا. تاسعًا، توزيع عادل ومتساو لموارد الهجرة والتجنيس في البلاد بحيث لجميع المواطنين. عاشرًا، الاعتراف بالغبن التاريخي بحق المواطنين العرب الفلسطينيين وتصحيح إسقاطاته المستمرة إلى يومنا هذا، بما في ذلك قضية مهجري الداخل، قضايا الوقف الإسلامي ونقل صلاحيات إدارتها عليه للمواطنين العرب، والاعتراف الفوري بالقرى غير المعترف بها.
وفي نهاية كلمته، شكر جبارين عائلته ورفاقه في الجبهة وكوادرها وزملاءه في القائمة المشتركة على الدعم الكبير، كما وشكر أعضاء الكنيست السابقين عن الجبهة محمد بركة وحنا سويد وعفو إغبارية. وختم جبارين خطابه واعدًا كل من يحلم بالمساواة والسلام والديمقراطية أن يكرس جل طاقاته من أجل إحقاق هذا الحلم.
[email protected]
أضف تعليق