كما في كل حكاية, تبدأ بكان يا ما كان في قديم الزمان...بدأت الحاجة كاملة أبو الهيجا من طمرة حكايتها بكان يما كان وانتهت بالدمعة على الاطلال وانتظار نهاية الحكاية بالعودة الى ارض ولادتها، الحدثة المهجرة.
الحاجة كاملة ابو الهيجاء ابنة الـ84 عاما لا تنسى للحظة كل ثرى من ارضها المهجرة , لا تنسى ان تذكر في حكاياتها لأبنائها واحفادها انه كان لنا ارض وبيت في الحدثة ولا تنسى ان لنهاية الحكاية رحلة في طريق العودة.
ما زال حلم العودة يخفق في قلبي
بابتسامتها الهادئة وضحكتها الراحلة خلف ايمانها بالعودة كانت الحاجة كاملة أبو الهيجا تروي حكايتها بأرض الحدثة التي هجّرت منها طفلة بلا حول ولا قوة وتقول :" كنا نعيش بحياة بسيطة في الحدثة , نعتاش بما تنتجه الأرض وما تصنعه سواعد الفلاحين في الأرض. ورغم بساطة الحياة الا انها كانت الحياة الاجمل , لأنها ارض ولادتي واهلي ووطني , ما زال حلم العودة يخفق في قلبي , ولا انسى للحظة اني ابنة قرية الحدثة المهجرة.
وأضافت الحاجة كاملة :" ازور الحدثة كل سنة، ازور بقايا بيتنا المهدّم وارضنا المسلوبة , ونبعة الماء التي ما زلت اتخيل صورة وجهي تلمع فوقها ما قبل التهجير.
التهجير
وعن حكاية تهجيرها قالت :" اذكر حين بدأ جيش الاحتلال بعرض مجازر ومذابح ارتكبها امامنا, من اجل ارهابنا واخافتنا، كي نترك ارضنا وبلادنا ولكنهم لم ينجحوا في ذلك. فكانت لغة الحيلة ولعب دول الصديق الحميم للعرب , ولكن سرعان ما كشّروا عن انيابهم حتى ظهرت من خلفها وحوشا تنهال على قريتنا بالرصاص والقنابل, ما دفع بعض اهل القرية للرحيل والهرب والبعض الاخر استسلم للاعتقال ومنهم من ابى الا ان يستشهد فوق ارضه متمسكا بكل شبر فيها.
الحياة في الحدثة
وعن الحياة في الحدثة قالت :" رغم بساطة الحياة في ذلك الحين, الا ان الناس كانوا يعيشون بمحبة واحترام، كانوا يتقاسمون خبز يومهم, واذكر أيضا اننا كنا بعلاقة طيبة مع جيراننا اليهود الذين سكنوا بالقرب من بلدنا الحدثة, حيث كنا نتبادل القمح والحبوب بالحمضيات والليمون كنوع من التجارة .
وتابعت الحاجة كاملة :" ما زالت ارض الحدثة والحياة فيها حسرة في قلوبنا حتى هذا اليوم, ما زلت احن الى بيتنا وارضنا وشجرنا وينابيع الماء فيها , وكم اشتاق للعودة اليها, فليس هناك اغلى منها.
اللعب بالحناء
واذكر في الطفولة أيضا حين كنا نلعب بألعابنا المشهورة ونضع الحناء على ايدنا , ونصنع الارجوحة من الحبال, وكانت لنا حريتنا وكانت السعادة تكاد لا تنقطع عن ناظرنا, حتى جاء شبح الاحتلال واحتل بلادنا وقرانا .
وتابعت الحاجة كاملة :" لا انسى يوما ان اذكر في حكاياتي لأحفادي ارض الحدثة , حتى باتت راسخة في عقولهم, واصبحوا يطلبون زيارتها باستمرار , وهم يدركون تماما ماذا تعني لهم الحدثة , وان لهم جذورا انغرست بالأرض وتنبت حرية من جديد , واهم سيعودون اليها يوما من الأيام .
واختتمت الحاجة كاملة حكايتها بقولها :" انا اليوم أعيش بمنزل كبير وكل المستلزمات متوفرة والحمد لله , واتقاضى معاش الشيخوخة من التامين, ولكن لا اريد المعاش ولا البيت الكبير, لأني لا املك ارضي التي هي ملكي الحقيقي ولا اجد ارضا اوهبها لأبنائي من بعدي. فمن يجد له ارضا يملكها يفلحها ويزرعها ويأكل من خيرها ويهبها لأبنائه من بعده , فهذا هو الانسان المبسوط .
[email protected]
أضف تعليق