في أحضان البلدة القديمة في القدس ،تقع حارة تسمى بـ "حارة الشرف" ملاصقة لحارة المغاربة من جهة الغرب ،لن تتفاجأ عندما تدخل هذه الحارة للمرة الأولى إذا كنت مدركاً سابقاً أنها احتلت منذ زمن واستولى عليها المستوطنون بالكامل ،حيث سترى الأعلام الاسرائيلية ترفرف في كل مكان وزاوية منها . 

في اتصال أجريناه مع العم "أبو العبد" أحد ساكني هذه الحارة والشهود عليها منذ القدم ، يقول: "سميت حارة الشرف بهذا الاسم نسبة إلى أحد أكابر رجال القدس ويُدعى شرف الدين موسى، وقد عُرفت ذريته ببني شرف، وعرفت منطقة سكناهم قديماً بحارة الأكراد ثم سميت بحارة العلم، وشمل الشرف العديد من الحارات أبرزها حارة الحادرة والصلتيين وحارة سوق البطيخ والشاي وحارة الريشة وحارة صهيون وحارة اليهود، وكان أغلب سكان الحي من المقدسيين الفلسطينيين وعاش إلى جانبهم عدد محدود من اليهود".

مضيفاً أنه " في سنة 1967م تم طرد كل العائلات العربية المقدسية وطردوا ثلاثة آلاف من سكانها الفلسطينيين، ودمروا معظم منازلها، وبدأت جرافات الاحتلال بهدم وتدمير كل البيوت في حارة المغاربة حيث كانت تحوي على مخبز ومقهى ومحال للخضار وكلها حولت إلى ساحات ومواقف سيارات بفعل الجرافات".

وبيّن أن "العائلات العربية المقدسية بعد الطرد الذي تعرضت له شُردّت بين حارات البلدة القديمة وبعض العائلات وقامت وكالة الغوث للاجئين ببناء بيوتٍ لهم في مخيم شعفاط وبعض العائلات توزعت على أحياء البلدة.

بدون عرب 

عدسة كيوبرس تجولت في هذه الحارة والتقطت العديد من الوجوه اليهودية المتواجدة في تلك الحارة باحثة عن وجهٍ عربي واحد علّها تستطيع من خلاله إظهار حقيقة هذه الحارة المدفونة منذ زمن ورصدت أيضاً اللافتات التهويدية التي كانت تحوي اللغة العربية وحُولت إلى اللغة العبرية، في خطوة منهم لمحاولة طمس الطابع العربي وإبقاء الطابع اليهودي البحت الذي بات واضحاً لعدستنا حيث شوهت معالمها الإسلامية والتاريخية بالكامل.

ويزيد على الجرح وجعاً حين ترى تعانق المآذن بتلك الأعلام التهويدية المزيفة والتي تحاول إخفاء جمال البناء الأثري والعمراني القديم لتلك الحارة المسلوبة عروبتها.

لكن على الرغم من الطابع اليهودي المسيطر على هذا الحيّ وقيام جرافات الاحتلال الإسرائيلي بدثر ما تبقى من أصول عربية اسلامية في ذاك الحي إلا أن حارة الشرف وحيّ المغاربة لن يندثروا وستبقى كل منهما عالقة في ذاكرة كل من سكنهما ولن تنمحي من مخيلتهم وقلوبهم، وكلّهم أمل بأن أصحاب الحق المهجرين سيعودون إلى حاراتهم وأحيائهم وبيوتهم يوماً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]