باشرت إسرائيل الأسبوع الفائت إجراء أعمال تنقيب عن النفط (الذهب الأسود) في هضبة الجولان السوري المحتل وذلك لأول مرة منذ أن سيطرت إسرائيل للجولان عام 1967. وكانت شركة "أفيك" الإمريكية قد بدأت بأعمال التنقيب التجريبية في الجولان، الأمر الذي أثار حفيظة ومعارضة أهل الجولان المحتل ومنظمات بيئية إسرائيلية.
يُشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد منحت موافقتها للشركة الأمريكية "أفيك" في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي بالبدء بأعمال التنقيب عن النفط المسال في 10 مواقع تمتد على مساحة 150 ميلا من هضبة الجولان، وعلى مدار فترة 3 سنوات. إلا أنه توجهًا للعليا من قبل المنظمات البيئة أدى إلى تأجيل أعمال التنقيب عن النفط، وصدر قرار من محكمة العدل العليا في أواخر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2014 بالموافقة على أعمال التنقيب عن النفط على الرغم من موجة المعارضة التي سترافق القرار لتعارضة مع نص القانون الدوليّ.
د. عاصي: إنتهاك للقانون الدوليّ
وفي حديثٍ لموقع "بكرا" مع المختص في القانون الدوليّ د. جوني عاصي أكد على أن ما تقوم به إسرائيل هو إنتهاك سافر للقانون الدوليّ، والذي ينص على أن المقدرات والموارد البيئية، أي كانت، في المناطق المحتلة تعود للدولة التي تملك السيادة الأسمية على المنطقة وليس السيادة الفعلية وفي هذه الحالة تعود تلك المقدرات إلى دولة الأسم سوريا.
وذكر د. عاصي القرار رقم 1515 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة عشرة بتاريخ 15ديسمبر 1962 الذي اوصى باحترام الحق المطلق لكل دولة في التصرف في ثرواتها ومواردها وفقا لحقوق الدولة وواجباتها كما يقرره القانون الدولي. كما وذكر القرار رقم 1803 الصادر ايضًا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة عشرة بتاريخ 19 ديسمبر 1962 والذي يؤكد على أن الجمعية العامة تعتبر ان اهم اجراء يتخذ في هذا الخصوص (حق كل دولة ذات سيادة في التصرف بحرية في ثرواتها ومواردها الطبيعية)، يجب ان يؤسس على الاعتراف بالحق الوطني لكل دولة في ان تتصرف بحرية في ثرواتها وفي مواردها الطبيعية طبقا لمصالحها الوطنية. كما أعلنت في نفس القرار ضمن أشياء أخرى-ان " الاعتداء على حقوق الدولة في السيادة على مواردها وثرواتها الطبيعية يتعارض مع روح مبادئ ميثاق الامم المتحدة، كما أنه يعوق نمو التعاون الدولي وحفظ السلام العالمي".
وأكد د. عاصي على أن أهل الجولان بمقدروهم الإعتراض على القرار، وكذلك الدولة السورية التي تعاني حاليًا من أزمة داخلية كبيرة، إلا أنه أوضح أنه لا يعرف اذا ما كانت هنالك أية مؤسسات حقوقية تتابع قضايا أهل الجولان المحتل.
ووازى د. عاصي بين التنقيب عن النفط في الجولان المحتل وإستحواذ إسرائيل، بخلاف القوانين والاتفاقيات الدولية، على نحو 85% من موارد المياه الفلسطينية، مشيرًا إلى مساعي الدبلوماسية الفلسطينية في مواجهة هذا الإستحواذ واعادة السيادة الفلسطينية على المياة الجوفية والسطحية.
الجولان المحتل سيواجه هذا القرار بالإمكانيات المتاحة حاليًا
وفي تعقيبه على الموضوع قال الناشط السياسي بشر المقت على أن الإحتلال ومنذ مدة بدأ بسرقة المياه الجوفية لأهل الجولان وهو مستمر في نهجه الإحتلالي. فيما يتعلق بالتنقيب عن النفط، سنواجه هذا القرار بالتفعيل الضغط العالمي والحديث عنه في كل محفل دوليّ، سواءً قانونيّ أو سياسي.
وعن ضعف القدرة على مواجه تلك "السرقة" خاصةً وأن الدولة السورية تمر في أزمة ويفتقر الجولان إلى مؤسسات حقوقية تتبنى القضية لتدافع عنها، قال المقت: هذا التشخيص للأسف قريب من الواقع، حاليًا وبسبب الأزمة التي تعصف في سوريا سيكون من الصعب على الدولة السورية مواجهة مساعي الإحتلال. فكلنا نعلم أن جهود الدولة السورية تصب حاليًا على دحر الجماعات الإرهابية في الجزء غير المحتل من هضبة الجولان السورية، حيث تسعى إسرائيل بتعزيز قوتها وفرض سياج أمني لها، وانا على قناعة على أن الجيش السوري سيكون في مواجهة فعلية مع الجيش الإسرائيلي وحينها سنتحدث عن تحرير كل الجولان وليس فقط سرقة المقدرات البيئية والنفطية.
وأكد مرة أخرى: حتى المواجهة الحقيقة وتحرير الجولان سنتغل كافة الإمكانيات المتاحة لنا قانونيًا ودوليًا لمواجهة القرار.
بدوره أكد الناشط السياسي صدقي المقت على تصريحات بشر المقت موضحًا: من نافل القول على أن الحديث يدور عن قرصنة، سرقة وسطو في وضح النهار. المقدرات في الجولان السوري المحتل، أي كانت، تعود ملكيتها إلى أهالي الجولان وإلى وطن الأم سوريا وفق ما متعارف عليه إنسانيًا ودوليًا.
وأكمل: في ذات الوقت لا بد من التوضيح على أن تلك السرقة لا تختلف عن سرقة التراب (الاحتلال للجولان) أو سرقة المياه الذي يقومون اليوم ببيعه لنا بأسعار خيالية. في الجولان المحتل هنالك اليوم 43 مستوطنة ومدينة استطانية كبيرة (كتسرين) وهنالك قرابة الـ 20-25 الف مستوطن على أرضنا!.
وعن طريقة التصدي للتنقيب قال المقت: في الوقت الحالي سنعمل على التصدي ضمن الإمكانيات المتاحة لناـ. وهنا تقع المسؤولية على الدولة السورية، ممثلةً برئيسها بشار الأسد، بالتصدي لهذا المخطط بالطرق المتاحة لها.
الأمم المتحدة ...وإحتلال الجولان...
بقي أن نشير إلى أن الأمم المتحدة أعتمدت في 19 ديسمبر/ كانون أول 2014 مشروع قرار "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية".
ووفقا لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) في حينه فقد صوتت 165 دولة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح القرار، بينما عارضته 6 دول (إسرائيل، والولايات المتحدة، وكندا، وبالاو، وميكرونيزيا، وجزر المارشال)، وامتنعت 9 دول عن التصويت (استراليا، والكميرون، وهندوراس، وكيريباتي، وملاوي، وبنما، وبابوا غينيا الجديدة، وباراغواى، وتونغا).
وللتذكير فقط، قام البرلمان الإسرائيلي عام 1981 بالتصويت على ضم (إحتلال) الجولان لإسرائيل إلا أن المجتمع الدولي لم يعترف بهذه الخطوة. وبحسب القانون الدولي فإن حدود سوريا تصل حتى بحيرة طبريا، والتي تعتبر أكبر مصدر للمياه لدولة إسرائيل.
إسرائيل تشرعن "السرقة" !!
وكان قد ذكر د. ألون ليئيل، المدير السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية والسفير الإسرائيلي السابق في تركيا في حديثٍ له مع مجلة تركية إن حقيقة قيام إسرائيل بأعمال الحفر والتنقيب عن النفط في أراضي محتلة لا يشكل أي أهمية للجمهور الإسرائيلي.
وأضاف قائلا لذات المجلة: أنا لا اعتقد على الأقل في الوقت الراهن أن إسرائيل سوف تنسحب من هضبة الجولان، خاصة ما دام الأسد في السلطة وما دامت سوريا دولة غير متماسكة وغير مستقرة. وأضاف: من خلال القليل الذي عاينته حول الموضوع فإن قرار التنقيب هو قرار مهني.
[email protected]
أضف تعليق