لم تتوقع والدة الطفل حسن من قضاء رام الله حجم المعاناة التي ستجدها خلال رحلة علاج ابنها من المرض الخبيث في المستشفيات الاسرائيلية. فالحواجز على المعابر وحواجز اللغة والبيروقراطية تنضم جانبا الى معاناة اصدار التحويلات والتغطيات المالية والتصاريح الأمنية. وكل ذلك خلال رؤية إبنها يموت أمام أعينها.

الطفل حسن، 7 سنوات، مصاب بمرض السرطان، ومع بداية العام الماضي تم تحويله الى مستشفى هداسا في القدس لإجراء فحص التصوير بالتنويم المغناطيسي MRI ولكن البيروقراطية في مكاتب شراء الخدمة في وزارة الصحة الفلسطينية كانت طويلة ومتعبة جدا للأهل والذين وصلوا الى المكاتب يوميا من أجل الحصول على تغطية لهذا الفحص دون جدوى. وبعد مرور 3 أشهر بلا نتيجة تواصلت والدة حسن مع جمعية "سلامتكم" ليقوم متطوعيها بالمساعدة في كل الامور البيروقراطية بما في ذلك التواصل مع المستشفى وحجز مواعيد الأدوار واستقبال الطفل ووالدته من حاجز قلنديا ومرافقتهم خلال كل هذه الرحلة المتعبة والتي انتهت هذا الاسبوع في خضوع حسن لعملية جراحية في هداسا بعد أكثر من عام من ألالم.

الاف المرضى ...حسن 

انها ليست قصة والدة حسن وحدها، بل قضية آلاف المرضى الفلسطينيين الذين يأتون الى العلاج في مستشفيات الاحتلال. 9318 حالة مرضية من قطاع غزة والضفة الغربية وصلت الى المستشفيات الاسرائيلية خلال العام 2013 بهدف العلاج. وقد ارتفع هذا العدد خلال عام 2014 لتزيد معه عدد طلبات المساعدات التي تصل يومياً الى متطوعي جمعية "سلامتكم" والتي تم اقامتها قبل عدة سنوات من أجل مرافقة ومساعدة مرضى فلسطينيين ومرافقيهم، تاركين عائلاتهم وبيوتهم لفترات طويلة وآتيين الى مستشفيات اسرائيلية للعلاج من أمراض مستعصية لا يتوفر لها علاج في مستشفيات الضفة .

انطلقت "سلامتكم" منذ ثلاثة اعوام لتصبح خلال فترة قصيرة عنوانا رئيسياً، ووحيدا في معظم الحالات، لمئات المرضى والعاملين الاجتماعيين. مبادرة أقامتها مجموعة شباب وصبايا من القدس وضواحيها وفلسطينيي الداخل بهدف المساعدة في امور عديدة مثل الترجمة والتوصيل من الحواجز الى المستشفيات والتخفيف عن المرضى.

يقول المحامي يعقوب ابراهيم ، من مؤسسي جمعية "سلامتكم": لعلاج في إسرائيل يُكلّف مبالغ طائلة، تقوم وزارة الصحة الفلسطينية بتغطية نسبة كبيره من تكاليفه للمرضى الذين حالفهم الحظ فقط. ولكن هنالك عشرات وربما مئات المرضى الذين ينتظرون دورهم ويتصلون بنا شهريا لنتابع قضاياهم امام وزارة الصحة الفلسطينية والمستشفيات الاسرائيلية. مقابل كل قصة نجاح في اصدار تغطيات وتصاريح، هنالك للأسف عشرات الحالات التي تعاني الألم الشديد ولكن لا حياة لمن تنادي"

ريما ابو قطيش، مديرة الجمعية تقول: "المشكلة الأكبر تكمن أثناء وصول المرضى ومكوثهم في مستشفيات اسرائيلية. فمعظمهم لا يتكلمون اللغة العبرية ولا يعرفون الى اين يذهبون وفي حالات عديدة تكون التغطية التي معهم لا تلائم الفحص الطبي ويضطرون العودة الى البيروقراطية مجددا. وهنالك ايضا احتياجات يومية كثيره بالإضافة الى الاجهزة والادوية الطبية التي يتوجب على المريض او أهله توفيرها ولا يوجد من يدعمهم. كما انهم يواجهون العديد من المشاكل والصعاب أهمها الشعور بالملل والوحدة بحيث يُمنع منهم مغادرة باب المستشفى ولا يحظون لزيارات الأصدقاء والأقارب بسبب الأوضاع الأمنية. يُسمح لمرافق واحد فقط من التواجد معهم" تضيف ريما: "نقوم اليوم بتقديم الخدمات في 9 مستشفيات في منطقة القدس والمركز وقد أصبحنا عنوانا يلجأ له معظم العاملين الاجتماعين والمرضى أنفسهم. نقوم بالمساعدة في تقديم الطلبات للتغطيات الطبية، واقتناء اجهزة وأدوية بمئات الاف الشواقل شهريا. كما واننا نقوم بالعديد من الفعاليات الاجتماعية والترفيهية فقد أخرجنا مئات المرضى الى رحلات للبحر او ورشات عمل خارج المستشفى. كلنا متطوعين وتمويل الفعاليات يأتي من أهل الخير فقط".

عبير جبر، عضوة ادارة الجمعية تقول: "فعاليات الجمعية ونشاطاتها تقام بالتنسيق مع العاملين الاجتماعيين والطاقم الطبي وفق احتياجات المرضى. فمثلا، المستشفيات التي لا تُقدم وجبات لمرافقي المرضى فاننا نقوم بتوزيع وجبات بيتية عليهم لانهم لا يستطيعون شراء وجبات نظرا للحالة الاقتصادية الصعبة وغلاء الاسعار في المستشفيات. هذا وقد قمنا ايضا بإنشاء عدة مكتبات باللغة العربية داخل المستشفيات من أجل راحة المرضى".

حنين مجادلة، عضوة ادارة "سلامتكم" تضيف: "مئات المرضى يأتون الى المستشفى بدون سابق انذار وفي حالات طارئة ولا يكون معهم الاغراض الاساسية كالملابس والأكل، ولذلك نقوم بتوفير كل ما يلزم لهم. كما واننا نقوم بالمساعدة في توصيل العديد من المرضى من والى الحواجز وفي حالات عديدة نقوم بتبديل الامهات او الاباء بمجالسة اطفالهم المرضى الصغار لعدة ايام وعلى مدار 24 ساعة من أجل السماح لهم بمغادرة المستشفى لرؤية اولادهم الاخرين والذين لم يروهم منذ اسابيع".

سلامتكم ووطن ..

بهدف تجنيد متطوعين لمساعدة المرضى الفلسطينيين بشكل يومي وليس في حالات الحرب والتوتر الامني فقط اقيم مشروع شراكة بين "سلامتكم" وحركة وطن الطلابية. عن هذه الشراكة يقول مجدي عتيق مدير حركة وطن: واجبنا الوطني والانساني يحتم علينا تقديم المساعدة لأبناء شعبنا وهذا ما نقوم به في حركة "وطن" منذ سنوات. هدف الحفل الخيري المشترك والذي ستحييه الفنانة سناء موسى هو جمع التبرعات وتجنيد متطوعين جدد ليتسنى لنا مساعدة أكبر عدد من المرضى".

وفق المعطيات الرسمية التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية فانه خلال العام الماضي (2013) تم تقديم 13,689 طلباً من قطاع غزة للجانب الاسرائيلي بهدف الحصول على تصاريح لأسباب صحية، تمت الموافقة على 12,115 طلباً منها أي ما نسبته 88.50%. عدد الحالات التي تم تحويلها الى مستشفيات اسرائيلية وصل الى 5040 حالة مقابل 6282 حالة تم تحويها الى مستشفيات شرقي القدس كالمقاصد والمطلّع. عدد الطلبات التي تم تقديمها من الضفة الغربية لنفس الأسباب وصل الى 236,027 وتم الموافقة على 187,578 طلباً. 4278 مريضاً من مناطق الضفة وصلوا الى مستشفيات اسرائيلية و 20,904 مريضا وصلوا الى المستشفيات في شرقي القدس. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]