في اعقاب حادثة اطلاق النار التي نفذها ملثمون استهدفت مقر الصحيفة الفرنسية الساخرة "تشارلي إيبدو" في باريس، وراح ضحيتها 12 شخصًا، كما اصيب عدة اشخاص وذلك بسبب الرسومات الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد (ص) التي عرضتها الصحيفة قبل فترة ليست بطويلة خلال اصدارات خاصة في العامين 2011 و2012، يطرح السؤال؛ كيف يرى الإعلاميون الحادثة؟! خاصةً وأن الحديث يدور عن قيمة حرية التعبير أمام تعمّد الصحيفة تحقير الديانات عامةً واستفزاز مشاعرهم.  

تجدر الإشارة بدايةً إلى أن صحيفة "تشارلي إيبدو"، الفرنسية الأسبوعية الساخرة، تفتخر باستفزاز الأديان الرئيسية في العالم والسياسيين والمشاهير، ومنذ تأسيسها عام 1970 رفعت الصحيفة لواء حرية التعبير وسخرت من كل ما يُسمى اللياقة السياسية.

وكانت قد أصدرت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، عددًا خاصًا تحت عنوان "شريعة إيبدو"، أعلنت فيه النبي محمدا "رئيس تحريرها"!، ما أثار موجة احتجاجات أدّت إلى إحراق مكاتبها وتعرض موقعها على الإنترنت للقرصنة، وغيرها من الاصدارات ايضا في ذات الوقت، اي قبل عامين تقريبا، فلماذا حدث اطلاق النار حاليا فقط، الأمر الذي يثير عددٌ من التساؤلات. 

النهري: الكاريكاتور دفعت إلى النازية 

وفي هذا السياق، قال رسام الكاريكاتور والخطاط سعيد نهري لـ"بكرا" أنه يجب ان تقطع ايادي من يرسم الرسومات المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. النبي محمد لديه صورة رائعة وجميلة ولا يجب ان يتم تشويه الصورة بسبب نهج خاطئ يتبعه بعض دعاة الاسلام.

كما افاد ان الرسومات هدفها الاساءة للنبي واثارة مشاعر المسلمين بشكل خاص، ولا تمتحن حدود حرية التعبير لأنها حدود نسبية غير مطلقة تنتهي عند المس بالآخر. 

وتابع نهري: المحور الاساسي للحديث ليست الرسومات الكاريكاتورية، لانني استطيع ان ارسم مجموعة كاريكاتورية تمس بمشاعر اليهود والمسيحيين بشكل كبير ايضا، انما المشكلة هنا ان الغرب حتى الان لا يفهمون قداسة الأنبياء ويعتبرونهم كعاديين يمكن المس بهم. 

كما اشار الى ان الدين الاسلامي يحترم كل الاديان وقال: انا كرسام كاريكاتور، من ناحية اخلاقية ومهنية من غير الممكن ان امس بمشاعر اليهودي او المسيحي.

كما استشهد نهري بمقولة لـ شمعون بيرس اوحى له بها اثناء مشاركته في معرض بالقدس حيث قال له "الرصاصة ممكن ان تقتل انسان واحد لمرة واحدة، لكن الكاريكاتور يستطيع ان يقتل شعبا كاملا مثالا على ذلك ما حصل لنا في المانيا بسبب الرسومات الكاريكاتورية التي رسمت ضد اليهود والهبت مشاعر الالمانية النازية ضد اليهود".

توقيت العملية غريب والرسومات هدفت الى التحقير

من ناحيته عبر الصحفي وليد حسن، وهو ايضًا رسم الكاريكاتورعن موقفه قائلا: بالطبع انا اشجب وبشدة عملية القتل والعنف وخاصة بهذه البشاعة، الا ان توقيتها غريب جدًا حيث ان الرسومات موجودة منذ فترة طويلة والضجة الاعلامية حدثت منذ زمن، انا اعتقد ان الهدف هو التأثير السياسي على موقف فرنسا لا سيما وأنها دعمت الفلسطينيين مؤخرًا ووقفت الى جانبهم.

ومن ناحية اخرى اعترض حسن ايضا على تحويل المسألة وكانها حرية التعبير عن الرأي وان تكون الكاريكاتورات المسيئة للرسول محمد مجرد صحافة وتابع: هذه ليس تعبير بل تحقير حيث ان الرسومات هدفت فقط الاساءة الى النبي والمشاعر الاسلامية ولا يوجد منها اي هدف او عبرة اخلاقية هي فقط للاهانة والتحقير، وايضا الديانات السماوية خط احمر ولا يجب المس بها .

في حال وصل النقد والسخرية حد التطرف فان ذلك سيكلف بشرا حياتهم

بدورها قالت الاعلامية سماح بصول لـ"بكرا": ما من شك ان حادث القتل مستهجن جدًا. الحرب على حرية التعبير وعلى مساحة حرية التعبيرتشتد أكثر فأكثر، والإعلام يواجه أزمة حقيقية سواء مورست ضده ضغوطات للخضوع لإملاءات ورغبات فئات تحد من حريته، او رقابة ذاتية تدفع للكبت.

وتابعت: بالمقابل الإعلام سلاح شديد الخطورة، لا مجال فيه للعبث، وكل ما ينشر فيه له عدة أوجه، وله قدرة على التأثير سلبًا وايجابًا.من حق الصحيفة ان توجه أصابع النقد لمن تشاء، لكن المشكلة في تحوّل النقد الى سخرية مبطنة بتحريض او اقصاء فئات معينة في المجتمع.

وقالت: كاعلامي وكإنسان أؤمن بحرية التعبير وحرية الاعلام لكن الاعلام يجب ان يكون حساسًا جدا لنبض الشارع وما يدور فيه محليا وعالميا، ويجب ان يكون ذكيا في توجيه نقد غير متهور، لانه في حال وصل النقد والسخرية حد التطرف فان ذلك سيكلف بشرا حياتهم، وفي الحالة العينية كلف طاقم الصحيفة حياتهم.

كما اشارت بصول قائلة: اعتقد؛ من جهة اخرى ان علينا رؤية الصورة من اتجاهات مختلفة؛ يجب رؤية الوجه الاخر لمنشورات الصحيفة والكاريكاتورات التي كان من الممكن ان تكلف مواطنين حياتهم على يد أشخاص متابعين للصحيفة ومؤمنين بالصورة التي تقدمها للفئات المختلفة، ممكن ان يبلغ التطرف اقصى حدوده ويولّد القتل.

واختتمت: شهد التاريخ حالات ساهم فيها الاعلام في التحريض ضد فئات او اعراق معينة، ونحن نشهد اليوم مدى مساهمة الاعلام الاسرائيلي في ازدياد العنصرية تجاهنا كفلسطينيين. قبل شهر تقريبا قام صحافي بنشر تقرير حول المدرسة ثنائية اللغة في القدس تبعه محاولة حرق للمدرسة.

استغرب من التركيز على الرسومات المسيئة للمسلمين وتجاهل تصرفاتنا نحن المسيئة للاسلام

اما الصحفي جمال سواعد فقال لـ"بكرا" : ماحدث في فرنسا هو عمل مشين وجريمة بحق حرية الرأي ايا كانت دوافعه، وبغض النظر عن موقفي المعارض للرسوم المسيئة للرسول الكريم فالراي يرد عليه بالراي وليس بالنار، ومن يرى نفسه متضررًا من مضمون ما في اية وسيلة اعلام فليتوجه للقضاء، ومؤخرا سمعت ان هناك نشاطات للجالية الاسلامية بفرنسا لمواجهة قوانين التضييق على المسلمين وبشكل قانوني وان هناك نقاشات حول الغاء قانون منع الحجاب وصلت الى البرلمان، فتتي هذه العملية لتخلط الاوراق ولتعيد الامور الى مربع الصفر. وبرأيي فان العرب في فرنسا هم اقلية مهاجرة وليسوا مثلنا سكانا اصليين لذا عليهم ان يلتزموا بقوانين فرنسا وان يحاولوا التغيير بطريقة قانونية وشرعية لان العنف سيقضي على مكتسبات الجالية هناك وهذا ليس في صالح احد.

واردف قائلا: اما بخصوص الرسوم المسيئة للاسلام فاستغرب من التركيز عليها ومن تجاهل تصرفاتنا نحن المسيئة للاسلام، فهل قطع الرؤوس والقتل على الهوية في سوريا والعراق ليس اساءة للاسلام؟ وامتلاك العرب والمسلمين لاكبر مخزون من الثروات الطبيعية وفي نفس الوقت هم الشعوب الاشد فقرا وتخلفا اليس ايضا اساءة؟ اتمنى ان تمر الحادثة على خير وان لا يدفع عرب فرنسا ومسلموها ضريبة هذه العملية الدنيئة التركيز عليها ومن تجاهل تصرفاتنا نحن المسيئة للاسلام، فهل قطع الرؤوس والقتل على الهوية في سوريا والعراق ليس اساءة للاسلام؟ وامتلاك العرب والمسلمين لاكبر مخزون من الثروات الطبيعية وفي نفس الوقت هم الشعوب الاشد فقرا وتخلفا اليس ايضا اساءة؟ اتمنى ان تمر الحادثة على خير وان لا يدفع عرب فرنسا ومسلموها ضريبة هذه العملية الدنيئة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]