مستعينا بالخرائط يتنقل بعد أن يغادر الفندق المقيم به في مدينة رام الله، هو ليس سائحا في فلسطين كما يدور في ذهن من يراه، بل مبعدا عن مدينة القدس ومحيطها بأمر من محكمة الا...حتلال لستة أشهر قابلة للتجديد.
فبعد جملة من الاعتقالات التي طالت فارس عويسات (22) عاما من جبل المكبر، أصدر الاحتلال بحقه قرار إبعاد عن مدينة القدس ومحيطها والأراضي المحتلة عام 1948 لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
ملاحقة فاعتقال ثم إبعاد
عويسات ووفقا للخرائط التي أعطته إياه محكمة الاحتلال يستطيع التحرك، وخروجه عن حدودها المرسومة يعرضه للاعتقال وقضاء مدة الإبعاد داخل سجون الاحتلال. يبين عويسات لـ هُنا القدس، أنه وبإضافة لإبعاده حظر عليه الاحتلال التواصل مع عدد من الشخصيات الناشطة في مدينة القدس.
وأضاف أن سلطات الاحتلال حجزت على حسابه البنكي وصادرت منه هويته وفصلت خطوط هاتفه من شركات الاتصالات الإسرائيلية، "الاحتلال يتخذ هذه السياسية في الحياة اليومية للمقدسي بهدف التضييق عليه".
وأضاف،" الاحتلال حجز على مصدر رزقي وحسابي البنكي الذي أحاول توفيره لحياة مستقبلية أفضل لزوجتي وطفلي"، مبينا أن طفله الآن يحتاج الكثير من المستلزمات الضرورية وهو ما سيجبره للبحث السريع عن عمل ليستطيع تأمين حياة أفضل لطفله الوحيد.
ملاحقة أذرع الاحتلال لعويسات بدأت خلال اندلاع الهبة الشعبية في مدينة القدس وامتدادها لجبل المكبر، وما تبعها من حملة اعتقالات لعشرات الشبان، ويقول عويسات إن قوات الاحتلال اعتقلته خمس مرات واتهمته بإلقاء الحجارة والمولوتوف ومحاولة حرق مركبات عسكرية إسرائيلية إضافة لقيامه بالإخلال بالنظام العام، واصفته "بالمخرب"، مؤكدا على أنه لم يعترف بالتهم الموجه إليه كما أن مخابرات الاحتلال لم تقدم أدلة كافية لمحكمة الاحتلال.
الإبعاد يهدد الشباب المقدسيين
لأيام قليلة احتجز عويسات في زنازين المسكوبية في القدس خلال الاعتقالات الخمسة التي تعرض لها، وبعد فشل الاحتلال من إدانته كان يتم الإفراج عنه بشروط الحبس المنزلي لأيام ودفع غرامات تجاوزت (12) ألف شيقل إضافة للتوقيع على كفالات بقيمة (22) ألف شيقل سيقوم بدفعها إذا خالف شروط الإبعاد.
ويوضح عويسات أن محكمة الاحتلال كانت تدعي أن ملفه سريا وكانت ترفض الكشف عن حيثياته التي تركز على أنه "الرأس المدبر لما يدور في جبل المكبر وإذا تم إزالته ستتوقف الهبة في المنطقة".
وكان ضابط الاحتلال قال لعويسات،" لو بقي آخر يوم في عمري، سأحضر لك تهمة من تحت الأرض لن تخطر على بالك، ولن نجعلك تستمر في العمل الذي تقوم به"
ويعلق عويسات،" أشعر بالقلق كثيرا، فربما يلاحقي متعاونون مع الاحتلال ويتهموني بأمور لا أعملها، أو يحاولني اغتيالي ووضع شيء في مركبتي"، ويعلق،" هذا ما يريده الاحتلال أن نعيش في دائرة الشك والقلق وأن نصبح لا نثق في بعضنا البعض".
وحذر عويسات من تطبيق هذا الحكم على كل شاب يتم اعتقاله ولا يملك الاحتلال أدلة لإدانته، "هذه سياسية خطيرة يستخدمها الاحتلال بحق أهالي مدينة القدس، وربما تصبح ممنهجة"، مشيرا إلى أن سبعة شبان آخرين قام الاحتلال بإبعادهم عن المدينة معتمدا على قانون الطوارئ لعام 1948 .
وأكد على أن كل ما يقوم به الاحتلال لن يكون عائقا أمام الشباب المقدسي ليواصل تحركه النضالي في حماية المدينة، "الشب المقدسي سيبقى رأسه مرفوع وسيبقى منتميا لمدينة القدس، حتى لو أبعد لآخر الدنيا"، مضيفا،" سنظل مرابطين وسنبقى أقوياء ولن ننسى القدس أو نقصر بحقها يوما".
الاحتلال يلاحق عائلة عويسات
لم تكتف سلطات الاحتلال بما فرضته من ملاحقات وتضيقات على الأهالي في جبل المكبر وبالخاصة عائلة عويسات، بل أصدرت قرارا بهدم منزل فارس ومنزلي الشهيدين عدي وغسان أبو جمل إضافة لعدد أخرى من بيوت عائلة عويسات.
"الاحتلال يسعى لتهجير أهل القدس، وتفريغهم من المدينة"، مؤكدا،" هذا الشيء بعيدا عن منال الاحتلال، سنبقى أهل الرباط في مدينة القدس".
وبين أن العائلة أصبحت تستعد الساعة الثانية عشرة ليلا لاقتحام قوات الاحتلال لمنازلها واعتقال شبابها،" اعتقلوني وأشقائي وأبي، وأعمامي وأبنائهم، ولم يبقى سوى أن يعتقلوا نساءنا وأطفالنا".
وأكد على أن قوات الاحتلال كانت تقوم بضربهم أثناء الاعتقال وعدم السماح لهم بإرتداء الملابس، وتخويف الأطفال وتفتيش المنازل وتحطيم محتوياتها.
فارس وهو أب لطفل لم يتجاوز الأربعة شهور، يقول إن أياما مضت ولم يرى زوجته وطفله، خاصة أنه ما زال يعيش في الفندق ويحاول ترتيب أموره الحياتية المؤقتة في مدينة رام الله وإحضارهم لقضاء مدة الإبعاد معه.
وأكد عويسات على أنه لم يتلقى أي مساعدة من مؤسسات رسمية أو حقوقية، فيما تتواصل معه حركة فتح اقليم القدس والشبيبة الفتحاوية اقليم القدس و تؤمن له مستلزماته و سكنه . ويتواصل معه بشكل دائم السيد ناصر جعفر - أبو عاصف - عضو قيادة اقليم القدس الذي يتابع موضوع ابعاده و مستلزماته بشكل دوري .
عويسات ناشط مقدسي
فارس عويسات لاعب في فريق جبل المكبر منذ (15) عاما تنقل خلالها من مستوى البراعم إلى الأشبال حتى الناشئين، كما أنه عضو قائد في كشاف جبل المكبر كان يشرف على تنظيمات مهرجانات كبيرة، إضافة للمساعدة بالتنظيم في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان والأعياد.
يعلق عويسات، "كل شيء الآن توقف بسبب الإبعاد، شعوري صعب ولكن ليس أصعب من دم الشهداء الذي سال، وأرواح الأبرياء التي قتلت".
وأضاف،" همي الآن هو المسجد الأقصى، ولا هم لدي أكبر منه، فأنا أحاول الآن التأقلم مع قرار الإبعاد وسأحضر عائلتي إلى هنا، ولكن الأقصى هناك وحيدا"، مستنكرا،" صدمت كثيرا بقلة معرفة الناس بما يدور في المسجد الأقصى من انتهاكات واعتداءات مستمرة وهذا جرحني أيضا".
عويسات لن يقف مكتوف الأيدي أمام قرار الاحتلال، فيؤكد على أنه سيبدأ بالبحث عن عمل في مدينة رام الله،" الآن أريد أن أرى ابني فأنا مشتاق له كثيرا فمنذ شهرين لم أراه ولم ألاعبه".
وأكد على أن مدينة القدس لن تهدأ وهبتها لن تتوقف في ظل استمرار الاحتلال في سياسته القمعية، "قرارات الإبعاد والاعتقالات والحجز على أموالنا وكل ما يقوم به الاحتلال لن يردعنا ولن يوقفنا عن الدفاع عن مدينة القدس".
[email protected]
أضف تعليق