لا تزال مدينة القدس ملهمة الكتاب والباحثين في الشؤون السياسية والاجتماعية والتاريخية، فترى مزيدا من الكتب تنشر شهريا في شتى انحاء العالم وبالعديد من اللغات تتناول جميع تفاصيل هذه المدينة من أبنية وسكان، تاريخا وسياسة.
القدس: تسجيلات من المدينة المقدسة
اما اخر هذه الكتب فهو كتاب "القدس: تسجيلات من المدينة المقدسة" للكاتب الكندي الأصل جاي ديليليه وهو رسام كاريكاتير مشهور ويقيم حاليا في فرنسا. وبدأت قصة الكاتب عندما وصل إلى القدس مع طفليه الاثنين وزوجته التي تعمل مع المؤسسة الدولية "أطباء بلا حدود" لمدة عام. يذكر ان الكاتب وعائلته لا يرتبطون بالمدينة بشكل ديني او عرقي مما يجعل الكاتب محايدا في رؤيته ودقيقا في وصفه.
الكتاب ليس عملا تاريخا اواكاديميا لشرح احوال المنطقة أو تاريخ المدينة، وانما هو مجرد مذكرات ويوميات رجل بسيط يحاول ان يفهم المدينة وجفرافية المكان في اوقات التسوق، واستخدام المواصلات العامة، وتوصيل الاطفال الى المدرسة، وما الى ذلك من الشؤون اليومية والتي بدورها تكشف تعقيدات المدينة وتأثير الصراع على حياة الناس على جانبي الجدار، كل ذلك بأسلوب سرد هزلي وساخر ولكن واقعي ودقيق في الوصف ، وعدم الحرج في تقديم التفاصيل عند الحاجة.
محمود منى
ويقول محمود منى من المكتبة العلمية في القدس والتي تعتبر المصدر الرئيسي لبيع وتوزيع الكتب في المدينة "ان الكثير من الكتاب والمؤلفين يلجؤون في هذه الفترة الى كتابة الرواية المرسومة، والتي تعتبر اليوم من انجح اساليب شد الانتباه والتعبير لانها تبرز المعلومة بالشكلين الكتابي والصوري، وبالتالي فهي تختصر المسافات في وعي وتفكير القارئ، فتوصل الفكرة بشكل اسرع واشمل في غلاف لغوي فكاهي جذاب". وهو الذي اكده الكاتب بقوله " انا استخدم أسلوب رواية القصص من خلال استخدام الكلمات والصور لاقدم معلومات ولمسات خفيفة عن مواضيع ثقيلة جدا".
لا شك انه من خلال هذا الكتاب الناجح والذي تم ترجمته الى خمس لغات حتى الان، ان القارئ يحصل على تصور دقيق عن تميز وغرابة مدينة القدس وعن انقساماتها جغرافيا إلى أحياء مسيحية واليهودية واسلامية، حيث يختلف الجانب الايمن من الشارع عن ايسره، وهو ينتقد بعين المنطق الوجود العسكري المستمرفي مدينة السلام، كما ويرصد الصخب والكره والعنف العشوائي في مدينة الصلاة والايمان.
كما واضاف محمود منى من المكتبة العلمية ان المهتم في هذا الشأن يلاحظ انتشار العديد من الكتب الاخرى المشابهة لعل اشهرها واوسعها انتشارا كتب جو ساكو وهو كاتب ورسام من مالطا وقد كتب اثنين من اشهر كتب الرواية المرسومة، احدها بعنوان "فلسطين" ، والاخر بعنوان "حواشي من غزه". وقد أصدر اكثرمن ثلاث طبعات مختلفة من هذه الكتب والتي تعتبر من اهم ما كتب عن القضية الفلسطينية.
لعل المزيد من الاصدارات والكتب عن القدس والقضية الفلسطينة تساهم في زيادة الوعي العالمي عن معاناة الشعب الفلسطيني والاحتلال المستمرللمدينة المقدس، ولكن الواضح ان اغلب ان لم يكن جميع هذه الكتب والمؤلفات يقف ورائها كتاب وفنانيين غربيين اجانب يربطهم الحب والحق بالقضية الفلسطينية، ويبقى الواجب الاول على عاتق الكتاب والفنانيين الفلسطينيين لرسم وكتابة الرواية الفلسطينية بكل ابعاده برؤية فلسطينية واضحة وهادفة.
[email protected]
أضف تعليق