من منّا لم تسمع أحد المصطلحات التالية: بكتيريا بيو، بكتيريا صديقة وﭙروبيوتيكا. إذن، ما هي هذه البكتيريا الـﭙروبيوتية ولماذا تُعتبر صديقة؟
البكتيريا الـﭙروبيوتية هي بكتيريا حيّة تتواجد بشكل طبيعي في جهازنا الهضمي (فلورا)، لا تسبّب الأمراض ويوجد لها تأثير إيجابي على الإنسان.
يتبيّن من أبحاث عديدة حول فاعلية ونجاعة الـﭙروبيوتيكا أنه يوجد للبكتيريا الصديقة قدرات وخواص كثيرة تؤثر إيجابيًا على صحّتنا: فهي تساهم في تقوية جهاز المناعة، تحسّن مختلف المراحل والعمليات التي تحدث في جهاز الهضم وتوفّر الوقاية من حالات الإصابة بالأمراض، مثل حالات الإسهال، متلازمة القولون العصبي والمغص لدى الأطفال (كوليك). تضم مجموعة البكتيريا لدى بني البشر أكثر من 400 نوع من البكتيريا الـﭙروبيوتية، التي تبدأ بالتكوّن في جهازنا الهضمي منذ الأسبوع الأول من حياتنا.
هناك عدّة عوامل تؤثر على تركيب هذه البكتيريا، ومنها طريقة الولادة (طبيعية أو بعملية قيصرية) وطريقة تغذية الطفل (رضاعة أو بدائل حليب). وقد وجدت الأبحاث أنه في غضون أسبوع تتكوّن لدى الطفل الذي يرضع من أمه فلورا أمعاء تختلف عن تلك التي تتكوّن لدى طفل يتغذّى على بدائل الحليب، والسّبب في ذلك هو وجود البكتيريا الـﭙروبيوتية في حليب الأم. ووُجِد أيضًا أن الـﭙروبيوتيكا تحسّن المناعة الطبيعية للطفل، وأن إعطاءها للأطفال يُقلل من إنتشار أمراض مثل أمراض الحمّى، أمراض الأمعاء وأمراض جهاز التنفّس.
في هذا السياق من المهم أن نذكر أن الـﭙروبيوتيكا هي إسم عام للكثير من أصناف البكتيريا، فحليب الأُم، مثلاً، يحتوي بالأساس، على بكتيريا من نوع بيفيدوبكتيريا ولاكتوبسيلوس.
إحدى الظواهر الشائعة لدى الرُضّع هي ظاهرة المغص (كوليك) التي تتميّز بأوجاع البطن التشنّجيّة التي تسبب التململ والأرق المصحوب بالبكاء عند الطفل، وتبدأ هذه الظاهرة في الأسبوع الثاني من حياة الطفل، تصل إلى ذروتها في الأسبوع السادس وتختفي في عمر 4 – 5 أشهر.
يبدو أن المغص لا يتعلّق بنوع التغذية المقدّمة للطفل، وقد يظهر حتى لدى الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم والأطفال الذين يتغذّون على بدائل الحليب ، على حد سواء.
حتى الآن لا يُعرف، بالضبط، المُسبّب لهذه الظاهرة، علمًا أن أحد التفسيرات التي طرحت في هذا السّياق تتحدّث عن عدم نضوج أمعاء الأطفال وتأقلمه للحياة في خارج الرّحم. ويبدو أن الـﭙروبيوتيكا قادرة على المساهمة في التخفيف من هذه الظاهرة بشكل لافت عبر خفض مدّة بكاء الطفل. يُستحسن أن نعرف بأن التعريف الطبّي للمغص هو "بكاء متواصل لمدّة 3 ساعات، 3 مرات، على الأقل، في اليوم ولمدّة 3 أسابيع على الأقل". حتى وإن كانت هذه المُعطيات لا تنطبق على طفلك، فإن بكاءه يسبّب له ولوالديه معاناة، خاصة وأنهما يستصعبان التخفيف عنه وتهدئته.
ويتبين من أبحاث أجريت مؤخرًا في العديد من الدول أن إعطاء بكتيريا ﭙروبيوتية من نوع لاكتوبسيلوس راوتري يساهم في خفض مدة البكاء لدى الأطفال الذين يعانون من المغص. وفي إطار هذه الأبحاث تم قياس مدّة البكاء اليومي للأطفال الذين يعانون من المغص ومن ثم تمّت المقارنة بين مجموعتين من الأطفال الذين حصلوا على البكتيريا لاكتوبسيلوس راوتري وآخرين حصلوا على مادة وهمية (تخلو من البكتيريا لاكتوبسيلوس)، وقد تبين التأثير الإيجابي لبكتيريا الراوتري في خفض مدّة الكاء اليومي حتى بعد أسبوع واحد فقط من تناول البكتيريا.
من المعروف أنه لدى الرُضّع ليس فقط جهاز الهضم غير ناضج بما فيه الكفاية وإنما أيضًا جهاز المناعة، وهنا تلعب الـﭙروبيوتيكا دورًا مهمًا في تقوية جهاز المناعة عبر التأثير على منع تكاثر البكتيريا المُسبّبة للأمراض وضبط نُظُم الحماية عن طريق زيادة فاعلية جهاز المناعة.
أحد الأبحاث المُهمّة والمثيرة التي أجريت في العقد الأخير، هو ذلك البحث الذي تم إجراؤه في البلاد على أطفال يمكثون في حضانات نهاريّة، حيث أثبت البحث التأثير الوقائي للـﭙروبيوتيكا. وقد وجد البحث أن الأطفال الأصحّاء الذين تغذّوا على بدائل الحليب مع ﭙروبيوتيكا من نوع بفيدوس لاكتيس كانوا أقل عُرضة للإصابة بأمراض، مثل: الحُمّى والإسهال.
للتلخيص: يُنصح بالحرص على أن يكون المركّب الـﭙروبيوتي جزءًا من تغذية الطفل الذي لا يرضع من أمه وذلك نظرًا لدوره ومساهمته لجهازيّ الهضم والمناعة.
[email protected]
أضف تعليق