وردنا من النّاطق الرّسميّ لاتّحاد الأدباء الفلسطينيّين الشّاعر علي هيبي هذا البيان الّذي يستنكر فيه الاتّحاد المحاولات العنصريّة واللاحضاريّة للمسّ بمكانة اللّغة العربيّة في هذه البلاد. هذه البلاد الّتي غدا كلّ ما هو عربيّ من إنسان ومعالم ولغة وتراب مقلق ومخيف لساستها وحكومتها وبرلمانها، ونقول لمثل هؤلاء القلقين إنّ مصدر القلق ليس من العرب وجودًا ووجدانًا، ولا من العرب لغة وحضارة، بل من سياسة التّمييز ومحاولات الطّمس والتّغييب التي مارستموها ضدّ كلّ ما هو عربيّ في هذه البلاد.
إنّ اتّحاد الأدباء الفلسطينيّين إذ يندّد بكلّ هذه المحاولات يرى أنّ المكانة الرّفيعة للّغة العربيّة لا يحدّ ولا ينتقص من مجدها قرار حكوميّ أو برلمانيّ لأنّ هذه المؤسّسات لم ترفع يومًا من شأنها ولن تعمل على ذلك، بل رأت باللّغة العربيّة عنصرًا جامعًا للعرب الفلسطينيّين في هذه البلاد يرسّخ مكانتهم السّياسيّة والاجتماعيّة ويبرز هويّتهم القوميّة العربيّة، وكذلك فهي عامل تواصل دائم مع حضارتنا وثقافتنا منذ زمن بعيد، وكذلك عامل تواصل مع شعوبنا العربيّة في العالم العربيّ الممتدّ من أواسط آسيا حتّى أعماق أفريقيا.
ونقول لهؤلاء أيضَا إنّ جبل اللّغة العربيّة الشّامخ كشموخ الجرمق والرّاسخ كرسوخ الزّيتون السّوريّ لا تهزّه عواصف عنصريّة واهية تهبّ من مكاتب الأجهزة الرّسميّة في هذه الدّولة، لأنّ هذا الجبل عظيم اكتسب عظمته وثبات مكانته ممّا حمله على مدى قرون طويلة من ينابيع رقراقة تنساب وتفيض بمضامينها الحضاريّة والإنسانيّة على العالم وأممه وحضاراته وثقافاته.
إنّ اقتراح بعض النّواب اليمينيّين في الكنيست لهذا القانون يعبّر عن مدى جهل هؤلاء ومن لفّ لفّهم ومن على شاكلتهم ومن يفكّر مثلهم بعمق الحضارة العربية الضّاربة جذورها في هذا التّراب وفي وجدان المجتمع العربيّ هنا وفي كلّ مكان، وكذلك يجهلون ما لهذه اللّغة من وشائج وجوديّة ووجدانيّة لا تنفصم مع أصحابها الّذين لا ينفكّون عن الدّفاع عنها أمام كلّ معتد أثيم، وهم يجهلون أو ربّما يتجاهلون دور هذه اللّغة وما قدّمته من نور وعلم لأوروبا الحديثة الّتي كانت تغرق في سبات وجهل، ويجهلون ما كان من انسجام للأدباء والكتّاب والفلاسفة اليهود قديمًا وحديثًا مع العربيّة شعرًا وفكرًا وكتابة، فليعودوا إلى ذلك التّراث العظيم عند موسى بن ميمون وأبو الحسن اللّاوي وغيرهم.
إنّ اتّحاد الأدباء من هنا من تراب هذا الوطن ومن بطون هذه اللّغة العربيّة يجدّد العهد للمضيّ قدمًا لردّ كلّ يد تمتدّ لتطال من لغتنا وهويّتنا، ويدعو كلّ المؤسّسات والجهات المسؤولة والمعاهد إلى الوقوف ضدّ هذه المشاريع الدّنيئة وإلى الحفاظ والتّطوير الدّائم للغتنا العربيّة، والّتي هي وجهنا الحضاريّ وشخصيّتنا القوميّة ووجودنا الرّاسخ في هذا الوطن الّذي لا وطن لنا سواه، وهي لغتنا الّتي نحبّ لأنّها عروس اللّغات.
[email protected]
أضف تعليق