كثرت أبواق الضغينة والشر اتساعاً عندما جاء خبر فوز أردوغان برئاسة الجمهورية التركية , وبناءاً عليه أردت أن اتحلى ببوق الانصاف لهذه الشخصية الفذّة وان اتكلم عن سبب احترامي بشكل خاص واحترام الكثيرون بشكل عام لهذه الشخصية فأكون قد سجلت كلمة حق بوجه ادعائات البعض الفارغة بحقه , ولكي لا نتكلم من منطلق عاطفي مطلق حبّذت أن احاكي عقولكم وبصائركم بعرض بعض مواقف أردوغان القديمة منها والحديثة , لتقدّروا عظمة هذه الشخصية وعدالة حزبه "العدالة والتنمية ", فبالوقت الذي يحاول البعض التأيل على نزاهة هذه الشخصية وسياساتها لا يلتفتون مثلاً لبعض مواقفهم من الثورة السورية أو من سفاح سوريا الذين يتسابقون على الدوام بعرض الحقائق التاريخية المجزئة له أو لوالده , وعلى هذا الصدد من الانصاف عرض الحقائق التاريخية لمواقف رجب الطيب أردوغان ونصدح بها ونكون بذلك قد أعلينا كلمة الحق بوجه قوى الشر والمغيّبين !
2. بداية من المعروف أن تركيا قد شهدت في القرن ال20 أكبر الحروب الأهلية ضراوة على مر التاريخ الحديث من بداية الحقبة الستينية وحتى نهاية سنوات التسعينيات بين التيارات اليمينية من جهة والتيارات اليسارية من جهة اخرى وخلال هذه الفترة قد شهدت 4 انقلابات عسكرية عرّضت تركيا لأبشع الحكومات العسكرية ,وكان نتيجة ذلك توليد الكراهية بين الشعب الواحد وصلت الذروة بعد انقلاب 1980 , فكان انتهاء ذلك بصعود حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب الطيب اردوغان عام 2002 ,حيث قام أردوغان بذكائه ودهائه السياسي أولاً بازالة اية شبهة باستمرار الصلة الايديولوجية مع فكر أربكان وتياره الاسلامي لوجوب ذلك بتلك المرحلة , فأعلن عن حفاظه على اسس النظام الجمهوريوأنه لن يدخل بمماحكات مع القوات المسلحة التركية , ولكن باطار القيم الاسلامية التي يؤمن بها 99% من الاتراك , وبذلك قد قام باحتواء التيارات التركية تحت كنفه كبداية له .
ومن الجدير ذكره انه في الاعوام 1994- 1998 تسلّم اردوغان عمدة اسطنبول وقد شهدت اسطنبول على يديه أكبر ازدهار اقتصادي وسياحي وتطور ملحوظ للبنى التحتية للمدينة ,وانشاء السدود ,ومعامل تحلية المياه حتى تطوير انظمة المواصلات من خلال انشاء شبكة مواصلات قومية , وتنظيف الخليج الذهبي بعد ان كان مكب نفايات سابقا , , حتى اخيراً خلّص بلدية اسطنبول من ديونها التي كانت تصل لمليارات الدولارات وحولها لأرباح واستثمارات بلغت ال7%
كل ذلك كان كبداية له بالحياة السياسية المفتوحة من بعد ان لاقى الكثير من التضييقات خاصة بعد انقلاب 1980.
3. أما على مستوى السياسة الخارجية , فقد حرص اردوغان على فتح جميع المعابر مع الدول الاسلامية ورفع التأشيرة عنها وقد عرف بمواقفه المشرّفه مع القضية الفلسطينية ولو أنه ورث العلاقات الاسرائيلية التركية التي الزمته الخضوع لها لأجل مصلحة تركيا الداخلية .
ولكن من مواقفه مثلا انسحابه من مؤتمر دافوس احتجاجاً على عدم اعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز بشأن الحرب على غزة وقد تكلم فقط 12 دقيقة قد ضاق صدر شيمون بيريز من حجم البهادل والحقائق الذي تجرأ باشباعه اياها اردوغان وكان مصيره الاسكات فقام على صددها بالانسحاب من دافوس , وقد علق الفلسطينيون وقتها وخاصة حركة حماس على هذا الموقف " انه يجب على الحكام العرب ان يقتدوا به "
ومنها أيضاً ارسال سفينة مرمرة المعروفة " باسطول الحرية " التركية لتقديم الدعم لغزة , فلاقت ما لاقت من اعتداءات من قبل الجانب الاسرائيلي بالرغم من انها سفينة تحمل المعونات والمساعدات الغذائية والطبية لغزة لتثبت الحكومة الاسرائيلية أمام الرأي العام العالمي وحشية سياساتها ! فقامت الحكومة التركية على اثرها بسحب سفيرها من اسرائيل ومنعت عدد من الطائرات العسكرية من دخول المجال الجوي التركي , وقد شهدنا توتراً للعلاقات الاسرائيلية التركية وقتها .
واذا تطرقنا من الجانب الاخر لمواقف أردوغان من الاحداث الدامية بعالمنا العربي والاسلامي فنرى انه قد قام منذ 3 سنوات حتى اليوم بايواء اللاجئين السوريون بعد الثورة السورية هربا من بطش طاغوت سوريا بهم , وقد اواهم بمخيمات راقية وفتح لهم مجال التجارة ومرافق العلم والعمل , وكذلك كان حال التعامل مع اللاجئين المصريين بعد ان قض مضجعهم من قادة الانقلاب , وذلك بالرغم من ان التيار العلماني التركي قد رفض ايوائهم وقد قاموا بالكثير من المظاهرات وعدد من الاعتداءات على اللاجئين ولكن الحزب لم يترك لهم مجال للتصعيد فانتهى ذلك باكتشافه المؤامرة المحاكة له من محاولة للانقلاب عليه وعلى حزبه بمساعدة رأس الشر والعداء للعدل " الامارات " وازهقها وقد عمل بالمقابل على اعطاء الحقوق كاملة للاجئين , وقد أطلق عليهم اردوغان مسمى "الانصار والمهاجرين" بدل مصطلح اللاجئين وذلك كاعلاء لقيمتهم لدى الاتراك , وبذلك اثبت للمرة المليون ذكائه وعبقريته وقوة الحصانة التركية ليقول لقوى العداء ان تركيا ليست مصر او سوريا ولن تتمكنوا منها بوجودي , وكان دائما بمواقفه حريصا على اعطاء كلمة العدل فقام أخيراً بايواء الجرحى الفلسطينيين بعد العدوان الاخير على غزة كأول عمل رئاسي له من بعد الفوز وقد قدم لهم كل الرعاية الطبية والمعيشية وكما انه قدم السفينة الثانية " اسطول الحرية 2 " ضاربا بعض الحائط كل الضغوط الاسرائيلية عليه .
4. هذا سيل من فيض من بعض اعماله ومواقفه البارزة التي لا تستحق الا كل احترام وكل تقدير واكتبها الان لاضفاء الموضوعية لأقول للمزاودين ان احترامنا لأردوغان ليس من منطلق عاطفي بحت او كالذي يتعلق بقشة بوسط الاوضاع التي اَلت بعالمنا العربي والاسلامي الى الحضيض بل لنثبت الواقعية التاريخية التي لا تحتمل التأويل لهذه الشخصية القوية , فاَن لكم ان تقولوا كلمة الحق وتقدّروا هذه الشخصية النادرة التي لم نرى مثل ربعها بعالمنا العربي والاسلامي الا قلة قليلة تم حياكة المؤامرات حولها فكانت النتيجة اسقاطهم وتمركز قوى الشر مكانها
[email protected]
أضف تعليق