اعلنت "دار راية للنشر والترجمة" في حيفا عن صدور أربعة أعمال أدبية جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، لتنضاف إلى مجمل اصدارات الدار التي لا تني تلفت الانتباه. وتأتي الأعمال الجديدة لتعميق التوجّه بتقديم أعمال مميّزة وشبابية، بموازاة تقديم التجارب الإبداعية المكرّسة وذات الحضور المتحقّق. وتتنوّع العناوين الجديدة بين الشعر والقصة القصيرة والرواية عبر سعي متواصل لتقديم بانوراما على أكبر قدر ممكن من التمثيل لخارطة الإبداع الراهنة.

رجاء غانم: " سيّدة البياض" تحلم أن تمحو العتمة
تقدّم رجاء غانم مجموعتها المنشورة الأولى بعد نشر ممتد على ما يزيد عن خمسة عشر عامًا، في الصحف والمواقع الثقافية، ومشاركتين في مختارات شعرية فلسطينية، " ضيوف النار الدائمون" ( بيروت، 1999)، و" نوارس من البحر القريب" ( الجزائر 2006)، وتماس مباشر مع المشهد الثقافي الفلسطيني.
تنتمي كتابة رجاء غانم إلى اللحظة الفلسطينية الراهنة، بكامل ألمها وخيباتها وآمالها ايضا. وهي حين تتكئ على الواقع فإنما لتعيد تصفيته وصقله ليتحوّل إلى مادة شعرية قادرة على إثارة الدهشة كل مرة من جديد. في "سيدة البياض" تحضر أمكنة متعددة ومناخات مختلفة هي عصارة تجربة الشاعرة الخاصة وحياتها المنتزعة من أكثر من مكان، هكذا تحضر الشام، مدينة الطفولة والشباب، ورام الله- استراحة المحارب، والداخل الفلسطيني الذي تقيم الشاعرة فيه خلال السنوات العشر الأخيرة.وبالتوازي مع التنوّع المكاني في قصائد المجموعة، تتنوّع موضوعاتها من الحب والألم والفقدان إلى التأمل الوجودي والرغبة والموت، كل ذلك بلغة رشيقة وجذلة وصور شعرية مبتكرة تجعل من رجاء غانم احد الاصوات الحاضرة بقوة في المشهد الشعري الفلسطيني الراهن.

ياسر خنجر: " السحابة بظهرها المحني" – الحرية أولًا وأخيرًا
في عمله الشعري الثالث، بعد " طائر الحرية"( 2003) و"سؤال على حافة القيامة" (2008) يستنطق الشاعر والناشط السياسي السوري، ابن الجولان المحتل، اللحظة السورية الراهنة بكل دمويتها وألمها، في " السحابة بظهرها المحني" وقصائدها التي تحتفي بالحرية والحب والثورة.
في ديوانه الجديد يستلهم خنجر لحظات الحياة البسيطة، في يوميات الثورة السورية، مستلّةً من أجواء الدم والبطش والخراب، ويقدّم في أكثر من قصيدة احتفاءً بصداقات السجن والحياة، عبر أكثر من نص مكرّس لسجناء الرأي في سوريا اليوم، وللحرية المخضبة بدم البسطاء وامانيهم في ما يشبه نشيدًا متواصلا واحدًا في مديح الحياة .. رغم كل ما جرى ويجري.
ولأن الرعب والبطش يستدعيان نقيضهما من أجل أن تتواصل الحياة وتغتني، تبدو ثيمة الحب في قصائد المجموعة نوعًا من "استراحة محارب"، فيها يحضر الحب متعيّنًا ومخصوصا إلى رفيقة الدرب، الفنانة التشكيلية رندا مداح.
الجدير بالذكر أن المجموعة تقع في 110 صفحات وتزين غلافها لوحة من الفنان السوري ياسر صافي، فيما أنجز خطوط غلافها الخطاط المعروف منير الشعراني.

حنان جبيلي: " مزاجية مفرطة" وطفولة لا تريد أن تكبر!
بعد عدد من قصص الأطفال ومجموعة شعرية وحيدة تصدر الكاتبة حنان جبيلي مجموعتها القصصية الأولى موسومة بعنوان " مزاجية مُفرطة".
في "مزاجية مفرطة" تذهب جبيلي إلى الطفولة؛ مصدر الحكايات والصور والوجوه، وتستعيد منها ما ظل عالقًا بذاكرتها وترك أثرًا. هكذا يحضر الجار الغامض واستاذ اللغة العربية المتعالي، والأب الراحل، والمدرّسة المعتدّة بجمالها أكثر من اعتدادها بفهم طلابها.
في تظهيره للمجموعة يرى الروائي سهيل كيوان أن نثر الكتاب " محمّل على شعريّة رقيقة مفعمة بالاحاسيس والشفافية، وبكثير من الصفاء".
كما يرى كيوان أن " قصص المجموعة ممتوحة من محيطها وأجواء مدينتها ومعظمها إن لم يكن جميعها مصدره طفولتها بحلاوتها وبما هو أقل حلاوة، بشكوكها ويقينها، ببراءتها وسذاجتها.."
ويخلص كيوان إلى أن اختيار الطفولة الواعي كمنطقة ومساحة يحدث فيها السرد خيار عن تصميم للكاتبة. " كأنها تريد بهذا العودة إلى عالم البراءة، العالم الذي فقدناه او لوّثته وغيّرت معالمه الحياة الحديثة".

أورن أجمون في "بلاد الحجر" : الواقع بلا سمنٍ ولا عسل!

في "بلاد الحجر" مجموعة الشاعروالناشط الإسرائيلي أورن أجمون الأولى، والتي تصدر بالتزامن بصيغتها العبرية (عن دار برديس، حيفا) والعربية( عن راية للنشر حيفا) يفكك الشاعر المقولة الصهيونية الشائعة ( أرض السمن والعسل) عبر استدعاء الواقع المليء بالتمييز والاضطهاد واللاعدل في مشاهد من صميم الواقع اليومي للحياة في "إسرائيل".
في تظهيرها لـ "أرض الحجر" تكتب الشاعرة والناقدة الإسرائيلية المعروفة، طال نيتسان، ان هذه القصائد " تطلق صرخة احتجاج اجتماعي وسياسي، وانساني في المقام الأول.
وترى نيتسان ان المجموعة "صرخة احتجاج تتبنّى بشكل مطلق أصوات المقصييّن والمميّز ضدهم- الغريب، المرأة، العربي، الأرض... وهي جميعها تفاصيل من صورة الإنسان المنطفئ في عالم قاسٍ يُفرغُ من قيمه الإنسانية".
وتخلص الناقدة إلى أن المجموعة "تحفل بمشهديّة مرسومة تلتقط شظايا الواقع بصورة ناقدة وحادّة" وترى أن قصائد المجموعة تشكّل ما يمكن تسميته بـ "لائحة اتهام" ضد التعسّف واللا عدل، إنها تستحثّ الضحايا المسحوقين ليقوموا ويخلقوا لأنفسهم مكانًا أكثر عدلا تحت شمس العالم" .

إلى القصيدة يصل الشاعر والناشط الاسرائيلي المناهض للصهيونية ، أورن أجمون، بعد حل وترحال في مشاريع ودول شتّى، وبعد تغيير جوهري في القناعات والرؤى،
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]