مرّ 66 عامًا على ذكرى اقتلاع الشعب الفلسطيني من بيته وقريته وأرضه فلسطين، 66 عامًا لم تنس الشعب الفلسطيني قضيته، ومفتاح العودة ما زال يتوارث من جيل لآخر، ومن راهن على مقولة: " الكبار يموتون، والصغار ينسون"، فلا الكبار نسوا ولا الصغار تنكروا لإرث أجدادهم – ( النكبة).
أكثر من 531 قرية ومدينة فلسطينية تم هدمها، وتبنت السُلطات الإسرائيلية منذ قيام دولة إسرائيل سياسة طمس الهوية الفلسطينية ومحاولة محو الإرث والثقافة الفلسطينية من جيل لآخر، وتغيير أسماء القرى الفلسطينية وعبرنة أسمهائها، لكن الذاكرة الفلسطينية تتجدد يومًا بعد يوم، ومع كُل ذكرى استقلالهم نستذكر النكبة، وتبقى الأسماء للقرى العربية حاضرة ويزورها سُكانها الأصلانيون، " فمن لوبية طلعت مسيرة، يوم هم أحيوا ذكرى استقلالهم، والتقينا برمزين من رموز الصمود في الداخل الفلسطيني المحتل منذ عام (48)، وأطلعانا على ما تبقى من صورٍ محفورة بذاكرتهم.
من لوبية إلى دير حنا.. والقرية لا تُغادر وجدان أهلها...
يُقدر عدد سُكان قرية لوبية- قضاء طبرية - ( قلعة النسور) (2800) نسمة، قبل النكبة واقتلاعهم من بيوتهم، وكان في القرية مدرسة ابتدائية للذكور، ومسجدًا، و5 حوانيت، بالإضافة إلى (11) مقام للأولياء، كانت الحياة فيها هادئة ووادعة كغيرها من القرى الفلسطينية التي يعتاش أهلها من الزراعة والفلاحة.
في 16 تموز عام 1948- والذي كان يصادف حينها حلول شهر رمضان المُبارك، تعرضت القرية إلى عملية عسكرية التي نفذت ضد البلدة: دكال المدافعون، وكان هدفهم اقتلاع السكان، وقد تم تطهير القرية عرقيًا بالكامل.
الحاجة منوة حجو: " كنت طفلة صغيرة حين هُجرنا من القرية..
في هذا الوقت، كانت الحاجة منوة حجو، تبلغ من العُمر (8) سنوات، طفلة تلهو هي ورفيقاتها في القرية، لكن هذه الطفولة سرقتها قنابل الاحتلال وقذائفها، واضطرت منوة هي وكل أفراد عائلتها للخروج من منازلهم قسرًا، تحت تهديد قذائف الاحتلال ما كانت تُسمى بالعصابات الصهيونية، وقد وصلت بهم رحالهم لاجئين في البداية إلى قرية عيلبون، ومن ثم لجأوا إلى قرية دير حنا، التي تحتضنهم حتى اليوم.
وأكدتْ الحاجة منوة خلال لقائنا معها، أنها دائمًا تُحدث أبنائها وأحفادها عن النكبة، وكيف تم إخراجهم من قريتهم تحت التهديد والترهيب، فرغم صغر سنها، واختتمت لقائها بقولها: " الأرض غالية، ما تنسوها يا ستي".
الحاج فتحي حجو، وذاكرة وقضية تتوارث للأجيال
لا تختلف قصة الحاج فتحي يوسف فضيل حجو، عن ابنة عائلته منوة، فهو لم يتجاوز (10) أعوام حين ارتكبت سُلطات الاقتلاع جريمتها وتم إخراجهم من بيوتهم هم وعائلاتهم.
واستذكر معنا الحاج يوسف، ما تبقى من صورٍ في ذاكرته سيبلغ عمرها 66 عامًا، في تموز، فتحدث عن الاعتداء المتواصل من قبل القوات الصهيونية على القرية، وكان الاعتداء يتزايد يومًا بعد آخر، وكيف تم محاصرة قرية طبرية، وبات من الصعب الوصول إليها، وقد سمعوا لاحقًا عن احتلال قرية صفورية والناصرة قبل ساعات من تهجيرهم، واستذكر أيضًا الحاج حجو، أصوات القذائف التي كانت تسقط من الطائرات، الأمر الذي اضطرهم للهجرة شمال لوبية كونها الطريق الوحيدة السالكة التي تؤدي بهم إلى مخرجٍ آمن.
كان حظنا أن جدي مختار دير حنا..
وقصدت عائلة الحاج فتحي، دير حنا، كون أحد أخواله مختار عائلة حُسين- ( عبد المجيد حسين)، الذي أمن لهم المسكن واستضافهم في القرية، وبقوا فيها لاجئين حتى اليوم.
وعن العودة وتوريث القضية للأبناء والأحفاد قال والدمع يحتبس بين عينيه: " إن العودة حق لا بد أن يعود إلى أصحابه، فهو يؤمن بالعودة ويراها دائمًا بعينيه، لكنه لا يعلم متى ستكون، لكنها قريبة".
شاهدوا هذا التقرير المصور
[email protected]
أضف تعليق