ألكتاب: سمائية البوعزيزي – قصص قصيرة وحكايات
للكاتب: المحامي سعيد نفاع (بيت جن/ اعالي الجليل)
اصدار خاص- 112 صفحة من الحجم الوسط
كتب سعيد نفاع في مقدمة المجموعة القصصية الجديدة اعترافه الذاتي بأن "حب قليل يضاهي حبي للأدب" وهو محام وسياسي ، أشغلته السياسة عن المحاماة ولكنها لم تشغله عن الأدب، ذلك تأكيدا لقاعدة ثبتت صحتها، الى ان السياسة والأدب هما توأمان سياميان لا يمكن فصلهما. السياسي بلا عالم الأدب هو فاكهة قطفت قبل أوانها والأديب بلا سياسة هو شتلة في ارض صحراوية. لذا ليس بالصدفة ان السياسي سعيد نفاع اختار موضوعا يتعلق بمفجر الربيع التونسي وصاحب الفضل الأعظم في تفجير الربيع ألعربي (أي سياسة وادب بنفس الوقت ) فحملت المجموعة اسم سمائية البوعزيزي ..وهل هناك من احق منه بالسماء؟
هذه القصة المحورية في المجموعة الجديدة تسير على ثلاث ركائز ..سياسي ، قضائي وأدبي تعبيرا عن ذات سعيد نفسه.السياسي سعيد نفاع يطرح حادث الانتحار لبوعزيزي الذي فجر الغضب الشعبي ضد ألطغيان القضائي يطرحه المحامي سعيد نفاع المدافع عن البوعزيزي امام محكمة التاريخ، او محكمة السماء اذا شئتم والمحور الثالث يطرحه الأديب سعيد نفاع بتحويل النص الى قصة تعبر بأرقى فن إنساني السرد القصصي،عن حادث من اهم حوادث العصر في العالم ألعربي ليثير دهشة القارئ وانفعاله، ويكسبه كجزء من المحلفين اما محكمة التاريخ، الى جانب البوعزيزي، الرجل الذي فارق روحه قهرا، من أجل رفع الظلم الوضعي الذي لا يطاق، لذلك القضية المطروحة هل تقبل السماء جسد المنتحر وروحه، ويكسب سعيد المرافعة لتدخل روح البوعزيزي الجنة من أوسع ابوابها.
القصة الثانية التي سأتناولها في هذه العجالة الثقافية ( النقدية اذا شئتم) قصة "التشذوب" حيرني الاصطلاح ودفعني سريعا لأقرأ قصة وحكاية مليئة بنكهة السخرية (هومور)، حكاية لم تفارق المحامي سعيد في حياته ألقانونية وجاء الوقت لتأخد حقها بالنشر.
نص "التشذوب" يصلح ان يكون نصا تسجيليا، او صيغة لمذكرات شخصية، وفي نصوص سعيد في هذه المجموعة وفي السابق نلمس دائما روايته لحكايات عايشها او سمعها، مقدما التمهيد المناسب للحكاية، حيث نجد سعيد جزءا من الحدث الحكائي.
النص عبارة أيضا يوميات من مرحلة فاصلة من حياة طالب انهي الثانوية ووالده يسأله عن الموضوع الذي سيتعلمه في الجامعة.. فيقول له " المحاماة".
طبعا لن اروي الحكاية حتى لا افقد النص عنصر المفاجأة القصصية، وان ابقي للقارئ المتعة من الحكاية التي رواها الوالد عن "التشذوب"
المهم يتبين ان "التشذوب" هو "الكذوب" بلهجة البدو... وهو نعت للمحامين، لكن الحكاية ابقيها للقارئ حتى لا اتهم من "تشذوب" بتجاوز حقوق النشر!!
قصص المجموعة تشير الى قدرات سردية مشوقة، حتى في النص الذي يفتقد الى بعض عناصر ألقصة نجد ان السرد يسد فراغا كبير قي السرد القصصي لسعيد نفاع.
الملاحظ ان سعيد انتبه الى انه لا يقدم مجرد قصص فنية، بل حكايا شعبية فولوكلورية ، دمجت بإطار قصصي تمهيدي ، يتميز بحس كتابي وفني سردي راق... لغة قريبة للمناخ الثقافي ألسائد بدون ديباجة لغوية، بدون فذلكة.. لغة نعيشها كل يوم في كل مكان تجعل النصوص اشبه بالخبز الخارج لتوه من الفران ، له رائحته الذكية وطعمه ألرائع بما يغري بالمزيد..
ملاحظة اخرى لا بد ان أضيفها ان سعيد نفاع يقوم هنا بحفظ الذاكرة ألشعبية وهو يذكرني مع اختلاف كبير طبعا، بكتابات اللبناني سلامة الراسي.
بعض القصص هي لوحات كاريكاتيرية، مثلا قصة ألخطيب زعماء ليسوا أكثر من ظاهرة صوتية.
اترك القسم الثاني من المجموعة "رباعية من الدفاتر ألقديمه لجولة أخرى...
[email protected]
أضف تعليق