بعد أكثر من عشرين عاما على الانهيارات في الماضي وفي الحاضر، هنا وفي كل مكان، هناك ضرورة ماسة لإعادة ترتيب الأوراق ولوضع الأسس لمشروع ثقافي وطني فلسطيني شامل.
لن ننتظر إلى ان يتم رسم ملامح المشروع الثقافي الفلسطيني الشامل الذي يجب ان تشرف عليه المؤسسة الثقافية الفلسطينية الممثلة بالهيئات التالية: المجلس الأعلى للثقافة الفلسطينية، وزارة الثقافة الفلسطينية، اتحاد الكتاب الفلسطينيين، جماعة السينما الفلسطينية، اتحادات الفنون الادائية والتشكيلية (القائمة أو التي يجب اقامتها) واللجنة الوطنية للتربية والثقافة (لجنة اليونيسكو الفلسطينية)، لن ننتظر لأن علينا ان نبادر إلى رسم ملامح مشروعنا الثقافي في الداخل لتسيير شؤوننا الخاصة ووضع سياساتنا الثقافية التي ستأخذ بعين الاعتبار خصوصية موقعنا الجيوسياسي من جهة وعمق ارتباطنا بالثقافة الأم العربية وتلاحمنا بالثقافة الفلسطينية .
لقد حددنا فضاءات ثقافتنا الثلاثة وهي: الفضاء الفلسطيني والفضاء العربي والفضاء الكوني، وهذا يعني الخروج من القوقعة والانطلاق نحو عالم الثقافة شركاء ليس فقط في ما نأخذ بل ايضا في ما نعطي. وعلينا أن نطور ادواتنا وأن نبحث عن قنوات تواصل متفرعة وان ننظم العلاقات في ما بيننا فلا يمكن ان تبني مشروعا جماعيا والجماعة ممزقة تشتبك في ما بينها على خلفيات شخصية أو قبلية او عقائدية كلها معادية للثقافة فكرا وممارسة. علينا أن نحول الرؤيا إلى قضية نتجند لها ونجند الآخرين، ونحن هنا ايضا ملزمون بأن نحدد علاقتنا بالآخر الاسرائيلي اليهودي وبثقافته وقد علمتنا تجربة الستين عاما أن هناك ثلاثة أشكال لهذه العلاقة: الاشتباك، الحوار والتحالف. هنا يكمن دورنا الوطني الثقافي لأننا في الخط الامامي: ان نشتبك مع من يجب الاشتباك معه، ان نتحدى ونصارع وننتصر على الثقافة العنصرية والفاشية التي تلغي وجودنا، وان نحاور قوى ليبرالية مضللة أو جاهلة او خائفة ولكنها ترغب في الحوار الثقافي وتنبذ العنف والتعصب وتعترف بحق الآخر في الحياة الكريمة. واخيرا يجب أن نبني تحالفات مع قوى تقدمية تناضل من اجل سلام عادل وضد أي شكل من اشكال التمييز والعنصرية والقهر القومي والفكر الاستعلائي والكولونيالي.
بين الاسرائيليين اليهود عدد كبير من هؤلاء ونحن مكلفون بالبحث عنهم ومساندتهم لانهم يتعرضون لقمع واقصاء ويتحدون بكل قواهم وإرادتهم.
في أذار الثقافة 2014 سوف نباشر برسم معالم مشروعنا الثقافي الوطني مستفيدين من الايام الدراسية التي عقدناها في العامين الماضيين ومن الطاولات المستديرة واللقاءات التدريبية والندوات والامسيات والتشبيك مع مؤسساتنا الثقافية في الداخل وكذلك مع وزارة الثقافة الفلسطينية واتحاد الكتاب ومؤسسات اخرى، وسنحاول إعادة تشكيل تنظيمات مهنية للكتاب والفنانين وبحث سبل توثيق العلاقة بين الثقافة والجمهور عبر المكتبات وجمعيات الانتاج الثقافي والمدارس التي يجب أن تكون في صلب أي مشروع ثقافي وطني وبالطبع السلطات المحلية التي نتوجه إليها لكي تتجند في أذار ويسرنا ان البعض من رؤساء المجالس وبخاصة أولئك الذين يدركون اهمية العمل، تجاوبوا مع دعوتنا للمشاركة في فعاليات هذا العام لتكون فاتحة لنهضة ثقافية تستمر طول العام.
لنجعل من اذار هذا العام انطلاقة ثقافية ترتقي إلى مستوى التحديات الكبرى: إفرازات العولمة وارباكات "الفوضى الخلاقة" وإعادة انتاج الانسان العربي هنا على هذه الأرض المشبعة بالصراعات والانقسامات والحروب الدامية.
نتقدم بثقة ومعنويات عالية لتحقيق منجز آخر قد يشكل علامة فارقة في مسيرتنا الثقافية، أو هكذا سيراها أحد من أبنائنا عندما يأتي ليقيم دورنا ويدرس المرحلة.
[email protected]
أضف تعليق