صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن كتاب "مُضَرِّط الحِجَارة: كتاب اللقب والأسطورة" الكتاب من الحجم الكبير يقع في 300 صفحة وقد ضم الكتاب الفصول والعناوين التالية: فصل 1 الذي ختن نفسه بالقدوم، فصل 2 مُضَرِّط الحجارة، فصل 3 آكل المرار، فصل 4 أغنية التيس وأغنية الجمل، فصل 5 حتى يلج الجمل في سم الخياط، فصل 6 الإله شاماش، فصل 7 شيطان الحماطة، فصل 8 خروء الطير، فصل 9 مقيّدة الحمار، فصل 10 النذير العريان، فصل 11 ملاك لليهود وملاك للمسلمين، فصل 12 اليهود والجمل، فصل 13 كل الصيد في جوف الفرا، فصل 14 يوم البؤس ويوم السعد، فصل 15 الكنعانيون الكلاب، فصل 16 من النعش إلى البنات، فصل 17 جبل البركات وجبل اللعنات، فصل 18 المعبد المقلوب، فصل 19 الإله يهوه وغرابه، فصل 20 نقش رجم هاني: مصيدة صحراوية أم حظيرة؟.

وقد كتب الباحث في مقدمة الكتاب يقول:

((هذا الكتاب استمرار لمحاولاتنا المتواصلة، التي تحولت إلى مشروع مترابط، لكشف نسق ديانة العرب قبل الإسلام، وفك مغاليقها. وهو يدخل إلى هذه الديانة من مدخل جديد آخر، ألا وهو الألقاب. فيمسك بألقاب عدد من الشخصيات، إضافة إلى ألقاب بعض القبائل، ويحاول أن يكشف معناها الديني.

لا تستطيع الشخصيات الأسطورية أن تنجو وتصمد ما لم تكن ذات ملامح حادة. أي ما لم تملك علامات يمكن رصدها بسهولة.
لكن العلامة الجسدية ليست مجرد لقب فقط، بل هي إشارة إلى جوهر الشخصية. فبرش جذيمة مثلا ليس علامة جسدية فقط.
والمجتمع الشفاهي ملزم بأن يختصر كي يتمكن من الحفظ والاستعادة، أي كي يتمكن من التذكر بشكل متواصل. وهو يختصر عبر اللقب أو المثل أو اللغز أو غير ذلك. والاختصار عنده ليس وسيلة فنية، بل هو بنية للقول الشفاهي ذاته تفرضها طاقة الذاكرة المحدودة. إنه اقتصاد الذاكرة. فلا تستطيع الذاكرة الشفاهية أن تلمّ بالحقائق الميثولوجية المتشعبة والمتداخلة من دون اختصار. كما أن المجتمع لا يستطيع أن يؤمن استمراره وانتقال ثقافته وأساطيره من جيل إلى جيل إلا عبر هذا الاختصار.

والحق أن ذاكرة المجتمعات الشفاهية ذاكرة أسطورية أكثر منها ذاكرة تاريخية. فهي تنسى بسرعة نسبية الأحداث الواقعية، أو قل تسمح لها بالبقاء أجيالا قليلة ثم تمحوها، لتبقى الأحداث الأسطورية. فالأحداث الأسطورية هي الحاضر، وهي التاريخ الحق. أي أنها ليست ذكريات بل حياة معيشة. وهذا يختلف بالطبع عن الذاكرة الفردية. فالذاكرة الفردية بحاجة إلى الذكريات الواقعية، لأنها تجربتها ومعرفتها بالواقع.
الألقاب أساطير مختصرة في كثير من الأحيان. عليه، فالعمل على اللقب هو عمل على الأسطورة ذاتها. مثلا، أسطورة مضرط الحجارة، أي عمرو بن هند، تتكثف في لقبه الغريب هذا. وما لم نفك معنى لقبه، فإننا لن نفهم أسطورته في أغلب الظن.

غير أن هذا الكتاب لا يكتفي بالألقاب، بل إنه يوسع مجال اهتمامه لكي يصبح كتابا متنوعا. فهو يعرض للحيوانات الميثولوجية وعلاقة أديان المنطقة بها. كما أنه يعرض لعدد من قضايا الدين اليهودي في علاقتها بالمسيحية والإسلام. عليه، فهو أخف وطأة على القارئ من بعض كتبنا السابقة التي كانت تحفر في موضع واحد. ولأنه كتاب متنوع، فإن القارئ يستطيع أن يقرأ كل فصل على حدة في غالب الأحيان. لكنه لن يستطيع أن يرى الصورة مكتملة إلا بقراءة الكتاب كاملا ومتتابعا. فالكتاب يذهب إلى التنوع انطلاقا من موضوعته المركزية: اللقب والأسطورة.
وكما قلنا في كتابنا السابق، فإن كل كتاب جديد من كتبنا يحمل قدرا من التصحيح للكتب السابقة. ذلك أن وعينا بديانة العرب بل الإسلام يتسع ويتعمق تدريجيا، الأمر الذي يكشف لنا علائق وصلات لم نكن ننتبه لها من قبل. وهو ما يفرض علينا تعديل بعض الأحكام ودوزنتها.

وكما هو واضح فقد أخذنا اسم هذا الكتاب من لقب الشخصية الأسطورية الشهيرة جدا في التقليد العربي، والتي تحدثنا عنها أعلاه، شخصية عمرو بن هند، الذي حمل لقب: (مُضَرِّط الحِجَارة). وهو لقب فهم على غير معناه، الأمر الذي يحدث دوما في الألقاب العربية القديمة، سواء كانت ألقاب أفراد أو ألقاب قبائل. فالانقطاع عن الديانة الجاهلية، وعن أساطيرها، إضافة إلى الانقطاع عن الاستعمالات الأقدم للكلمات يؤدي إلى سوء فهم فظيع لمعاني بعض الألقاب. وهو أمر خطر جدا. فحين نفقد معنى لقب عمرو بن هند مثلا، نكون في الواقع قد فقدنا أسطورته وتهنا عنه وعنها. وبهذا المعنى، فإن كتابنا هذا هو كتاب في دحض سوء الفهم ومواجهته. أي أنه كتاب تصحيح للتصحيف المعنوي الذي تعرضت له الألقاب في كثير من الأحيان)).

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]