أجيال تكبر وتصبح بالغةً بالسّن تتمنّى "اليوم قبل بكرة" أن يعود بها الزّمن، إلى ذلك الماضي الجميل الذي عاشته مع أجدادها وآبائها، فعاشته مقتنعة وراضيّة دون أن تتأفّف، هناك أجيال حديثة الولادة، تبصر الدّنيا، محاولةً منذ رؤيتها النّور، التّعرف على البيئة التي من حولها، تحاول بشتّى الأمور التي تحيطها، لإثارة انطباع الآخرين، إمّا من خلال طرافة حركاتها البريئة، أو غرابة نطقها للكلمات، وذلك ناجم عن حب استطلاعها. أما بعض شبان اليوم المراهقين، فإنّهم غير قنوعين برفاهيّتهم المعيشية، غير راضين عن تجاهل بعض الأهالي لمتطلّباتهم الحديثة، فتمرّد بعض الشبّان الصّغار عليهم، وبدأت تَظهر احتجاجاتهم الأخلاقيّة، من خلال "تبنّيهم" لظواهر منفلتة.
لقد "اقتبس" هذا الجيل "المصرصع"، هذا الكم الهائل من الظواهر الاجتماعية من خلال اختلاطهم اليومي مع أصدقائهم المستديمين... عفوًا الدائمين، لا... أنا لا لم أخطئ، فبداخل عقولهم عاهات عقائدية مستديمة، استمدّوها من فئة جانحة من المجتمع الإسرائيلي، يُمضون معظم أوقاتهم بالتّسكّع على الطُرُقات، البعض منهم يُعاكس البنات بسيّارته، أو يرشقهن بكلام استفزازي، يعتبرونه جرأةً وتحرّشًا رجوليًّا لاستدراجهن، على اعتبار أنهن قد يتقبّلن مثل هذه التّصرّفات!! رغم أن معظم الفتيات يوبّخن هؤلاء الشّبّان على أسلوبهم الرّخيص. كذلك المرقص المتنقّل الذي فتحه هؤلاء المتهوّرون داخل سياراتهم، ليُزعجوا غيرهم، ألا يسبّب هذا ضررًا صحّيًّا لآذانهم عل المدى البعيد؟!!
من هذه الترسّبات السلبيّة "للتوصيات" التي تبنّاها بعض الشبان، أنهُم بكل أسف يقودون سيّاراتهم بجنون... ودون تروٍ، ممّا يُعرّضون ليس حياتهم فقط للخطر، إنّما حياة السائقين الآخرين، الأصعب هو أن هذا الجيل الجامح يُعرِّض حياة المارّة وفئة ممارسي رياضة المشي لخطر الدّهس أو لإصابة جسدية خطيرة، قد تلقّن هؤلاء المتهوّرين درسًا لا ينسوه، بسحب تراخيص القيادة منهم لمدى الحياة.
هناك فئة من الفتيات المراهقات، لهنّ حصة كبيرة في نشر ثقافة اللباس العصري بين بنات جيلهن الذي يُظهر نضجهن المبكّر... بما أنهن غدون يافعات ويعرفن مصلحتهن، ويحق لهنّ التمثّل بمن هن أكبر منهن!! لكن كبار السّن وأهاليهن، يرفضون تصرّفاتهن، ينفُرون من طريقة لبسهن المثير للاشمئزاز أحيانًا، لأنها تتنافى مع قيَمِنا، (هذا إذا تبقّى لدى هذا الجيل "المميّز" ذرّة قيَم، يحافظ عليها).
هذه الملابس ملوّنة بألوان المجتمع الإسرائيلي الصّارخة بالتحرّر الفكري، جعلت فئةً هامشيّة من الفتيات، تتماشى معها! لدرجة أنها ترفض أي توصية أو نصيحة من الكبار أو من الأهالي، على اعتبار أنه تدخُّل في شؤون بعض الفتيات الشّخصيّة الخاصّة!! مجتمعنا شِبه الشرقي، الذي يسعى دائمًا للمحافظة على الأعراف والمعايير التقليديّة، فشِل في كبح تصرّفات بعض الفتيات المتمرّدات، فاستسلم للأمر الواقع.
إن تقنيّة المعلومات غير المقيّدة، عبر الإنترنت ومشتقّاته الحديثة، تُتيح لهذا الجيل المطوَّر ذهنيًا، أن يقرأ أي معلومة حقيقية أو مُغرِضَة عن بعض الأمور الحياتيّة، معتقدًا لغبائه أن ما يقرأه هو انفتاح ثقافي، وتثقيف عصري ذاتي، يتفوّق على الكُتُب!! ولكنه بنظري هو بداية انشقاق أنظار هذا الجيل عن صفوف الكتُب والمراجع العِلميّة المجنّدة لخدمة طموحه العِلميّة.
أفكار بعض الشبّان المريضة تغوص في أعماق محيط الإنترنت، بحثًا عن ابتكار الفضائح!! يستغلّون برامج التّصميم الجرافي، ليلصقوا صورًا لأجساد فتيات عاريات، على صور لفتيات محلّيات دون علمهن، لينشروها عبر المواقع الإلكترونيّة! رغم أن الشّرطة أقامت وحدةً لمكافحة المعتدين على شبكة الإنترنت، تُدعى "לוחמת הסייבר"، إلاّ أنها لم تستطِع القضاء على هذه الظّاهرة، لأنها تعاني من نقص في الخبراء بهذا المجال.
إذًا هذه هي التحديّات العِلميّة لبعض الشبّان... هذه أهم اكتشافات الحداثة العصريّة! نتيجة اندماجهم مع عصر التقنية الذي يحيط بنا من كل الجهات، يطوّق كافّة المجالات الحياتية، نتيجة تغيّر عقليّتهم التقليديّة، فدفعتهم بشكل عفوي لمواكبة آخر التطوّرات التكنولوجيّة، إلى أن جرَف تيّار انبهارهم منها، جيلاً بأكمله، فنسي سلبيّاتها. يبقى السّؤال ما هو جدواها؟! فالوهج التقني، يعمي بصيرة الأجيال النّاشئة، عن رؤية عواقبه، مع أن هذه التقنيّات قد تكون مفيدة، ولكنها قد تكون مدمّرة إذا طوّعها البعض لأهوائه وميوله.
[email protected]
أضف تعليق