"في كل يوم يتجدد الجرح والألم... كلما أذكر حكم المؤبد الذي يعيشه زوجي تتجدد لدي المعاناة وأشعر بأن الكون قد ضاق علي وعلى طفلي اللذين كبرا على حديث السجن والزيارة والمؤبد... بدلاً من أن يكبرا على أحاديث الفرح والطفولة...

هذه الكلمات التي أكدتها السيدة أمل عبد الله (أم أحمد)، زوجة الأسير باسل عاطف محمد مخلوف 36 عاماً من صيدا قضاء محافظة طولكرم، والتي لا يخفى حزنها في الكلمات التي تنطق بها، والتي تترجم حالها وأطفالها في ظل اعتقال رب الأسرة.

تقول أم أحمد لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، إنها تعيش أوضاعاً نفسية صعبة وأولادها، وتأمل كل الأمل أن يخرج زوجها، وأن ينتهي كابوس الحكم بالسجن المؤبد الذي يعيشونه جميعاً.

وبدأت أم أحمد حديثها بحكاية اعتقال زوجها التي كانت أثناء اجتياح المدينة عام 2002 وما شهدته تلك الفترة من العدوان الاسرائيلي على كافة المدن والمحافظات الفلسطينية وقراها، وسقوط المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى والمشردين والمطاردين، والعشرات من الأسرى.

تكمل:" في يوم: 15/2/2002، وفي الوقت الذي كان فيه الاجتياح مشتداً وكانت الأوضاع مضطربة، وبينما جنود الاحتلال يقتحمون كل بيت ويفتشونه ويخرجون أهله خارجه للتفتيش، كان باسل في منزل جيرانهم الذين داهم الجنود منزلهم فجأة، واعتقلوا منه باسل وشاب آخر كان الاحتلال يلاحقه".

وتواصل أم أحمد حديثها بتنهيتة مليئة بالألم والعذاب:" أخذوا زوجي وكان طفلي أحمد وآية صغيرين، فكان أحمد يبلغ من العمر عاماً واحداً، وآية تبلغ عامين، وكانت تلك العملية أشبه بعملية اختطاف مجرمين".

جرى اقتياد باسل ومن معه ممن اعتقلهم الاحتلال في طولكرم لمراكز التحقيق التي أمضوا فيها فترات مختلفة، أما باسل فمكث في مركز تحقيق بتاح تكفا 68 يوماً متواصلة لم يسمح له الاحتلال فيها حتى بمكالمة هاتفية مع أهله كما يجري مع المعتقلين الفلسطينيين في معظم الأحيان، وكان ذلك أسلوباً قهرياً لباسل وعائلته.

من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار ، إن الاحتلال وجه لباسل تهمة قتل جنود اسرائيليين في منطقة (باقة الغربية) في أوائل الانتفاضة مع مجموعات عسكرية تابعة لسرايا القدس- الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وبناءً على تلك التهمة، حكم الاحتلال عليه بالسجن المؤبد الذي لم تكن عائلته تتوقعه في يوم من الأيام.

عاشت زوجة الأسير مخلوف ووالديه وإخوته فترة عصيبة طالت مأساتها بعد صدور الحكم على ابنهم، لكن حرارة ألمهم هدأت لما رأوا عزيمة باسل وصبره وهدوئه في سجنه بعد الحكم.

وتشير أم أحمد، إلى أن الاحتلال وبالرغم من الأحكام الجائرة والطويلة التي يحكمها على الأسرى الفلسطينيين ومن بينهم زوجها، إلا أنه يسلك طرقاً أخرى كثيرة لتعذيب عائلة الأسير، فقالت إنها ومنذ اعتقال زوجها لم تحصل إلا على (تصريح أمني) يمكنها من زيارة باسل مرة واحدة سنوياً، بينما منح أفراد العائلة الباقين تصاريح تخولهم من زيارته مرتين شهرياً.

وفي سياق متصل حول المعاناة المتراكمة لعائلة الأسير مخلوف، أكدت الزوجة إن ابنيها آية وأحمد متعلقان بوالدهما أشد التعلق، وأنهم يبديان فرحاً عارماً مع كل زيارة لهما في سجنه، وأنهما قديماً وعندما كانا صغيرين كانا يسألان متى سيخرج والدي من الأسر؟؟... أما الآن فهما يدركان أن فترة اعتقاله هي سنوات طويلة لكنهما متيقنان بأنه لن يقضي كل تلك السنين داخل الأسر، وسيخرج كما خرج آباء الكثيرين من الأطفال أمثالهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]