كثيرون يسألون في المجتمع الفلسطيني بأي ذنب قتلت سمر زيدان قبل يومين 33 عاما، من قرية دير الغصون بمحافظة طولكرم، وبعد ساعات تعرضت فتاة أخرى لإطلاق نار من شقيقها فأصيبت برصاصتين في الرأس وترقد في حالة صحية حرجة بأحد مشافي الخليل.

حادثة خنق سمر زيدان حتى الموت من قبل والدتها أثارت ضجة في المجتمع الفلسطيني، الذي يتساءل كيف يقوم وزير فلسطيني سابق بالتحريض على قتل الفتاة سمر زيدان.

العنف ضد النساء في الضفة والقطاع

وأظهرت الإحصائيات التابعة للجهاز الإحصاء المركزي، الصادرة يوم المراة العالمي، أن ما نسبته 37% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج تعرضن لأحد أشكال العنف من قبل أزواجهن عام 2011، وبلغت أعلى نسبة عنف موجه من الأزواج ضد زوجاتهم في محافظة أريحا والأغوار في الضفة 47.3%، وأدناها في محافظة رام الله والبيرة14.2%، أما في قطاع غزة فقد بلغت أعلى نسبة عنف في محافظة غزة 58.1% أدناها في محافظة رفح بنسبة 23.1%.

من جهة أخرى تعرضت حوالي 5% من النساء للعنف النفسي في الشارع، و1.3% تعرضن لتحرشات جنسية، و0.6% تعرضن لعنف جسدي في نفس المكان، و4% تعرضن لعنف نفسي من مقدمي الخدمات العامة.

دعيس يدعو إلى تعديل قانون العقوبات

في ذات السياق دعا الشيخ يوسف دعيس رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، في حديث لــ"بكرا"، على أن جريمة القتل بدافع الشرف تخالف الشريعة في أمور كثيرة منها: إقامة الحد بغير بينة التي أمر بها الشرع الإسلامي لإقامة الحدود كما أن فيها القتل بغير حق ومخالفة للشريعة الإسلامية خاصة كقتل الفتاة العزباء إذا وقعت في الخطأ، بالإضافة إلى أن الحدود تنفيذها مناط بولي الأمر أو الدولة المسلمة".

وأضاف "تمييز بين الرجل والمرأة، فالرجل عندما يرتكب خطأ يكافأ على فعلته ولا يسأل سؤالا واحداً، أما الفتاة فتقتل فورا وبمجرد الإشاعة علما بأن الشريعة الإسلامية ساوت بين الرجل والمرأة في ذلك مع العلم بأن العقوبات الشرعية المقررة ليست شأنا فرديا يطبقها من يشاء كيف يشاء ومتى يشاء على من يشاء، بل هذا شأن الحاكم المسلم أو القاضي وإن فكرة تبرير جريمة القتل تحت عنوان الدفاع عن الشرف مسألة مرفوضة تماما في الإسلام وهي عادة جاهلية حاربها الإسلام كما حارب كل عادة ذميمة وهي تحصل في المجتمعات بدوافع التقاليد والتعصب الأعمى".

وأعرب دعيس، عن أسفه لإزهاق أرواح الكثير من النساء العفيفات البريئات بمجرد الاتهام، مبينا أن الإسلام اعتبر حق الإنسان في سمعته وسلامة عرضه من القيم العليا في الحياة الإنسانية، وقد اعتبر فقهاء الإسلام أن من مقاصد الشريعة الدفاع عن العرض وحفظ النفوس، فحرم الإسلام الزنا والقذف وكل ما يخل بعرض الإنسان وشرفه، ولم يكتف الإسلام بالتحريم بل تعدى ذلك إلى التجريم، وبالمقابل اعتبر الإسلام أن للإنسان حقا في الحياة فحرم الاعتداء عليها واعتبر القتل بغير حق من الكبائر وشرع القصاص في الإسلام لرد أي شكل من أشكال الاعتداء على الحياة الإنسانية،

وأوضح دعيس أن صيانة الشرف "لا تكون بهذه الطريقة البدائية، فالحل الأمثل في علاج الوقوع في الفواحش وتدنيس العرض والشرف يكون بتربية أبنائنا وبناتنا التربية الصحيحة السليمة.

أحمد حرب: ننظر بقلق لجرائم القتل

من جانبه، قال مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أحمد حرب، "ننظر بخطورة وقلق بالغين للازدياد المضطرد لجرائم قتل النساء على خلفيات مختلفة ومن ضمنها القتل على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة، والتي كان آخرها وقوع ثلاث جرائم قتل مروعة، راح ضحيتها ثلاث نساء في الضفة خلال شهر أيلول الحالي، وقعت الجريمة الأولى بتاريخ 2/9/2013 في محافظة رام الله ، والثانية بتاريخ 13/9/2013 في محافظة الخليل بحق فتاة من ذوات الإعاقة كانت قد تعرضت لاعتداء جنسي داخل الأسرة وقتلت على إثره، فيما وقعت الجريمة الثالثة بتاريخ 21/9/2013 في محافظة طولكرم بعد أن تم التحريض غير المباشر على قتلها من قبل أسرتها الممتدة".

وأضاف:"رصدت منذ مطلع العام الحالي 2013 وحتى تاريخه وقوع 24 حالة قتل لنساء في مناطق السلطة الفلسطينية منها 16 حالة في الضفة الغربية و 8 حالات في قطاع غزة".

واوضح حرب ان هذه الجرائم تاتي ضد النساء والفتيات في إطار قصور القوانين السارية عن إيقاع العقوبات المناسبة والرادعة بحق الجناة من مرتكبي تلك الجرائم أو المشاركين فيها أو المحرضين عليها، كما أن هذه الجرائم تُقترف في إطار ثقافة مجتمع ذكوري يمارس التمييز بحق المرأة، ما يستوجب وقفة جادة على المستويين الرسمي والشعبي للتصدي لمثل هذه الجرائم، والتعامل معها كغيرها من الجرائم الماسة بحق الإنسان بالحياة وسلامته الجسدية، واتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية الجادة والعاجلة لمنع تكرارها، وذلك من خلال إيقاع العقوبات القانونية الرادعة دون إبطاء بحق مقترفي هذه الجرائم، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب.

وطالب بالتحقيق الجاد والعاجل من قبل النيابة العامة في الضفة وقطاع غزة في جميع حالات قتل النساء واتخاذ المقتضى القانوني والقضائي الواجب، وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وإيقاع العقوبات الرادعة بحقهم.

أسباب قتل النساء... الوطن الذي تقتل فيه أكثر من امرأة شهريا هو في خطر

في سياق متصل" قالت مديرة طاقم شؤون المرأة سريدة حسين "ننبه ونحذر كل المسؤولين وصناع القرار من أن الوطن الذي تقتل فيه أكثر من امرأة شهريا هو في خطر".

واعتبرت حسين أن عقد المؤتمر الصحفي "يأتي كجزء من مسؤولية المنتدى تجاه الوطن، وأوضحت أنه على الجميع اخذ هذا التحذير على محمل الجد استنادا الى المعطيات والمعلومات المتوفرة، لأن عدم التعامل معه بجدية سيقود المجتمع الى حالة من التفسخ والانهيار".

واستهجنت حسين خلال حديثها "التساؤلات التي تثار هنا وهناك عند حدوث أي حالة قتل حول اسباب القتل'، مشيرة الى ان 'المشكلة ليست في الاسباب وإنما المشكلة في المبدأ وهو القتل'، وقالت انه يجب اولا وقف عمليات القتل بحق النساء، لأن النساء لهن الحق كباقي البشر في الحياة وهو حق مقدس لكل انسان، اضافة الى ان المرأة هي شريك كامل في هذا الوطن، والوطن سيكون ناقصا ومجتزأ إذ تقتل نساؤه.

من ناحيتها سعاد اشتيوي، الباحثة الميدانية في مركز المرأة للارشاد القانوني والتي تقوم بتوثيق عمليات القتل، اشارت الى ان مركز المرأة وثق 10 عمليات قتل منذ بداية العام 2012 وحتى الآن، فيما ما زال هناك غموض يلف حالة قتل اخرى في منطقة الخليل. وذكرت ان الحالات التي سجلت هي 7 حالات في قطاع غزة و4 في الضفة الغربية.

اما عن التفاصيل المتعلقة بعمليات القتل فأكدت اشتيوي تنوعا في الحالة الاجتماعية للنساء المقتولات، وتنوع اشكال القتل مع وجود قاسم مشترك وهو تعرض جميع المقتولات لسلسلة من أعمال التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي تنتهي عادة بالقتل.

وأبدت أمين عام حزب 'فدا' زهيرة كمال خلال حديثها في المؤتمر الصحفي استغرابها واستهجانها من حصول عملية القتل الأخيرة في وسط سوق مكتظة وسط مدينة بيت لحم وفي وضح النهار دون تدخل اي احد سواء المارة او رجال الأمن أو غيرهن، وتساءلت 'عن سبب هذا الصمت وعدم التدخل فيما تذبح المرأة ذبحا في الشارع'، مستغربة من ان البعض تدخل فقط من خلال المسارعة إلى تصوير الحدث عبر اجهزة الهاتف النقال وليس لمنع عملية القتل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]