احيت مدينة عكا مساء امس مهرجانا تأبينيا للشهيد المناضل فوزي النمر احمد ، وذلك بتنظيم ودعوة اهل الشهيد والرابطة العربية للدفاع عن الاسرى ، وقد اقيم المهرجان في خان الشواردة بعكا القديمة مسقط رأس الشهيد .. وقد شاركت جماهير غفيرة مساء اليوم في مهرجان التابين، حيث توافد المئات من اهالي عكا والمنطقة لخان الشواردة للمشاركة في التأبين.
رفيق درب الشهيد النمر في فرقة 778
وقد سار اشبال الكشاف الاسلامي على وقع الطبول والزمور الحزينة يتقدمهم بعض رفاق دربه حتى ساحة المهرجان. بداية المهرجان كانت ايات من الذكر الحكيم للشاب ابراهيم المصري، وبعد ذلك القيت عدة كلمات تأبينية لكل من : الشيخ عباس زكور(كلمة عكا)،بهية غريفات زوجة الاسير الشهيد محمد غريفات، رامز خليفة والذي جاء خصيصا من الاردن وهو رفيق درب الشهيد النمر في فرقة 778 ، زياد درويش شقيق الشهيد سمير درويش، المحامي جريس بولس، هديل النمر ابنة اخ المرحوم وزوجة ابنه نمر، الشيخ عبد الله بدير.
فيلم يروي سيرة ومسيرة الشهيد النمر
وكذلك فقد شهد الحضور عرض لقيلم قصير على الشاشة يروي محطات في حياة المرحوم، وكانت وصلات فنية غنائية ملتزمة بدأتها فرقة اشبال مجموعة المنارة العكية، وبعدها اتحف الحضور الفنان مازن قربي الذي صدح بصوته وتقاسيم عوده بعدة اغنيات وطنية وملتزمة وكان مسكها اغنية من تأليفه والحانه للشهيد النمر، ومسك الختام كانت وصلة غنائية لفرقة عائلة فودي .
من هو الشهيد فوزي النمر احمد
ولد فوزي النمر احمد في 31/12/1935 في مدينة عكا،ولعب في شوارعها وترعرع في ازقتها،وقد تزوج النمر بفتاة يهودية في عام 1958 وانجبت له ابنته ارواح وابنه نمر،وكان النمر يعمل بتوزيع المشروبات في مدينة حيفا وقضائها وكان يعيش حياة مستقرة حتى نكسة عام 1967 حيث انتكست الدول العربية في حرب حزيران من ذلك العام ولحقت بجيوشها هزيمة نكراء،هذه النكسة وخطابات الزعيم الخالد عبد الناصر احدثت تغييرا جذريا في نفس وروح فوزي النمر حيث شكل مجموعة فدائية من عكا والمنطقة واطلق عليها مجموعة 778 ،وكانت هذه المجموعة مسؤولة عن تفجير قطار يحمل جنود اسرائليين وتفجير خزانات بترول في ميناء الكيشون بالقرب من حيفا، وقد القي القبض عليه وعلى المجموعة في عام 1969 وحكمت عليه المحكمة بالسجن 710 سنوات قضى منها 15 عاما متنقلا بين السجون الاسرائيلية حتى اطلق سراحه في صفقة التبادل بين اسرائيل وفتح في عام 1983 حيث اسرت منظمة فتح ثلاث جنود اسرائليين في طرابلس بلبنان،وتحرر انذاك 66 معتقل فلسطيني بينهم النمر واغلاق معسكر انصار بجنوب لبنان.
زار عكا سرا بالعام 1995 اعتقل واجبر على التنازل عن الجنسية الاسرائيلية
وتولى النمر بعد ذلك لجنة التواصل مع فلسطينيي الداخل بتكليف من الرئيس الراحل ياسر عرفات ،وتوفي النمر قبل اربعين يوما في غزة بعد صراع مع مرض "الرعاش"، وتجدر الاشارة ان النمر كان قد زار مدينة عكا سرا في عام 1995 وتجول في شوارعها وازقتها لكن " اولاد الحلال" اخبروا السلطات التي اعتقلته واشترطت اطلاق سراحه بتنازله عن الهوية الاسرائيلية .
العمل لاجل فلسطين
وقد رثته هديل خير النمر ابنة اخيه وزوجة ابنه نمر حيث قالت:لقد غابت عن ذاكرتك كل الاشاء في ايامك الاخيرة الا عكا.فعكا لم تغب عن ذاكرته ووجدانه وهو يلفظ انفاسه الاخيرة، وكان دائما ينطق باسمها، انه شهيد وبطل وفارس وقبل كل ذلك هو انسان له عائلة واهل، هو انسان يحب وله مشاعر واحاسيس، يرضى ويزعل، وله رغبة في العمل والبناء والحياة تماما كالاخرين، لكن ما الذي جعل قلب هذا الانسان يذوب طراوة وعطاء لتراب هذا الوطن،كيف تضع روحه كانل احلامه البشرية جانبا وترحل في رحلة نحو المجهول، ولماذا يحتل حلم جميل الافق، لا، هكذا كان ليقول النمر انه ليس بعض التراب انه كل تراب فلسطين، لقد ارتكزت المرحلة التي بدأ فيها عمله الفدائي على فكرة واحدة لا غير، العمل لأجل فلسطين، وهي تحمل في طياتها قدرا غير محدود من محبة وعطاء غير محسوب وغير مشروط، هي فكرة بسيطة وجميلة بلا رطوش وبلا وابل من التحليلات والتفسيرات، وفكرته ما سلب يجب ان يسترد، وعليه سارت القافلة التي عملت بلا حساب وأعطت وضحت دون خوف او عقاب،لقد سارت القافلة وهي ترسم للاحقين درب الشرف والعزة والكرامة .
الى من طاولت رؤوسهم السماء فأضائتها
أما زياد درويش شقيق الشهيد المناضل زياد درويش فرثى النمر قائلا: لا يمكن اختزال سيرة الشهيد فوزي النمر ورفاقه بدقائق،فسيرة كل واحد منهم تلخص بدقة وامانة قصة الثورة الفلسطينية بحلوها ومرها، وانا لا اقف امامكم لارثي اخا او صديقا، وانا اعلن امامكم ان الشهيد فوزي النمر احمد لم يمت، وهو حي ما دام في ثورتنا اناس اوفياء لا ينسون المناضلين الشرفاء. الى من طاولت رؤوسهم السماء فأضائتها، والى من من دنت السماء من رؤوسهم فتوجتها، والى من اشرأبت اعتاقهم في سماء عكا،الى شهداء الوطن، هذا هو يوم عرسكم، لقد حضر من اجلكم في عكا والجليل الشامخ وارجاء الوطن ليستذكروا سوية قصص بطولاتكم التي توجتموها بشهادتكم..
كنت ابا..ومعلما وقائدا
أما منير منصور الاسير المحرر – الرابطة العربية للدفاع عن الاسرى فرثاه قائلا:لقد اعتدنا ان نراك في السجن يوما بعد اخر،تبتسم وتعلمنا، وكنا كأبنائك، لقد وصلت الى السجن حين كنت شابا يانعا فاستقبلتني وكنت لي بمثابة الوالد وانا افتخر بذلك كثيرا،فكنت خير معلم وخير اب. يصعب علينا ان نحيي ذكراك يا فوزي في غياب اولئك الذين رافقوك واستشهدوا على الطريق، عبد حزبوز، محمد غريفات، راجح بشر، عبد الرحيم عراقي ، ابراهيم غنايم، محمود شحادة والقائمة طويلة. حتى وان كان البعض لا يذكر هؤلاء المناضلين، ان احد اهداف هذا التأبين هو تجذير ما قام به فوزي ومجموعته من اهداف سامية ونبيلة لكي تتجذر في نفوس الجيل الناشئ من ابناء شعبنا،لذلك ففي هذا الموقف العظيم نترحم على قائدنا ونتعهد ان نسير على دربه،مسيرة الاوفياء، مسيرة الشهادة، ومتابعة مسيرة وملف الاسرى، هذه رسالتنا لك ايها القائد الشهيد،أي هذا الذي احب هذا العلم ، أي هذا الذي مسجى على هذا التراب ، اقول لك نام واهدا واستريح، لقد قمت بمشوار طويل من القتال والجهاد والمعاناة بعد ان انهكك المرض اللعين، فلك ان تنام ولك علينا ان نكمل المسيرة،ولك علينا ان نبني في ذاكرتنا حجرة لاولئك الذين يفارقون ايامنا ولا يغادرون احلامنا.
[email protected]
أضف تعليق