في مثل هذا الوقت من عام 1970، سال حمام من الدماء في عمان والمخيمات الفلسطينية في الاردن جراء الاشتباكات التي اندلعت بين الفصائل الفلسطينية والجيش الاردني ... أيلول الأسود هو الاسم الذي يشار به إلى أحداث شهر أيلول من عام 1970. في هذا الشهر تحرك الجيش الأردني بناء على تعليمات الملك حسين ومستشاريه العسكريين لوضع نهاية لوجود المنظمات الفلسطينية.
لم تكن العلاقات بين الملك حسين وجمال عبد الناصر جيدة، الأمر الذي أعطى منظمة التحرير الفلسطينية قوة دافعة داخل الأردن مردها ان قيادة المنظمات الفلسطينية كانت متاكدة من أن الأنظمة العربية المجاورة للأردن سوف تتدخل لصالح المنظمات الفلسطينية إذا ما نشب الصراع مع الجيش الأردني.
تعود جذور الصراع إلى بعد عام 1968 أي بعد معركة الكرامة تقريبا والتي انتصر فيها الجيش الاردني والفدائيين الفلسطينيين على الجيش الإسرائيلي في الأغوار، والذي كان قد عبر نهر الأردن باتجاه الضفة الشرقية عبر بلدة الكرامة. كانت غاية إسرائيل وهدفها الوحيد والمرسوم بدقة احتلال جبال السلط مرتفعات جلعاد المطلة على الضفة الغربية وجعلها جولان جديدة .
صنف النصر في الكرامه على أنه أول انتصار للعرب على إسرائيل، كما وصفه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر : "ومع هذا النصر العظيم سقطت أسطورة 'جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر'" ،وقد رفع هذا النصر من معنويات العرب الذين انتكسوا قبل عام واحد في حرب 1967 .
ما بين منتصف عام 1968 ونهاية عام 1969 كان هنالك أكثر من 500 اشتباك عنيف وقع بين الفصائل الفلسطينية وقوات الأمن الأردنية.
وأصبحت أعمال العنف والخطف تتكرر بصورة مستمرة . وبين الكر والفر بين الجيش الاردني والفصائل الفلسطينية زحف الجيش السوري باتجاه الحدود الاردنية بغية مساعدة الفصائل في قتالهم مع الجيش الاردني ،الا ان الجيش الاسرائيلي كان بالمصاد ووصلت الرسالة سريعا الى دمشق بحيث تراجعت عن قرارها ما مكن الجيش الاردني من حسم المعركة لتبدأ رحلة تهجير جديدة لابناء شعبنا الفلسطيني الى المخيمات في لبنان .....
مراسل بكرا التقى بالكاتب احمد علي طه (ابو علي) البالغ من العمر 80 عاما، من دير الاسد حيث استذكر احداث ايلول في الاردن ...
مذبحة جديدة ووصمة عار في جبين الانظمة العربية
كنت وما زلت اطالع جريدة الاتحاد، هكذا افتتح حديثه احمد طه، "وأتذكر في حينه نشرات الاخبار في المذياع"... ويتابع ابو علي وهو يشحذ ذاكرته: "لم يكن في حينه اجهزة تلفاز ولا حواسيب كما هو اليوم، لكنني تفاجئت في صبيحة احد الايام في ايلول من عام 70 حيث كان العنوان في جريدة الاتحاد :الملك حسين يرتكب المذابح في المخيمات الفلسطينية في الاردن"...
يتنهد ابو علي ويتابع: "كنت وقتها في ريعان الشباب وكنت ناشطا في الحزب الشيوعي، وقد وقعت علينا اخبار المذابح وقع الصاعقة. لم يمر سوى عام واحد على النصر الكبير للفدائيين الفلسطينيين والجيش الاردني على الجيش الاسرائيلي في معركة الكرامة، وقد ابتهجنا كثيرا وكأنه يوم عيد، وحسبنا وقتها ان التحرير قادم لا محالة، لكن للاسف الشديد تبين بعد ذلك بايام انه تاريخ اسود وماساة جديدة تضاف الى قاموس شعبنا الفلسطيني".
ويتابع ابو علي: "لقد انتكس شعبنا بنكسة جديدة، واتذكر اننا نظمنا المظاهرات وصرخنا باعلى صوتنا ضد النظام الاردني ورفعنا الشعارات المنددة بالانظمة العربية التي اثرت الصمت على مذبحة اخرى لابناء شعبنا.. وهذه المرة على يد حاكم عربي".
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
الملك عبد الله ارتكب ابشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني فعلا تاريخ هذا الرجل سواد بسواد
ان اشجار فلسطين وبياراتها قد ارتوت من دماء الجيش الأردني والمتطوعين المدنيين الذين خضبوا هذه الأرض الطهور كما أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا كما نتذكر بأن الكثير من الشباب الأردني التحق بكتائب المقاولفدائية ربما أكثر من الفلسطينيين أنفسهم قاتلوا عن عقيدة خالصة كما أن الكثير أيضا من المقاتلين الفلسطينيين كانوا عملاء لدولة الكيان الصهيوني وهذا شيء يعرفه الجميع وجميع هذه الحقائق يجب أن تطرح عند مناقشة هذا الموضوع