يتجمع عدد من المارة، رجالا ونساء على دوار المنارة وسط مدينة رام الله، للحصول على علبة من عصائر الخروب أو التمر الهندي البارد فيما تشتد حرارة النهار في مختلف مدن الضفة الغربية.
ويقوم شابان بخفة يد مهارة عالية بصب العصائر المثلجة في علب للاحتفاظ بها حتى موعد الإفطار، وهي صناعة تقليدية قديمة تعرفها المدينة في الصيف، اذ لا صيف مكتمل في مختلف مدن الضفة الغربية بدون عصير الخروب.
وقال أحمد جبريل، وهو ابن عائلة اشتهرت ببيع نقيع الخروب منذ سنوات، وهو يحضر يوميا من مخيم قلنديا القريب إلى وسط مدينة رام الله، ويقول رمضان بدون رائحة الخروب ليس رمضانا" وهو بذلك يشير الى صناعة مرتبطة بموسم الحر مثل كثير من الصناعات التقليدية الموسمية المرتبطة بالفصول وباتت تقليدا في رمضان الذي أصبح يأتي في شهو الحر.
ويقوم الشاب الذي يبدأ بتحضير النقيع قبل 24 ساعة بافراغ مكعبات الثلج في عبوات بلاستيكية كبيرة، لتبريد النقيع، وفي فترة الذروة تقدم العصائر باردة في عبوات بلاستيكية.
وفي انحاء متفرقة من احياء المدينة وفي مركزها يمكن مشاهدة بائعين يبيعون عصائر الخروب والسوس والتمر الهندي.
وقال احد الباعه، على دوار الساعة حيث تنشط حركة المارة هناك "لا شيء يعلو على الخروب والسوس"، يردد المعنى ذاته باعة اخرون يصيحون بملىء صوتهم على عصائرهم وبعضهم يستعرض مواصفات العصير الذي قد يرقى الى حلاوة "العسل".
في نابلس من لا يشرب الخروب لم يزر المدينة
وليس بعيدا عن رام الله يقول الأهالي في مدينة نابلس أن من يزور المدينة ولا يشرب الخروب كأنه لم يدخلها، وهذه المهنة التقليدية التي تزدهر في الصيف لها أربابها مثل عائلة شقدم. فالاب وابناؤه الاربع يبيعون العصائر في مركز المدينة.
وتشتهر نابلس المدينة التاريخية التي يؤمها مواطنو الضفة الغربية وعرب الـ 48، بصناعاتها التقليدية التي تعمل علامات صنع ثابته لا تتغير مثل الصابون والحلاوة.
ويقول التجار ان لكل صناعة سر مرتبط بالمدينة لكن سر الخروب في نابلس مفضوح، فكل الباعة ينادون على خروب "مثل العسل"، يصيح شاب على عصيره" عسل يا عالم عسل".
وتشهد حركة البيع رواجاً كبيراً خصوصا في رمضان، حيث ارتفعت درجات الحرارة. وتمر الاراضي الفلسطينية منذ ايام بأجواء حارة ويمكن ان ترتفع درجات الحرارة اكثر كما تشير مواقع الارصاد الجوية في الشرق الاوسط بسبب التغير المناخي، لذلك يتهيأ الباعة لايام ساخنة ومربحة.
وصناعة عصائر الخروب وغيرها صناعة وراثة بامتياز.وقال أحد الصانعين أحمد عيد، ان الاب الذي مازال يعمل في هذه المهنة منذ عقود نقل اليهم هذا العمل منذ نعومة اظفارهم، لكن الشاب في ذورة الصيف يطلب المساعدة من اخرين. وكثير من المهن التقليدية في نابلس مثل صناعة الحلويات وغيرها تنتقل بين الاجيال بالوراثة.فغالبا بعض الاباء يحضرون ابناءهم للعمل في مهنهم منذ صغرهم.
ويحافظ بعض الباعة على زواياهم الخاصة منذ سنوات وبعضهم مثل ال شقدم جعل المهنة اكثر حداثة، فعيد ذاته تحول من البيع على عربة الى استئجار زاوية صغيرة في عمارة وسط المدينة.
ويحضر بائعو النقيع الخروب الخام من مناطق قلقيلية وطولكرم، وتنبت اشجار الخروب اضافة الى مناطق كثيرة في الضفة الغربية.
وفي مناطق السفوح الشرقية خاصة الشمالية منها يمكن ملاحظة بقايا غابات اشجار الخروب التي تناقص عددها بفعل الرعي والقطع الجائر.
لكن ايضا بيع عصير الخروب ليس مرتبط بالصيف كليا ففي بعض المواسم تباع العصائر المختلفة في عز الشتاء في رمضان، اذا صادف حلوله في فصل البرد.
[email protected]
أضف تعليق