كفر برعم هي قرية فلسطينية صغيرة تقع شمال الجليل الأعلى على بعد 4 كم جنوب الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وكان أهل القرية يعيشون بسلام بينما يعملون بحراثة أرضهم وحمايتها حتى سقطت بيد الإحتلال في 29/10/1948 حيث أصر أهلها حينها على البقاء في بيوتهم وفوق أرضهم ومواصلة حياتهم العادية, لكن وبعد مرور ثلاثة أسابيع ، أُمر الأهالي وبحضور وزير الأقليات بمغادرة قريتهم بشكل مؤقت وبضمانة رسمية لعودتهم إليها بعد أسبوعين، وترك الأهالي قريتهم إلى قرية الجش المجاورة.
رفعت نساء القرية الشراشف البيضاء لإعلان الإستسلام!
هذه الذكريات روتها لنا السيدة سارة خلول البالغة من العمر 77 عامًا، حيث قالت في حديث لها معنا:"كان عمري 12 عامًا عندما رأيت والدتي تقف جوار نساء الحي فوق سطوح البيوت ويرفرفن بشراشف بيضاء إعلانًا منهم على استسلام قريتنا للمحتل، لا أعتقد أنني كنت أعي ما حدث، لكنني أذكر كل ما رأيت، وبالفعل بعد أن استسلمت القرية وسقطت بيد الجنود تم نقل الصغار منها إلى مكان ما لم نعرفه ليبقى على أرضها عجائز القرية الذين لا خوف منهم نظرًا لسنهم المتقدمة، وبعد أسبوع احتكم الجيش على برعم فعاد الصغار.."
أبي...اختفى بعد يوم من الاحتلال!
تابعت:"بعد يوم من الإحتلال وصل عدد من الجنود إلى منزلنا وكبلوا أبي بالأصفاد وأخذوه معهم، لم نعرف ما السبب وراء اختيار أبي تحديدًا وغاب عنا دون أن نعرف أينه أو نطمئن عليه، وخلال غيابه وقلقنا المستمر عليه وتساؤلنا على إن كان ما يزال حيًا أو أنه قد مات، تم ترحيل نصف سكان القرية إلى لبنان، والباقيين، من ضمنهم عائلتنا، رحلت إلى الجش، دون أن نعي أين هو أبي!، وبعد شهور تسعة على اختفاءه عاد، ففرحنا به وكأنه عاد لنا من الموت، وبقينا معه نسكن في الجش دون أن ننسى برعم ولو ليوم واحد!"
عن مدى وعي أحفادها لجذور العائلة، قالت سارة:"إننا نزرع برؤوس أطفالنا أنهم من برعم، كما أننا نحتفل بأعيادنا في برعم ونزف أعراسنا في برعم كما أننا ندفن موتانا فيها، لذلك فإنني أعي تمامًا أنني سأعود إلى قريتي إن لم يكن خلال حياتي سأعود إليها ميتة...!"
[email protected]
أضف تعليق