في ذكرى ميلاه كان افتتاح متحفه، ضمن فعاليات الاحتفال بفعاليات يوم الثقافة الفلسطينية التي ربطت بميلاده، إنه متحف مختلف في كل شيء كما أراد شاعرنا محمود درويش أن يكون.
ومتحف محمود درويش هو صرح وطني لجميع أبناء شعبنا، وتأكيد على أن شاعرنا الوطني سيبقى دائما في ضميرنا نحمله جيلا بعد جيل، حفاظا على رسالته التي حملها وهي الحرية، حرية الوطن والشعب واستقلاله رغم كل الغزوات التي مرت عليه.
وتم البدء والتحضير لهذا المتحف منذ رحيل درويش، وأنه تم تأسيس مؤسسة محمود درويش لكي نؤسس البنية الصحيحة التي تحمي هذا المشروع الوطني.
وصمم المتحف وبني بأيدٍ فلسطينية خالصة، وصممه المهندس جعفر طوقان ابن الشاعر الكبير إبراهيم طوقان، وفيه مكتبة الكترونية ستكون متاحة لجميع الفلسطينيين، لافتا إلى أن المكان لن يكون محصورا بهذا المكان، وسيكون عنوانا للمؤسسة لتشجيع وتوفير الفرص أمام المبدعين الشباب.
مكتبة درويش ولعبة نرده أيضا
ويتضمن المتحف أيضا "المنبر الحر"، و"المسرح المفتوح"، و"مكتبة درويش"، حيث يحتوي أحد أركانه على مجموعة من قصائده خطها بيده، من بينها "حالة حصار"، و"على محطة قطار سقط عن الخريطة"، و"إلى شاعر شاب"، و"لاعب النرد"، وغيرها، إضافة إلى مجموعة قصاصات من بينها شهادة له، وهو في الصف الرابع الابتدائي، وقد حصل على تقدير "ممتاز" في جميع المواد، ورسالة إلى شقيقه أحمد في تموز من العام 1965، فيما يحتوي ركن آخر على نظارته، وساعته، و"بكرج القهوة"، وفنجانه، وعدد من أقلامه، وصور متنوعة من مختلف محتويات حياته.
وفيما يشبه الصالون، احتوى ركن آخر في المتحف على مكتبه، ومقعده، وأحد معاطفه، وسجادة، ومرآة، على ما يبدو كانتا في منزله، فيما عمت مقاطع صور لترجمات كتبه بكل لغات العالم، والجوائز العربية والعالمية التي حصل عليها، إضافة إلى قصائد وكتابات بخط يده تتغير الكترونياً، بطريقة "الديجيتال"، وربما "اللمس" أو ما يعرف بتقنية الـ"تتش"، في حين تعممت مقاطع من قصائده على أركان جدران المكان، بحيث يسكننا درويش، الذي لم يفارقنا أصلاً.
شقيق درويش يتحدث في ذكرى أخيه
أما زكي درويش، شقيق الشاعر الكبير، فقال في ذكرى ميلاد شقيقه الحادي والستين، والذي بات يوماً للثقافة الوطنية الفلسطينية: المشاعر مختلطة، ما بين الحنين والذكرى والألم على فقدان محمود، لكن السرور يعتمر قلبي على هذا الإنجاز العظيم، الذي تم تجهيزه في فترة قياسية عبر مؤسسة محمود درويش، وبدعم من الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء سلام فياض .. هذا الصرح فرح لكل فلسطيني.
وأضاف درويش: محمود غاب عنا قرابة أربعين عاماً، ولا أتذكر أننا احتفلنا سوياً بعيد ميلاده .. على ما أعلمه هو لم يكن يهتم كثيراً بهذا اليوم، ويتعاطى معه كأي يوم آخر، باستثناء استقبال التهاني .. في كثير من أعياد ميلاده كنا نهاتفه ونبارك له الذكرى، ونعبر له عن اشتياقنا له، وأمنياتنا بلقاء قريب فيه.
وكان فياض قال في كلمته خلال افتتاح المتحف، إن محمود درويش أسس لفلسطين مشروعها الثقافي الإبداعي، ونقش بحروف لغته الفريدة مشروع الوطنية الفلسطينية المعاصرة الذي أسس له وقاده الخالد ياسر عرفات، وبين راحتيهما وفي قلبيهما كما في حدقات عيونهما.
وأضاف: نلتقي مجدداً في رحاب سيد الكلمة وفارسها، وفي الذكرى السنوية لميلاده المتجدد، في حضرة الغياب، وغياب الحاضر المطل علينا من هذه التلة، نواصل رسالته ونحمل له شجرة لوز وسنبلة لنزرعها في ذاكرة المكان، واليوم وبحضوره الأبدي، نلتقي لا لنكرم ذكراه الحاضرة في شعبه دوما، بل لنتكرم به، ونجدد الوفاء لمشروعه الثقافي الوطني والتحرري، الذي قال: "لقد تجاوزت يا سيد الكلمة، بإبداعك وعذوبة روحك خيوط العبث وجدران العزلة الفكرية والثقافية، وانتصرت بإنسانيتك لإنسانيتنا، وأعدت صياغة فلسطين لتكون أم البدايات وأم النهايات، وكما لا يمكن فصل فلسطين عن تاريخها وابداعات شعبها، فإنه أيضاً لا يمكن عزل نهضتها المتجددة نحو الحرية والانعتاق عن أشعارك وكلماتك ومشروعك الثقافي المتجسد في وصيتك لشاعر شاب يواصل حمل رايته نحو الحرية والإنسانية الرحبة، أو لشابة ترسم رقصة الأمل، أو فلاح يحمي زيتون الأرض ويزرعها سنابل، لتتواصل رحلتك الممتدة من البروة الأولى في تيه التشرد وعنفوان التجدد والبحث عن الأمل، لتتواصل فصول الرواية التي لا تنتهي، بل تتجدد بجمال أكثر زهوا في هذه التلة التي تطل على مشارف القدس، كي تزهر فيها أشجار اللوز، وتحتضن ذكراك وميلادك، حضورك وغيابك، أشعارك وآمالك، لا بل آمال شعب مصمم على الحياة، والتي أعطيت لها ولكلماتها معنى جعل ما على هذه الأرض يستحق الحياة، يا سيد الكلمة وجمال فضائها".
وشدد رئيس الوزراء على أن "إنجاز هذا الصرح وإحياء شعبنا ومثقفي العالم لذكرى ميلادك، ويوم الثقافة الوطني، إنما يعني لأبناء شعبنا وللمشروع الثقافي الفلسطيني الشيء الكثير، فهو مكون أساسي من مكونات مشروعنا الوطني، وذلك لما تمثله يا محمود من رمزية خاصة لشعبنا ومشروعه الثقافي بكافة مكوناته، ولمسيرة شعبنا النضالية والكفاحية عبر عقود متصلة من المعاناة، والإصرار على صون هويته والتمسك بحقوقه كاملة، وصولاً بمشروعنا الوطني إلى نهايته المتمثلة أساساً في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا التي احتلت العام 1967 بكاملها، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس الشريف، وبما يمكن شعبنا من العيش بحرية وكرامة، كما أردت دوماً يا محمود، هذا ما يعنيه لنا هذا الحدث".
[email protected]
أضف تعليق