لقد تحدث مصاعب الحياة ،والتقاليد العربية الموروثة في ذلك الزمان ،كانت طموحة ،قوية وغير مترددة ،كان ذلك قبل اكثر من اربعة عقود ،حيث خروج الفتاة العربية القروية الى سوق العمل او التعليم وكأنه ضرب من المستحيل ،أم محمد لم تحتاج الى كثير من الجهد لتستحضر عطائها ومسيرتها المهنية على مدار 42 سنة في اشرف المهن وأنبلها "ممرضة"،وفي هذا الأسبوع الذي يصادف عيد المرأة العالمي خرجت ام محمد للتقاعد ،زوجها عطا ابو محمد وأحبائها وعيادة كلاليت اصروا جميعا على تكريمها بهذه المناسبة ،وكان ذلك في احد مطاعم المنطقة بالقرب من قرية المكر ،رقبتها عن قرب حيث كان الجميع منهمكين في تناول طعام الغداء على شرفها ،وكانت "متقلبة" وهذا طبيعي ،فتارة كانت ترقص وتعلو وجنتيها الابتسامة ،وتارة اخرى كانت العبرات تسيل على وجنتيها وكأني بها تتمرد لتقول "لن اتقاعد"...مراسل بكرا التقى بأم محمد ليستحضر معها مسيرة عملية في مهنة التمريض دامت لأربعة عقود ونيف ....
تحقق حلمي بعد جهد دراسي في زمن كان خروج الفتاة الى العمل او الدراسة في خانة " العيب"
تقول أم محمد:" مهنة التمريض مهنة شريفة جدا وفي نفس الوقت هي شاقة وصعبة للغاية ،منذ البداية وأنا في مقتبل العمر كان حلمي وأمنيتي ممارسة هذه المهنة ،وقد تحقق حلمي بعد جهد دراسي في زمن كان خروج الفتاة الى العمل او الدراسة في خانة " العيب" ،التحقت بمعهد التمريض في عام 1967 ،وبدأت بممارسة هذه المهنة التي استمرت على مدار 42 سنة ،في السنة الاخيرة قررت الخروج للتقاعد بعد ان شعرت بالتعب ،البداية كانت صعبة للغاية ،حيث كان من المهم التوفيق بين عملي وبين تربية الاولاد ،لكن شاء القدر ان تتحمل صديقتي ام عمر مسؤولية احتضان الاولاد وتربيتهم في ساعات دوامي ،لكن وبرغم ثقتي بأم عمر إلا انني كنت اشعر أن قلبي ينفطر وبالي مشغول في العمل على اولادي ،فكنت دائما حائرة وأسأل نفسي ؟ هل الاولاد جياع ،أم عطشى وما الى ذلك ،من جهة اخرى لا بد بهذه المناسبة من الاشارة ان نجاح مسيرتي العملية في التمريض ما كانت لتكون لولا دعم ووقوف زوجي عطا الى جانبي خلال هذه العقود الاربعة".
أناشد الشابات في مجتمعنا الخروج الى معترك الحياة وخاصة باب العلم لأن في ذلك عماد المجتمع
واضافت:" رغم ان زوجي كان مربيا في المدرسة الزراعية في الرامة الا انه كان دائم السؤال عن راحتي وسعادتي وكذلك كان يتحمل عبئا كبيرا في اعمال البيت وتربية الاولاد والسهر على راحتهم .... أم محمد لم تكن ممرضة عادية ،ويشهد على ذلك عدد كبير من اهالي قرية مجد الكروم ،ففي كثير من الاحيان كانت ام محمد تترك العيادة مهرولة الى احد البيوت" لتطبب " عاجزا او مريضا لا يقوى الوصول الى العيادة" ،وتتابع ام محمد :" حين بدأت مسيرتي التعليمية في عام 1967 كان غالبية اهل القرية يعملون في الفلاحة ،وهكذا والدي ،وكن بعض صديقات والدتي يوجهن اللوم لها حول خروجي خارج القرية للتعليم وكان هذا الامر في حينه شبه مستحيل لشابة قروية ،لكنني لم اتردد يوما وكنت واثقة الخطى بمسيرتي التعليمية مهما كان ،وأنهت أم محمد :خروجي للتقاعد ليس بالأمر السهل ،احيانا اقف مع نفسي وأتساءل :هل تعجلت في الخروج للتقاعد ؟؟ ،احن الى هذه المهنة واشعر انها جزء من حياتي وأحن الى زملاء العمل والعيادة ،لكن لكل بداية نهاية ،وفي النهاية أتمنى وأناشد الشابات في مجتمعنا الخروج الى معترك الحياة وخاصة باب العلم لأن في ذلك عماد المجتمع.
[email protected]
أضف تعليق