في خضم النضال ضد مخطط "برافر"، الذي سيؤدي إلى ترحيل 30 ألف مواطن عربيّ من أرضه وتجميعهم في مجمعات التركيز السكاني القائمة (البلدات مثل حورة وكسيفة وقرى مجلس أبو بسمة)، ومصادرة حوالي مليون دونم (سيتبقى للعرب فقط 90 ألف دونم)، أثار الموقف من إحدى العرائض الرافضة للمخطّط لكن نصّها فيه استناد على تقرير "جولدبرج"(الذي يرفضته القوى الوطنية وأهالي النقب)، والتي نشرتها مؤسّسة يهوديّة عالمية (أفاز)، جدلاً وتوترًا بين الناشطين في النقب وأحدثت بلبلة بينهم، خصوصًا بعد بيان لجنة المتابعة العليا الذي تراجعت فيه عن دعم هذه العريضة.
وأوصت بالرجوع إلى لجنة التوجيه لعرب النقب كمرجعية وممثل شرعي ووحيد في الموقف والعمل على هذه القضية المصيرية لإسقاط مخطط "برافر".
المتابعة: لجنة التوجيه هي المرجعية والممثل الشرعي
وجاء بيان المتابعة أنّه بعد الاتصالات لجنة التوجيه اتضح أن هناك التباس وقع بالأمر وذلك لوجود عريضتين يجري التوقيع عليهما، إحداها وضعتها لجنة التوجيه العليا لعرب النقب "ولم يكن نصها لدينا ولم تعرض في المواقع وإنما يتم التوقيع عليها ميدانيًا، وبعد أن اطلعنا عليها فإننا نرى في نص هذه العريضة نصًا مناسبًا ويمكن استمرار حملة التوقيع. أما العريضة التي نشرت في موقع "أفاز" فإننا نرى أنّه يجب التنسيق بين أي هيئة مدنية تعالج موضوع النقب مع لجنة التوجيه العليا حتى يتم ضبط الأمور وتفاديا للوقوع في أية أخطاء حتى لو من باب حسن النية". وطالبت اللجنة بالاستمرار في جمع التواقيع وأمِلَت أن تساهم هذه الخطوة في خلق ضغط على المؤسسة الإسرائيلية وان تساهم في حل مشكلة النقب.
الإشكالية الأساسية مع عريضة "أفاز"، التي جمعت حتى اليوم أكثر من 4000 توقيع، هي أنّها، رغم العديد من جوانبها الإيجابية، شملت جملة أثارت قلق أصحاب الأرض ونقاش المعنيين، حيث طالبت العريضة الحكومة بـالاعتراف بالقرى باالقرى غير المعترف بها وفقا لتوص يات "غولدبرغ"!، والمقصود طبعًا هو تقرير جولدبرج الذي دعا إلى اعتراف بعدد قليل من القرى غير المعترف بها، وجاء مخططط برافر الذي يفترض أن يطبق توصياته، وأجرى تعديلات على التوصيات ليزيد الأمر سوءا.
الزبارقة: بلبلة لا داعي لها!
وانتقد جمعة الزبارقة، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، في حديثه ل"فصل المقال" البلبلة الذي أحدثه من الموقف من عريضة "أفاز"، ورأى أنّه لا داعي لها، حيث "كان بالإمكان التشاور مع لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، حتى لا يتعرض أهلنا للتشويه، وعليه أصدرت لجنة المتابعة العليا بيانًا تُطالب فيه بتبني عريضة لجنة التوجيه". ويضيف "موقفنا، في لجنة التوجيه العليا، في التجمع أيضًا، أنّ على الدولة الاعتراف بالأراضي التي يُقيم سكان النقب عليها قبل النكبة، ونحنُ نطالب بالاعتراف بالقرى غير المعترف بِها، وبإرجاع الأراضي التي سُلبت منهم عنوةً منذ العام 1948 وحتى عام 1952".
من حارة لحارة: النشاط المكثّف والوحدة الضرورية
وحول النشاط الدائم لنصرة قضية النقب ورفض مخطط برافر يقول الزبارقة "نحنُ نكثف نشاطنا في النقب بشكلٍ كبير بهدف نشر الوعي والتأكيد على مطلبنا الأساسي بإبقاء كافة القرى العربية في النقب، والاعتراف بملكية أهلها الأصلانيين بالأرض، لجنة التوجيه العليا جمعت حتى الآن أكثر من 1200 توقيعًا والعمل مستمرٌ حتى الـ 18 آذار القريب.
لجنة التوجيه العليا متفقة على هدفٍ أساسي هو خطورة المخططات ضد عرب النقب، وضرورة التوحُد مِن أجلِ صدها، ولهذا تقوم جميع الأحزاب السياسية في الساحة بالتنقل مِن بلدة إلى بلدة ومن حارة إلى حارة لشرح مخطط برافر، والحصول على تواقيع ضد سياسة الحكومة، نحنُ نعوّل على صمود أهلنا لإفشال القانون، فهناك خطر حقيقي يمسنا جميعًا، القانون الذي نتحدث عنه قانون قاسٍ، ظالمًا إلى أبعد الحدود، لكننا نؤمن بأبناء شعبنا، وأنّ تصعيد النضال، سيتبعه انتصار لإرادة أصحاب الحق، إنّها "قضية وطنية بامتياز"، فالاحتياط الوحيد المتبقي مِن الأراضي للعرب، هو في النقب".
بن بري: إشكاليات رغم النوايا الحسنة
تعمل لجنة التوجيه العليا تعمل على كافة الشرائح في النقب بينهم المحامين، الإعلاميين، الأكاديميين، القيادات الحزبية ولجنة المتابعة العليا. وضمن النضال القانوني لمواجهة المخطط، يعمل طاقم محامين عرب من العرب تطوعًا لتقديم الاعتراضات، حصل على تمديد الموعد الذي كان من المفروض أن يكون في 16.02 إلى تاريخ 18.03، على أساس أنّ القانون لم يُترجِم للغة العربية، وهي اللغة الرسمية للنسبة الساحقة مِن مقدمي الاعتراضات، وعليه تمّ منحنا مهلة إضافية.
يعمل الطاقم بمشاركة جمعيات قانونية مثل مركز "عدالة" و"جمعية حقوق المواطن" وجمعيات اخرى منها جمعيات نسائية، لإعداد التقارير والعمل الدولي ولتقديم الاعتراضات.
يقوم المحامي شحدة بن بري، أحد أبرز المحامين في الطاقم، المحامين الأحد عشر، مع زملائه بجمع توقيع خطية على "عريضة الرفض"، لتقديمها للمحكمة العليا ويقول: "مهمتنا هي التوجه لجميع أهالي النقب في القرى غير المعترف بها وتلك المعترف بها، نطالبهم بالتوقيع على العريضة، احتجاجًا على مشروع قانون "برافر"، ورفضًا لتمريره وشرعنته في الكنيست، في المقابل هناك عرائض تنشرها جمعيات وأفراد بشكلٍ موسع وأيضًا رفضًا للمشروع.
لا نستطيع نحنُ كجهة مسؤولة في لجنة التوجيه العليا أن نتحكم بكافة المجموعة المجريات والعرائض، أعتقد أنّ هناك محاولات لاستغلال مبالغ فيه لأمور صغيرة من أجل مواجهة لجنة التوجيه وهو الجسم الوحيد الذي يتحرك داخل النقب خاصة أنه يجمع جميع الأحزاب الحركتين الإسلامية الشمالية والجنوبية والتجمع والجبهة، لذا فإنّ أي نشاطٍ لا ينطوي على جهةٍ ترتبط بلجنة التوجيه فإنها تُثير إشكالية، رغم النوايا الحسنة".
التعويل على وحدة الجماهير ونفس النضال الطويل
"بالمجمل اعتراضاتنا على المخطط هي اعتراضات إنسانية، تطالب الاعتراف بالقرى غير المعترف بها، وتُطالب بالاعتراف بحقنا بأرضنا بما في ذلك ضمان لمستقبلنا، وهناك اعتراضات حول خطورة القانون كونه قانون عنصري يشبه النظام العسكري!"، يقول المحامي بن بري ويضيف أنه لا يأمل خيرًا ولا ينتظر تحولاً إيجابيًا في موقف هذه الحكومة، فهي صماء، لا تُصغي لأي كلمة عربية، هي حكومة عنصرية، تنشُرُ مناخًا سياسيًا مشحونًا ضد العرب بصورة عامة، وضد الأقلية العربية الرازحة في النقب، ولا نتوقع منها الكثير، لكننا نعوّل على وحدة جماهيرنا العربية ونضاله وطول نفسه، إنها معركة بقاء طويلة الأمد، ويجب التحلي بالصبر والثبات والوحدة، ولا نُعطي للآخرين فرصة لشق صفوفنا. ويقول "مستعدون للمواجهة، أمامنا يوم الأرض، وسننتشر في المفترقات، وأيضًا نستعد لإحياء نكبة عرب النقب المستمرة، هذا يعني أنّ على عاتق لجنة التوجيه العليا وضع خطة نضالية تصاعدية".
أبو راس: نرفض غولدبرغ وبرافر كما نرفض المعارك الشخصية الجانبية والتخوين
وفي حديثه مع "فصل المقال" د. ثابت أبو راس اعتبر "أزمة" العريضة اختلاف في وجهات النظر وفي أسلوب النضال، ودور لجنة المتابعة هو حسم هذه الإشكالية، "لكنها للأسف الشديد غائبة، تاركةً النقاشات والخلافات تستعر"، وشرح الإشكالية بأنّ لجنة التوجيه العليا لعرب النقب دعت لمعارضة خططتي برافر وغولدبرغ، بينما هناك منظمات مجتمع مدني يهودية وعربية طالبت بالاعتراف بالقرى غير المعترف به (وهو الأمر الإيجابي الوحيد لغولدبرغ)، لكنها في المقابل، لم تشرح بما فيه الكفاية أبعاد غولدبرغ المسؤول عن معادلة (50% كتعويض)، حيث أنّ العريضة التي نُشرت في "أفاز" لم تذكر بتاتًا موقفها من غولدبرغ، لكن طريقة النشر أثارت هذا الالتباس، وبالمقابل حاول البعض اللعب بالمياه العكرة، مِن قبل أحد الأشخاص، الذي لا يمثّل بالتأكيد لجنة التوجيه لعرب النقب.
وقال: "أنا شخصيًا أرى أننا لا نستطيع أن نخوّن الموقعين على عريضة "أفاز" أو عريضة "لجنة التوجه"، لكن لن نقبل بالتأكيد ونحذّر من مغبة الوقوع في هذا الالتباس، فهناك تحفظات كبيرة على غولدبرغ، بينما نرفض مخطط برافر جملةً وتفصيلاً، لكن لا يجب بأي حالٍ من الأحوال تحويل المسألة إلى "تخوين"، ويبدو أنّ هناك معارك شخصية في النقب للأسف، وعليه فيجب على لجنة المتابعة أن تأخذ دورها، خاصة أنها الوحيدة الكفيلة بمنع هذه النقاشات ومنع الأخطاء، وبالتالي الحصول على الاعتراف بالقرى غير المعترف بها وانتزاع حق جميع أهالي النقب بالبقاء فوق أرضهم وصون كرامتهم".
ولخّص: نرفض غولدبرغ وبرافر، لكننا لا يجب أن نُشارك في معارك جانبية، تضيّع حقنا الأساسي بالحياة والأرض والكرامة.
المطالبة بافتتاح مكتب للمتابعة في النقب
ووجّه أبو راس دعوة صارخة للجنة المتابعة العليا ورئيسها محمد زيدان، طالبه فيها بالتواجد المكثف للمتابعة في النقب، عبر افتتاح مكتبٍ دائم، ويتم من خلاله متابعة قضايا عرب النقب.
وقال "إنّ المُخططات التي تُحاك ضد عرب النقب، وعلى رأسها مخططي "برافر" و"غولدبرغ"، أكبر بكثير مِن قُدرة إمكانيات أهل النقب".
يرى أنّ على الفلسطينيين في الشمال جميعًا مُناصرة العرب بالفِعل لا بالقول، عبر التواجد المستمر والنضال يدًا بيد إلى جانب عرب النقب المهددين بالتهجير، فمعركة نصف مليون دونم هي معركة كافة الجماهير العربية.
[email protected]
أضف تعليق