يتعرض المسيحيون بفلسطين التاريخية والقدس المحتلة على وجه الخصوص لحملة مسعورة من قبل المؤسسة الإسرائيلية التي باتت تستهدف -وبشكل علني- أمنهم وحضورهم وعقاراتهم ومقدساتهم وكنائسهم.
وانتقلت العصابات اليهودية تحت غطاء ما يسمى بـ"دفع الثمن" لممارسة إرهابها وعنفها ضد المقدسات ورجال الدين المسيحيين، وذلك بعد أن ركزت جل نشاطها في الأشهر الأخيرة على استهداف وإحراق المساجد والمقدسات والمقابر الإسلامية.
وكشف النقاب عن مخطط لبلدية الاحتلال لإقامة مركز تجاري وسياحي فوق أراض بمساحة أربعة دونمات تابعة لدير الأرمن في حارة الشرف بالبلدة القديمة، بالتزامن مع قيام جماعات يهودية باستهداف دير المصلبة التابع للكنيسة الأرثوذكسية وكتابة شعارات مسيئة للمسيحيين تتوعدهم بالقتل.
زرع الفتنة
ويرى أمين عام التجمع الوطني المسيحي بفلسطين ديمتري دلياني أن اتساع دائرة العنف وجرائم المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني وعقاراته ومقدساته المسيحية والإسلامية ما هي إلا نتيجة حتمية للسياسات الفاشية للحكومة الإسرائيلية التي توفر الغطاء القانوني والحماية للعصابات اليهودية التي تعتبرا ذراعا لها.
وأكد -للجزيرة نت- أن كل من هو غير يهودي بات مستهدفا من قبل العصابات اليهودية التي باتت المحور الرئيسي في المجتمع الإسرائيلي والمحرك لسياسات حكومة الاحتلال الاستيطانية والتهويدية.
وبين أن الاحتلال اعتمد سياسة فرق تسد وزرع الفتنة والتمييز ما بين المسلم والمسيحي في مسعى منه لضرب وحدة ونضال الشعب الفلسطيني، حيث ركز على استهداف العقارات والمقدسات الإسلامية، لكنه ومن وراء الكواليس عمل بشكل تدريجي لتطال أطماعه الكنيسة وعقاراتها.
العمل المشترك
وشدد على أن الاستهداف العلني والتصعيد الإسرائيلي ضد المسيحيين في القدس سببه أن الكنيسة تملك نحو 50% من العقارات في البلدة القديمة، ناهيك عن العمل الوطني المتواصل والمشترك بين المسيحيين والمسلمين للتصدي للاحتلال ومخططاته.
وعن طبيعة العلاقة الإسلامية المسيحية بالقدس، أكد دلياني بأنها تتسم بالانسجام والنسيج الاجتماعي المتين، رافضا أي تعامل بخصوصية ونظرة استثنائية للمسيحيين، موضحا أنهم أحد أهم مقومات المجتمع الفلسطيني.
وخلص إلى القول "كنا وما زلنا معا بخندق المقاومة، فدائما كانت مواقف وطنية للمسيحيين ضد الاحتلال ودائما يوجدون برأس الحربة للدفاع عن الأقصى وصد الاقتحامات، كما أن العديد من الأحزاب وفصائل المقاومة قادها مسيحيون ولا يزالون".
دائرة الاستهداف
وتسعى إسرائيل لتفريغ فلسطين وتحديدا القدس من المسيحيين وتحييدهم عن جوهر الصراع، لتروج للعالم أن الصراع هو ما بين اليهود والمسلمين دون أن يكون المسيحية علاقة به.
وشكل المسيحيون حتى النكبة عام 1948 قرابة 20% من الشعب الفلسطيني، وتراجعت نسبتهم لتصل اليوم إلى 2% من سكان فلسطين التاريخية.
وباتت الكنائس أكثر تمسكا بالعقارات والأراضي وتتصدى لأي محاولة إسرائيلية ويهودية لاستهدافها، وهذا يعود لنضوج الحركة الوطنية حيث يتم رفض التعامل والتعاون مع المؤسسة الإسرائيلية، وهذا ما جعل الكنيسة ومقدساتها وأملاكها بدائرة الاستهداف من قبل الاحتلال.
الوجود المسيحي
وقال غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث -بطريرك القدس وسائر فلسطين والأردن- إن الجرائم المتكررة التي ترتكبها مجموعات إرهابية يهودية بحق الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، تزيد من تمسكنا بحقوقنا وسياستنا بالمحافظة على الوجود المسيحي الأصيل بالقدس والأراضي المقدسة.
وأضاف غبطته -في بيان وصل الجزيرة نت نسخة منه- أن البطريركية باتت مستهدفة من قبل هذه المجموعات الإرهابية التي قامت قبل أقل من شهرين بارتكاب جريمة أخرى بحق كنيسة مار يوحنا المعمدان على ضفاف نهر الأردن.
ولفت إلى أن مسلسل الجرائم هذا يعكس إفلاس هذه المجموعات التي لجأت إلى العنف بحق الكنيسة ورجال الدين بعدما فشلت في ضغوطها لدفع المسيحيين على التعاون مع إسرائيل على حساب حقوقنا الوطنية والدينية في مقدساتنا وعقاراتنا المسيحية. "الجزيرة نت"
[email protected]
أضف تعليق