عرف العلماء المسلمون التصوف بأنه أحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، مثله مثل الفقه بتعاليم الشريعة الإسلامية،وعلم العقيدة والإيمان، فإن التصوف إهتم بتحقيق مقام الإحسان (وهو أن تعبد الله كأنه تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليه بالأخلاق الحسنة، وهو منهج استمد أصوله وفروعه من القران والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص.

ولكن وعلى مر السنين شرع الإنسان بالابتعاد رويدا رويدا عن طريق الهداية وذلك في غلوه في التقرب إلى الله بطرق وأساليب لا تمت للدين الإسلامي الحنيف، ومنها أمور محرمة وخارجة عن نطاق الشريعة الإسلامية ولها أحكام شرعية واضحة لا خلاف عليها، فقد نتج عن كثرة دخول غير المتعلمين والجهلة في طرق التصوف وما نتج عن ذلك من ممارسات خاطئة عرّضها في بداية القرن الماضي لهجوم المتعلمين في الغرب باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام.

وعلى ضوء هذا، فقد أجرى مراسل موقع "بكرا" لقاء خاص مع الشيخ زياد زامل أبو مخ، مدير الدائرة الإسلامية في وزارة الداخلية، والباحث في عالم التصوف، والذي يعمل حاليا على إتمام كتاب يقدم فيه شرحا موسعها عن الطريقة الصوفية.

ونطرح بين أيديكم أمور حساسة لم تناقش من قبل في التصوف، ورأي الدين فيها من منظور الشيخ الصوفي زياد زامل أبو مخ

"لا كرامات للأولياء، وكلها ترهات"

أكد الشيخ زياد أبو مخ أن كل ما يسمى بخوارق العادات والكرامات لا أصل لها، وقال: "يتذرع الصوفية بما يسمى كرامات الأولياء، فيحتجون ويتنمرون في وجهك عندما تنكر بعض الترهات ويضعونها تحت مسمى خوارق العادات، معتمدين على قصة الرجل الصالح فيما فعله مع موسى عليه السلام، فهذا الباب فتح على مصرعيه، وتسمع الترهات والخزعبلات والقصص الغريبة التي يرفضها ذوق المسلم الواعي الدارس للدين وأصوله".

"اليوم هناك العديد من المغالاة في التصوف وابتداع للتكاليف الشرعية"

وأضاف أيضا:" نحن نقرأ في كتاب الله، "ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها"، فهم يزيدون على أسماء الله أسماء من عندهم يتقربون بها إلى الله، فتكاليف الشريعة جاءت واضحة وملزمة، ولكن اليوم هناك إضافات وزيادات ما انزل الله بها من سلطان، كما ونرى اليوم انكباب على الحياة من العديد من الأشخاص الذين يسمون أنفسهم بالصوفيين، بالتصوف الحقيقي، هو أن يهرب المسلم ويبتعد عن المناصب، والتزهد عن الحياة، واليوم نراهم يريدون أن يكونوا صوفيين في الوقت الذي يعبد فيه المال ويعبد المنصب، وهذا ما ساعد أعداء الدين بأن يستغلوا هذا الضعف الذي جاء على حساب عقيدتهم وسلوكهم".

رأي الدين والصوفيين بتقبيل الأيدي

وعن تقبيل الأيدي قال الشيخ زياد أبو مخ " تقبيل الأيدي جاء في حالات، مثلا أن يقبل الابن يدي والديه، فهذا من مكارم الأخلاق، أو أن تجد عالما قد اسبغ عليك من علمه وفضله، فإكراما بجميله، أنت تقبل يديه، ولكن دون أن ينازعك أي شعور بعظمته، إما تقبيل أيدي بعض النساء لأيدي شيوخ الصوفية، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يعهد عنه انه مس امرأة لا تحل له، الأمر الذي نراه من بعض النساء".

الطبول والآلات الموسيقية في حلقات الذكر الدينية

وعن الطبول في حلقات الذكر، قال الشيخ زياد أبو مخ:" للذِكر هناك ضوابطه، وكل يوم يضاف إلى الذكر المسنون- وهي واردة في الأحاديث النبوية التي وردت ونعمل بها- ذكر مبتدع، فعندما إنا ابتدع ذكر لم يأتي به الرسول، وكأن هذا قصور يلحق بالرسول. فمهما عزمنا الهمم لن نصل إلى معشار ما وصل إليه الرسول في التقرب إلى الله والذكر والعبادة".

وأكمل قائلا:" موقع الشريعة من استخدام الآلات الوترية واضحة، فهي محرمة، ولكن يأتون أحيانا بالطبل والدف، مما يشوه جمال الذكر فالذكر يجب أن يكون هببته، وذلك بأن ينحصر الحال مع الله ودون قصد الإشهار أو التبدي إمام الناس بأنك ذاكر متبتل عابد، فالذكر يجب أن يصاحبه الرقة في العاطفة وخشوع في القلب وعقل محلق في أفاق الكون".

التبارك بمياه وضوء الشيخ الأكبر

وعن هذا الموضوع قال، الشيخ زياد أبو مخ:" المعادلة القاتلة، أن المنكر يراه الصوفي بأنه من جوهر الإسلام ولبه، إذ انه يحاكي شيخه فيما يفعل، حتى بلغ الأمر عندما غضبت غضبا شديدا على حالات السفور التي تقع على مرئ ومسمع من أهل الصوفية،قال لي احدهم، "لا ترهق أعصابك، فلو رأيت فتاة تلبس "المايوه" وشيخي راضي عن ذلك فهو حلال في نظري"، فإلى هذا الحد بلغ الأمر ولهذا السبب هناك تصنيفات منصفة للصوفية،فمن الصوفية الدعاة الذين يهتمون بجانب الشريعة، ومنهم من زادوا على ذلك بأنهم عرفوا الطريق والذين يبينون كيفية تطبيق الشريعة، ولكن الصنف الثالث والذي نطمح بأن يكون دائما وهو الحقيقة، فالداعي إلى الحقيقة يكون داعي للشريعة والطريقة، فيعمل إلى ما يدعوا إليه، فلا يكفي أن نكون نعرف التصوف، ولا أن نعرف كيفية تطبيقه، فيجب أن نعمل به، لان حقيقة التصوف قائمة على تعاليم الكتاب والسنة، ولكن أبناء الطرق الصوفية غالبا ما يتبعون شبرا بعد شبر بما يأتي به الشيخ دون الحيد عما أتى به والنظر بحقيقة الدين والإسلام، فيقول في ذلك العالم الإسلامي محمد الغزالي أن التصوف منجم، فإذا دخله صوفي غبي يرجع بكوفة من التراب، وإذا صوفي ذكي يرجع بأنفس الجواهر".

الشيخ الصوفي الأكبر والزواج

وعن موضوع الزواج، الشيخ زياد أبو مخ:" المشورة هي صفة محمودة، فأنت تلتمس عند رجل عاقل وتسأل عن أمورك، فهذا لا حرج فيه، وهذا كله تأسيسا على قوله تعالى لكن أن تتزوج فلانة أو تترك فلانة، يجب أن يكون قائم على مقاييس واعية، وليس على رموز وأحاجي غامضة لا يعرفها احد، مثل الاستناد على الأبراج، فتخيل بهذا التسطيح العقلي يقرر مصير فتاة!!، ويقر مصير فتى أراد الزواج من امرأة معتقدا فيها الصلاح والتقوى والرشاد، فهذا تعطيل واضح قاتل لسلوك الزواج القائم على الفكر المستنير،فالرسول صلى الله عليه وسلم حدد المعيار فقد قال ولم يذكر الأبراج الهوائية والنارية فهذه بدعة قاتلة آذت وأودت في كثير من الأحيان طريق الزواج".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]