تحدث الفتى محمود عمر فقيه (16 عاما) عن الإعتداء الوحشي الذي تعرض له من قبل جنود جيش الإحتلال بالقرب من القدس المحتلة، حيث ضرب بشكل مبرح بعد اعتقاله، وتسبب الجنود في تكسير ساقيه قبل نقله إلى المعتقل، وأصابوه بجروح وكدمات مختلفة، بعد اعتقاله جنوب رام الله.
وأكد الفتى أنه بينما كان متوجهاً برفقة أصدقاء له إلى منطقة الجدار في قرية بيت سوريك المجاورة لقريته، فوجئوا جميعا بجنود الاحتلال وقد نصبوا كميناً لهم.
وقال "قبض جنود الاحتلال عليّ وعلى اثنين من أصدقائي، وبمجرد إلقاء القبض عليّ طرحوني أرضاً على بطني وكبّلوا يداي للخلف بمربط بلاستيكي وشدوه كثيراً، وانهالوا عليّ بالضرب على مختلف أنحاء جسدي وعلى ساقاي بعصيٍّ سوداء وبأيديهم وأرجلهم، وكان أحدهم قبل ذلك أطلق عياراً معدنياً مغلفاً بالمطاط عليّ أصابني في ساقي اليسرى، وكنت أصرخ من شدة الألم، وأقول كسرت ساقاي، وقد استمروا بضربي على هذا النحو حوالي ربع ساعة".
ويضيف: "لم نعرف من أين جاء الجنود، وكانوا ملثمين، ومنهم من حضر من ناحية الجدار، منهم من يحمل مسدسات وآخرون يحملون صواعق كهربائية وعصي سوداء".
أجبروني على السير رغم كسر ساقي
ويتابع: "بعدها رفعني الجنود عن الأرض وأوقفوني، فوقعت لأني لم أكن أستطيع الوقوف على ساقاي من شدة الألم، فعاود الجنود ضربي على مختلف أنحاء جسدي وطلبوا مني الوقوف فلم أستطع، فكانوا يرفعونني ويطلبون مني السير، فأمشي قليلاً ثم أقع، ثم أمسك بي جنديان من كتفي وجراني حتى وصلنا الجدار، وهناك وضعوني على شارع معبد قرب الجدار وأخذوا يضربونني مرة أخرى حتى حضرت سيارة عسكرية أخذتني إلى أحد الحواجز العسكرية القريبة، أعتقد أنه حاجز بيت إكسا، لأن الجنود غطوا عينيّ بطاقية صوف كنت أرتديها على رأسي فلم أعد أرى شيئاً، ومكثت على الإسفلت لمدة ساعة تحت المطر وفي البرد الشديد وعيناي مغطاتان ويداي مكبلتان".
وقال: "نقلني الجنود بعد ذلك (من حاجز بيت إكسا) إلى مكان عرفت فيما بعد من المحقق أنه معسكر "عطاروت"، أجلسوني في العراء على الإسفلت، وأنا مكبل اليدين للخلف ومغطى الوجه بطاقية صوف، كان الجو بارداً، وكنت أجلس وساقاي ممدودتان للأمام رغم الألم الشديد، ويداي مكبلتان للخلف، ورأسي للأسفل، وكنت كلما حاولت رفعه صرخ على الجنود وطلبوا مني إنزاله، وكان ذلك متعِباً ومؤلماً جداً".
ويضيف الفتى فقيه: "مكثتُ على هذه الوضعية حوالي أربع ساعات، وكلما حاولت أن أغيّر وضعية جلوسي أو أنام على الإسفلت، كان الجنود يطلبون مني البقاء كما أنا".
وتحقيق وتهديد بالموت
ويقول:" أدخلت إلى التحقيق في حوالي الساعة الثانية عشر ليلاً، وسألني المحقق عن سبب توجّدي بالقرب من الجدار، وعند إخبار المحقق من قبل فقيه أن ساقيه تؤلمانه، قال له إنه سيذهب إلى الطبيب الذي سيقوم بلفهما بـ"شاش"، ومن ثم سيذهب إلى السجن".
وبعد الانتهاء من التحقيق الذي استمر حوالي ساعة، نُقِلَ الفتى فقيه إلى سجن "عوفر" قرب رام الله، وهناك رفض طبيب السجن لمسه أو استقباله بعد أن رأى حالته، فأخذه الجنود إلى المستشفى، بعد أن عصبوا عينيه بكيس نفايات بلاستيكي غير مستعمل.
يقول الفتى: "عندما وصلت عوفر كنت مكبل اليدين للأمام بكلبشات حديد، أنزلني الجنود من السيارة وأخذوا يجرونني جراً إلى طبيب السجن، كنت أتألم بشدة، طلبت منهم التوقف، فكان أحدهم وهو من داخل السجن يقول لي بالعربية "اسكت، وإلا سنضعك عند الكلاب".
تكبيل وحرمان من النوم في المستشفى
ويقول: "بعدها نقلت إلى مستشفى داخل القدس، عرفت من أحد العاملين هناك فيما بعد أنها مستشفى هداسا العيسوية، وقد وصل المستشفى صباح اليوم التالي لاعتقاله، ولم يكن وقتها قد تناول أي طعام أو استخدم المرحاض منذ ساعة اعتقاله، بالإضافة للألم في ساقيه".
ويقول: "في المستشفى كان معي جنديان من حرس الحدود، كانا يجرانني جراً كلما طلب مني التوجه للتسجيل أو لإجراء فحص أو تحليل، ومن ثم حضر طبيب كشف عن ساقيّ وطلب تصويرهما بالأشعة ليتبين وجود كسرين في ساقي اليمنى، حيث قام الأطباء بلفّها بالجبص، ووضعوني على سرير في إحدى الغرف، وأنا مكبل اليدين، وكان هناك جنديان من حرس الحدود يحرسانني، وكنت كلما حاولت النوم يقوم أحدهما بضربي، كما قال لي أحدهما بأني سأموت هنا، وسأذهب إلى السجن، عدا عن المسبات والشتائم".
في اليوم التالي لوجود الفتى فقيه في المستشفى لفّ الأطباء ساقه اليسرى بالجبص بعد أن تبين وجود كسر فيها أيضاً، وتناول في ذلك اليوم أول وجبة طعام منذ اعتقاله، وكانت من المستشفى، كما استخدم المرحاض بمساعدة أحد الممرضين.
عودة إلى سجن عوفر ومحاكمات
وعصر ذلك اليوم (ثاني يوم لوجوده في المستشفى) نقل الفتى فقيه إلى سجن "عوفر" برفقة ثلاثة جنود، بينهم مجنّدة، وقد تعرض للاعتداء من قبلهم أثناء إدخاله السجن قبل تسليمه، وأُجبر على السير حوالي 30 متراً قبل أن يصل القسم، رغم إخباره الجنود أن الأطباء طلبوا منه عدم السير على ساقيه لمدة 12 ساعة على الأقل حتى يجف الجبص جيداً.
ويقول: " أحد الجنود على صدري بقبضة يده وكانت ضربة قوية، بينما شدتني المجندة من شعري، وأجبروني على السير على قدميّ رغم أخباري لهم أنني ممنوع من ذلك من قبل الأطباء".
مكث الفتى فقيه في قسم الأشبال في سجن عوفر 16 يوماً، عرض خلالها على المحكمة خمس مرات، وكان يُنقل إليها بواسطة كرسي متحرك وسط استهزاء السجانين وسخريتهم، وفي الجلسة الخامسة أفرج عنه بكفالة ثلاثة آلاف شيقل حتى يحين موعد المحاكمة".
[email protected]
أضف تعليق