تقرير مدى الكرمل للرصد السياسي يرصد اتساع نزعة تقييد الحرّيّات السياسيّة وحرّيّة التعبير عن الرأي والمعتقدات في إسرائيل؛ ويراجع السياسات الحكومية تجاه المواطنين العرب البدو في النقب منذ العام 2005
يتمحور تقرير الرصد السياسي الخامس عشر الذي صدر هذا الأسبوع عن مدى الكرمل (المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية )، والذي يوثق للفترة تمّوز-آب- أيلول 2011، حول ظاهرة اتساع نزعة تقييد الحرّيّات السياسيّة وحرّيّة التعبير عن الرأي والمعتقدات في إسرائيل في الأشهر الأخيرة. ويرى ان هناك تحولاً كبيرًا في مضامين هذه النزعات وأهدافها.
فبعد أن كانت معظم القيود موجَّهة لتقليص هامش العمل السياسيّ للأحزاب العربيّة والمواطنين العرب، نجد أنّ الوجهة في الأشهر الأخيرة تتّجه صوب توسيع دائرة تقييد الحرّيّات وهامش العمل السياسيّ، كي تشمل كافّة المواقف السياسيّة والآراء التي لا تنضوي تحت الإجماع الإسرائيليّ المهيمن، بواسطة سن قوانين في الكنيست.
أي قوننة كم الأفواه لكافة المواقف التي لا تنسجم تماما مع الإجماع الصهيوني اليميني المحافظ. من بين تلك المحاولات: إسكاتُ الأصوات الداعية إلى فرض عقوبات سياسيّة على إسرائيل ودعوات مقاطعة لدولة إسرائيل او مقاطعة المستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة ومنتجاتها والمقاطعة الثقافيّة والأكاديميّة بواسطة سن "قانون منع المساس بدولة إسرائيل بواسطة المقاطعة 2011".
كذلك، يخلص التقرير، أن ثمّة محاولة لإسكات ما تبقّى من أصوات ديمقراطيّة يساريّة تحترم حقوق الإنسان والتي تعتبر "نشازًا" في عرف الإجماع الصهيونيّ، تصدر من جمعيّات ومؤسّسات غير حكوميّة، عن طريق اقتراح إقامة لجان تحقيق مع الجمعيات الأهلية اليسارية.
يضاف إلى هذا محاولة للتأثير على الجهاز القضائيّ، لا سيّما المحكمة العليا، بصيغة محاولة لتسييس عمليّة تعيين القضاة وإخضاعهم لمعايير سياسيّة واختبار مواقف ومبادئ في لجنة القانون والدستور في البرلمان الإسرائيليّ.
فعلى الرغم من التزام المحكمة العليا بقواعد اللعبة المتّفَق عليها إسرائيليّا، وبضوابط العلاقات مع مؤسّسات السلطة الأخرى، وعدم رفضها الخطاب الأمنيّ القوميّ في إسرائيل، ما زال التيار اليمينيّ المحافظ يعتبرها مؤسّسة ليبراليّة ينبغي إخضاعها -كسائر السلطات في إسرائيل- للخطاب "الصهيونيّ الجديد".
كما يتابع التقرير نتائج استطلاع "مؤشر الديمقراطية في إسرائيل للعام 2011" ويستنتج أن هناك توافقًا بين سياسات الحكومة وعمليات التشريع وبين مواقف غالبية الجمهور الإسرائيلي، ويقول معد التقرير، الباحث امطانس شحادة، "يخطئ من يعتقد أنّ حصيلة سياسات السلطة التشريعيّة والتنفيذيّة تعكس حالة غربة بين الأحزاب السياسيّة وقواعدها الشعبيّة، أو بينها وبين الجمهور العامّ. هذه الحصيلة ليست استثناء، بل هي تعبّر عن إجماع شعبيّ في المجتمع الإسرائيليّ، كما ينعكس في مؤشّر الديمقراطيّة للعام 2011 الذي نُشر في أيلول المنصرم.
القسم التحليلي من التقرير، تناول مساعي الدولة إغلاق ملفّ المواطنين العرب في النقب (أو -كما يسمَّى إسرائيليّا-: "ترتيب استيطان العرب البدو في النقب"، عن طريق فرض خطّة استيطان غير مقبولة على المواطنين العرب في النقب، "خطّة برافير- غولدبيرغ".
ويقوم التقرير بمراجعة السياسات الحكومية تجاه المواطنين العرب البدو في النقب منذ العام 2005 ويستنتج انه "بات واضحًا أنّ الهدف الأساس لسياسات الحكومات المتتالية هو طرد السكّان العرب البدو من أراضيهم. على وجه التحديد في القرى غير المعترف بها، ونقلهم إلى التجمّعات السكّانيّة المعترف بها، وهو ما يعني سيطرةَ الدولة على أوسع مساحة ممكنة من أراضي العرب في النقب، وتجميعَهم في أقلّ مساحة ممكنة من الأرض".
فمنذ العام 2005، أُلْقِيَت معالجة "مشكلة البدو" على عاتق مجلس الأمن القوميّ، المجلس الذي يرى في المجتمع البدويّ تهديدًا للدولة، والذي عَرَّفَ المجتمعَ البدويّ في النقب على أنّه "مادّة متفجّرة" تكمن بداخلها طاقة لمواجهة عنيفة.
[email protected]
أضف تعليق