حذر مسؤولون سياسيون ودينيون فلسطينيون من تنامي الاعتداءات على خلفية عنصرية والتي يرتكبها متطرفون يهود ضد أماكن عبادة ومقدسات إسلامية ومسيحية كان آخرها الاعتداء الذي وقع فجر اليوم على دير المصلبة التابع للكنيسة الأرثوذكسية – جنوب غرب البلدة القديمة من القدس، وكتابة شعارات مسيئة للمسيحيين و تهديدات بالعنف، إضافة إلى إلحاق أضرار مادية بمركبتين تابعتين للدير، واصفين ذلك بأنه "نقلة نوعية" في هذه الاعتداءات.
التجمع الوطني المسيحي
وحمّل ديمتري دلياني أمين عام التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن ما وصفه ب"العمل الإرهابي" الأخير، مشيراً إلى أن ازدياد عدد الجرائم العنصرية التي يقوم بها المستوطنون هي انعكاس لفاشية حكومة إسرائيل التي توفر الحماية الجسدية و القانونية لعصابات الإرهاب اليهودي. مضيفا أن الهجمات الإرهاب اليهودي ضد المسلمين و المسيحيين و أماكنهم المقدسة تشكل قاعدة للمطالبة بحماية دولية.
و أشار دلياني إلى أن دير المصلبة يحمل أهمية دينية كبيرة حيث يكتسب اسمه من الشجرة التي كانت مزروعة مكانه و أخذ منها خشب الصليب الذي صُلب عليه المسيح، بالإضافة إلى تاريخه العريق حيث تم بناء هذا الدير الواقع على بعد ثلاثة كيلو مترات جنوب غرب أسوار البلدة القديمة في القرن الخامس الميلادي و توالت عليه وفود الحجاج و العلماء و الشعراء من شتى أنحاء الأرض.
يأتي هذا الاعتداء على المقدسات وأماكن العبادة المسيحية في القدس، بعد أن كانت سجلت خلال الأعوام القليلة الماضية سلسلة اعتداءات نفذها متطرفون يهود وطالت رجال دين ورهبان، كانوا تعرضوا للبصق والشتائم وإهانة الصليب، دون أن تتم ملاحقة أو معاقبة المعتدين.
وفي هذا يقول دلياني، أن جرائم الاعتداء الجسدي على رجال الدين المسيحي من قبل متطرفين يهود في مدينة القدس المحتلة لا تخرج عن سياق جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا و سعي غالبية قوى المجتمع الإسرائيلي لتهويد القدس و القضاء على كل ما هو و من هو غير يهودي فيها. مشدداً على أن تجسيد سياسة الاحتلال العنصرية و الفاشية تجاه الشعب الفلسطيني و المقدسيين خاصة يأتي على أيدي أذرع الحكومة المختلفة مثل الشرطة و ما يسمى بالبلدية و غيرها، بالإضافة إلى "زعران" المستوطنين و بلطجيتهم و تنظيماتهم الإرهابية التي تحظى بحماية الأمن الإسرائيلي.
وأضاف دلياني أن هذه الجرائم التي تستهدف رجال الدين المسيحي الذين يعتبرون أحد رموز الوجود المسيحي الأصيل في القدس و أحد مكونات هويتها الدينية و الحضارية و الثقافية، تزداد بشكل ملحوظ في مواسم الأعياد و تحت أعين كاميرات الاحتلال و مرأى جنوده ، و لغاية اليوم لم نسمع انه تم إلقاء القبض على أي من هؤلاء المجرمين لتؤكد دولة الاحتلال مرة تلو الأخرى أنها راعية الإرهاب اليهودي في الأراضي الفلسطينية.
حركة فتح: الكنائس بعد المساجد
بدوره قال حاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس في حركة فتح، أن الاعتداء الجديد على دير المصلبة يأتي بعد استهداف مسجد عكاشه في القدس الغربية، ما يعني أن أماكن العبادة للفلسطيني سواء كان مسلما أم مسيحيا باتت في خطر شديد، محذرا من أن تقود هذه الاعتداءات التي لا توليها السلطات الإسرائيلية اهتماما إلى مس بالمسجد الأٌقصى، علما بأن جزء من منفذي هذه الاعتداءات ينتمون إلى ذات الجهات المتطرفة التي تقتحم الأقصى يوميا تحت مسمى السياحة الأجنبية.
المفتي العام: الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية
بينما حمل الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن الاعتداءات على أماكن العبادة من مساجد وكنائس. وقال:" يتهموننا بالتحريض ومعاداة السامية.. إذن ماذا يسمون هذه الاعتداءات المنظمة على أماكن العبادة؟ هل تندرج في إطار حرية التعبير والرأي؟
وكان المفتى ذاته تعرض مؤخرا لحملة واسعة من التحريض قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية تصريحات أدلى بها، وتم إخراجها من سياقها، في وقت أوعز فيه نتيناهو للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بفتح تحقيق جنائي مع المفتي على خلفية تلك التصريحات.
هيئة العمل الوطني: نقلة نوعية في استهداف المقدسات
بدورها وصفت هيئة العمل الوطني الاعتداء على دير المصلبة بأنه نقلة نوعية في الاعتداءات التي ينفذها متطرفون يهود ضد أماكن العبادة، والتي تواصلت مع مطلع هذا العام، وكان آخرها محاولة إحراق مسجد في النبي صالح بمحافظة رام الله، والاعتداء الذي استهدف الربع الأخير من العام الماضي مسجد عكاشة التاريخي في القدس الغربية.
كما نوهت الهيئة إلى حقيقة أخرى مفادها أن مرتكبي هذه الاعتداءات مسؤولون أيضا عن عشرات أعمال التنكيل والمس الجسدي بمواطنين مقدسيين مطلع هذا العام والعام الماضي، ومن أخطرها الاعتداء على حياة الشاب حسام الرويضي ما أفضى لاحقا إلى استشهاده، دون أ، تتخذ إجراءات رادعة بحق المعتدين الذين واصلوا ارتكاب جرائمهم.
الأقصى للوقف والتراث: 70 اعتداء العام المنصرم
وكانت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث رصدت حتى نهاية العام المنصرم 2011، نحو 70 اعتداء من قبل متطرفين يهود على مقدسات في الداخل الفلسطيني وفي مناطق القدس والضفة الغربية، شملت إحراق 8 مساجد، ومحاولة إحراق آخر، وثلاث عمليات عدم لمساجد، وثلاثة عشر تدنيسا لتلك المساجد، وثلاثة اعتداءات على مقدسات مسيحية، وتسعة اعتداءات على مقابر من أبرزها الاعتداء على مقبرة مأمن الله الإسلامية التاريخية في القدس الغربية، حيث جرفت مئات القبور، إضافة إلى أعمال تدنيس وتخريب ككتابة شعارات مسيئة للعرب والمسلمين وللنبي محمد عليه السلام.
رواية الناطقة باسم الشرطة
وفي روايتها للاعتداء على دير المصلبة قالت لوبا السمري الناطقة باسم الشرطة لوسائل الإعلام العربية:" خلال ساعات الليلة الماضية في منطقة وادي الصليب الواقعة جنوبي مدينة القدس وعلى أسوار دير وادي الصليب رشت ورسمت عبارات "دفع الثمن- تاج محير" وعبارات أخرى مسيئة للمسيحية. وقام "الفاعلون" أيضا بإحداث أضرار طفيفة لمركبتين كانتا مركونتين في المكان، وقد باشرت شرطة لواء القدس - منطقة موريا بأعمال التحقيق في الحادث، فيما التحقيق لا زال مستمرا".
نهب ممتلكات الأديرة
وفيما نسبت هذه الاعتداءات إلى منظمة يهودية متطرفة تنشط في دفيئات التطرف بالمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وتمهر اعتداءاتها بتوقيع"تاج محير- جباية ثمن"، فإن المس بممتلكات تعود لأماكن عبادة وأديرة نسبت إلى مؤسسات رسمية إسرائيلية، من ذلك استهداف أراض مملوكة لدير الأرمن في البلدة القديمة من القدس من قبل البلدية لغرض إقامة أبنية على أرض كانت تستخدم حتى الآن كموقف للسيارات.
وردا على سؤال لموقع "بكرا" أكد ديمتري دلياني أمين عام التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ، أن حكومة الاحتلال عملت على منع أية مشاريع تطويرية تقدم بها الدير منذ عام 67 و ذلك تمهيداً للاستيلاء عليها و تحويلها إلى مشروع استيطاني، و أضاف: "إن التجمع الوطني المسيحي و من خلال لجنته القانونية، يعمل على دراسة حيثيات الموضوع التي لا تزال كثير من جوانبه غير واضحة ، لكن الشيء الواضح تماماً هو أن أبناء الرعية الأرمنية وأهالي القدس عامة يرفضون هذا المشروع غير الشرعي و سيتم الإعلان عن خطوات احتجاجية مقاومة لهذا المشروع فور انتهاء اللجنة القانونية من دراسة الملف.
[email protected]
أضف تعليق