قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته، اليوم الأحد، إن السياسات الإسرائيلية المتعلقة بإجراءات إقامة الفلسطينيين أدت إلى الحرمان التعسفي لآلاف الفلسطينيين من القدرة على الإقامة والسفر إلى ومن الضفة الغربية وقطاع غزة.

وشدد التقرير أنه على إسرائيل أن تكف فوراً عن حرمان الفلسطينيين من الإقامة وعن إلغاء إقامتهم، ومعهم أقاربهم، ذوي الصلات العميقة بالضفة الغربية وقطاع غزة، وأن تكف عن الحظر المعمم على النظر في طلبات الإقامة المقدمة منهم.

ويصف التقرير الذي حمل عنوان: "انسوه، فهو ليس هنا" الذي جاء في 90 صفحة، الاستبعاد القسري من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي لمئات الآلاف من الفلسطينيين منذ عام 1967 ويوثق أثر هذا الاستبعاد المستمر على الأفراد والعائلات، والطريقة التي يمارس بها جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على سجل السكان الفلسطينيين – وهو قائمة من الفلسطينيين الذين يعتبرون سكاناً شرعيين للضفة الغربية وقطاع غزة – أدت إلى الفصل بين أفراد الاسر وفقدان الأفراد لوظائفهم وفرصهم التعليمية، ومنع الأفراد من دخول الأراضي الفلسطينية، وحبس آخرين داخلها، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

سارة ويتسن: سياسات إسرائيل حولت حياة الفلسطينيين جحيم

وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن في البيان: "لم تعرض إسرائيل مطلقاً منطقاً أمنياً واضحاً كسبب للسياسات المعممة التي جعلت حياة الفلسطينيين جحيماً، أولئك الذين تعتبرهم إسرائيل سكانا غير شرعيين وهم في ديارهم. السياسات القائمة تؤدي إلى تقسيم الأسر وحبس الأفراد على الجانب الخطأ من الحدود، في غزة والضفة الغربية، وعلى إسرائيل أن تراجع هذه السياسات وأن تنظر في طلبات لم شمل الأسرة، بحيث يتمكن الفلسطينيون من العيش مع أسرهم أينما شاءوا".

وقال التقرير إنه في حالات عديدة، أدت التغيرات التعسفية في السياسات إلى تقسيم الأسر، وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي رفضوا دخول فلسطينيين من غزة، إلى الضفة الغربية، حتى رغم أنهم سبق وكانوا يعيشون هناك أو لهم أقارب مقربين في الضفة الغربية، أو أزواج أجانب، مع حرمان الناس المقيمين في الضفة من معاودة الدخول بعد عودتهم من الخارج.

إسرائيل تمنع من سافروا إلى الخارج من العودة

وبين التقرير أن إسرائيل حجبت من السجل آلاف الفلسطينيين الذين سافروا وأقاموا في الخارج لفترات طويلة من عام 1967 إلى 1994، فعلت هذا مع 130 ألف فلسطيني من الضفة الغربية، مما أدى لمنعهم من العيش في الأراضي الفلسطينية بصفة المقيم الدائم الشرعي. تم إجراء دراسة مسحية في عام 2005 لصالح منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، قدرت أن أكثر من 640 ألف فلسطيني من الضفة الغربية وغزة لهم أب أو أم أو أخ أو أخت أو أبن أو أبنة أو زوج أو زوجة غير مسجلين.

كما ضيقت إسرائيل من قيودها بحسب التقرير على إقامة الفلسطينيين في أيلول 2000، مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ومنعت الفلسطينيين الذين لم تسجلهم كسكان في الضفة الغربية من الدخول إليها، وبالمثل منعت الفلسطينيين غير المسجلين من دخول غزة، حيث تسيطر تماماً على جميع المعابر الحدودية مع إسرائيل ومصر، حتى عام 2005.

وكذلك منذ عام 2000، رفضت إسرائيل بحسب التقرير النظر فيث طلبات التسجيل والإقامة المقدمة من فلسطينيين غير مسجلين، وأزواجهم وزوجاتهم وأقاربهم المقربين، حتى وإن كانوا يقيمون في الضفة الغربية أو غزة لسنوات ولهم عائلات وبيوت وأعمال وروابط أخرى هناك.

منع التنقل بين الضفة وغزة

ومنعت إسرائيل من الدخول للضفة جميع الفلسطينيين تقريباً المسجلين كسكان في قطاع غزة، ورفضت السماح للفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية، والمسجلين في غزة، بتغيير عناوينهم المسجلة إلى الضفة الغربية، وهناك نحو 35 ألف "غزاوياً" دخلوا وأقاموا في الضفة الغربية باستخدام تصاريح مؤقتة انتهى مفعولها، طبقاً للسجلات العسكرية الإسرائيلية، بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، فهم يعتبرون الآن "متسللون" غير شرعيين، في ديارهم.

ولفت التقرير إلى أنه منذ عام 2000، أصبح الفلسطينيين غير المسجلين الذين سافروا إلى الخارج يُمنعون بشكل ممنهج من العودة كلما حاولوا العودة إلى الضفة الغربية، ومن بقي داخل الضفة الغربية يصبح تحت رحمة الجنود في نقاط التفتيش، الذين احتجزوهم في بعض الحالات بتهمة الإقامة في الضفة بصفة "غير مشروعة".

وبين التقرير أنه بين عامي 2007 و2009، فصلت إسرائيل في نحو 33 ألف طلب تسجيل، فيما وصفته بأنه مبادرة سياسية إيجابية في سياق محادثات السلام مع السلطة الفلسطينية، وفي عام 2011، سمحت لحوالي 2800 فلسطيني مسجلين كسكان في غزة بتغيير عناوينهم إلى الضفة الغربية. هذه الخطوات لم تؤد إلى معالجة التأخر في نظر الطلبات.

وقالت سارة ليا ويتسن: "على إسرائيل أن تسمح للفلسطينيين بأن يعيشوا في بيوتهم مع أسرهم، وأن يتنقلوا بحرية، وألا تتعامل مع سيطرتها على أين يقيم الفلسطينيون كورقة مفاوضات سياسية".

إسرائيل تواصل السيطرة على سجل سكان غزة أيضا

وقال التقرير إن إسرائيل تستمر في السيطرة على سجل السكان الخاص بسكان قطاع غزة، سنوات بعد أن سحبت قواتها البرية ومستوطناتها من هناك. منذ عام 2000 على سبيل المثال، حرمت إسرائيل فلسطينيين غير مسجلين من دخول غزة، وكانت تسيطر عليها بالكامل حتى عام 2005، وما زالت تسيطر إلى حد بعيد على حدودها حتى بعد أن تولت حماس السيطرة على السلطة في القطاع في عام 2007، أثناء تلك الفترة مر الآلاف من الفلسطينيين غير المسجلين – وكذلك أزواج وزوجات لمقيمين في غزة ولدوا في الخارج – من الحدود الإسرائيلية دون تصاريح عسكرية إسرائيلية، وذلك في العادة باستخدام الأنفاق تحت الحدود مع مصر – من أجل لم شمل الأسرة. الفلسطينيون غير المسجلين لا يمكنهم الحصول على بطاقات هوية أو جوازات سفر، وهي مطلوبة للسفر إلى الخارج. يُقدر أن 12 ألف شخص على الأقل من هذه الفئة يقيمون في غزة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "على إسرائيل أن تنشئ نظاماً فعالاً يستند إلى احترام حقوق الإنسان للفصل في طلبات الفلسطينيين الخاصة بالإقامة بشكل فردي، ومنهم من حرموا بشكل غير منصف من الإقامة القانونية، بما يمكنهم من الحصول على حق الإقامة والحقوق التي تستتبعه".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]